صلاح الدين عووضة

خضراء !!

*ماذا نكتب ؟… وأي حيرة هذي ؟!..

*فهنا كانت الإشارة خضراء حتى الأمس القريب… ثم (قلبت) اليوم إلى حمراء..

*وهناك كانت حمراء… فأضحت الآن خضراء..

*وما بين هنا… وهناك… وما بينهما… إشارات صفراء ؛ بمثابة الرعي حول الحمى..

*وما يعتمل في النفس قد يُكبت… كما يُكبت الغيظ..

*ويونس النحوي يحار صبيه كيف يتعامل معه ؛ لغوياً… فإشاراته الحمراء كثيرة..

*فرأى يوماً أن يؤثر السلامة في الصفراء..

*وذلك حين طرق الباب أخٌ ليونس… وكان لا يسمح بإدخال أحد إليه دون إعلامه..

*فوقف أمامه الصبي يهمهم… ويغمغم… ويجمجم..

*ثم قال وهو يحك رأسه عند الإشارة الصفراء ( إن أخوك… أخاك… أخيك بالباب)..

*وضحك يونس حتى بانت نواجذه… ونجا الصبي من (النواجذ)..

*ولكن هنالك من لا يضحك للإشارة الصفراء… ولا تظهر نواجذه إلا لتعض..

*مع ملاحظة أن النحوي لم يكن يفرض على صبيه الخطأ..

*لم يكن يقول له : ما من أخضر إلى ما أراه أنا صواباً… وما عداه فهو أحمر..

*وصدام حين قرر غزو الكويت جمع وزراءه لاستشارتهم..

*أو ربما العبارة الصحيحة : جمعهم من أجل إخبارهم… فأمثاله لا يستشيرون..

*وفهم الوزراء أن الإشارة التي أمامهم ذات لون واحد..

*وهو الأخضر ؛ بمعنى : سمعاً وطاعة يا ريس… فأنت (أفهم) منا في كل شيء..

*ولكن واحداً منهم لم يفهم… أو (فهم) أن رأيه قد يكون مفيداً..

*فقال بكل أدب : سيدي…. أرى إننا سنفتح على أنفسنا أبواب جهنم بلا داعٍ..

*وما درى المسكين أنه (قطع) الإشارة الحمراء..

*ففتح على نفسه باب جهنم (الحمراء)… وأردته رصاصة من مسدس (المهيب)..

*وليبيا الإشارات نحوها كانت خضراء أيام عبد الناصر..

*فيسلكها كل رأي مادح لها… ولزعيمها… ولسياساتها… ولعداواتها… ولكتابها (الأخضر)..

*ثم صارت حمراء في عهد السادات… وليشتم كلُ من كان يمدح..

*ليمدح… أو ليصمت ؛ وغير مسموح حتى بحيلة صبي يونس..

*وتحول القذافي من الزعيم ذي العبقرية إلى الزعيم ذي (القصرية)… لا مؤاخذة..

*فهكذا كانت تصوره رسومات الكاريكاتور… وقتذاك..

*فالزعيم يقرر ولا يستشير… ولا راد لقوله… وشعاره : ما أريكم إلا ما أرى..

*لا برلمان… لا شورى… لا استشارات… ولا حرية (إشارات)..

*ورئيس أقوى دولة في العالم تحاصره الإشارات المتقاطعة الآن… من كل جانب..

*ثم لا تنتقص من قوتها… ولا هيبتها… ولا مكانتها ؛ ولا هو..

*بل العكس ؛ فهي عظيمة الآن بفضل تداخل الإشارات… وصولاً إلى الخضراء..

*والآن تتداخل أمامنا الإشارات… فلا ندري أي أيها نعبر..

*اللهم إلا أن نفعل مثل صبي يونس (إن أخاك… أخوك… أخيك…. لدى الباب)..

*أو ذاك الذي قطع بعربته الإشارة حمراء… وقد رآها خضراء..

*وعند إيقافه وُجد تحت تأثير (الخضراء !!).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى