اسحق فضل الله

أبواب الخشب في مكتب معتز تستبدل بالحديد

> السيد معتز/ رئيس الوزراء
> أيام الحرب العالمية والفرنسيون الذين يضيق بهم الحال.. وتتطاول بهم الحرب يسألون سائق وزير الدفاع كل يوم
> بيير.. متى تنتهي الحرب يا بيير؟.. هل قال الوزير شيئاً ؟
> وبيير ينفي أن الوزير قال شيئاً
> ويوماً يسألونه
> أما قال الوزير شيئاً
.. أما قال الوزير متى تنتهي الحرب يا بيير؟
> وبيير يقول
> نعم.. الوزير قال لي شيئاً
> ويسألونه في لهفة
> ماذا قال الوزير.. هل قال متى تنتهي الحرب يا بيير؟
قال: نعم.. الوزير قال لي.. بيير.. متى تنتهي الحرب يا بيير؟
> الأستاذ معتز
> الناس كل صباح يسألوننا
> أستاذ.. متى تنتهي الأزمة يا أستاذ
(2)
> أستاذ معتز
> ما هو أسوأ ألف مرة من الأزمة.. يكاد.. ثم يكاد
> والأجواء الآن تقول إن عملاً عنيفاً محسوباً مثل لمسات مشرط الجراح هو عمل سوف يقع حتماً في الأيام القادمة.. عمل تقوم به الدولة
> أو..
> أن عملاً عنيفاً مجنوناً مثل طعنة الخنجر تقوم به العامة في الفترة القادمة
> وما يطلق هذا أو هذا ليس هو الأزمة
> ما يطلق هذا هو أسلوب غريب تتعامل به الدولة
> فالاختناق.. والاختناق
> والصراخ والصراخ.. والسؤال والسؤال.. أشياء تقابلها الدولة بالصمت ثم الصمت
> عندها.. شعور خاص يولد عند العامة
> شعور يقول للعامة إن الدولة هي الآن (راكب المصعد المغلق)
> وراكب المصعد المغلق لا يشعر بهبوط المصعد
> .. والصمت هناك صمت الدولة والظن هنا ظن العامة أشياء تصنع شعوراً عند العامة يقول:
إن كانت الدولة لا تشعر بما يجري اليوم.. فما الذي ينتظر غداً.. والمصعد يهوي ويهوي؟
> عندها رعد الجنون يضرب السماء
> الصمت.. صمت الدولة عن مشاركة العامة هو شيء يحول الأزمة من أزمة إلى كارثة
(3)
> وآخر..
> أستاذ معتز
> .. عن الصمت وما يفعله بالنفوس تكرموا بأن تجعلوا وزير الإعلام عندكم يشاهد مسرحية يوليوس قيصر
> فالمسرحية هذه تدور حول لحظة.. لحظة واحدة فقط
> واللحظة فيها رجل يتوسل إلى القيصر ليجيبه على شيء
> والقيصر يرفض أن يسمع ويرفض أن يجيب
> عندها.. كاسيوس.. وهو اسم الرجل يصرخ
> إذن تكلمي يايدي
> ويطعن قيصر
> وروما تدمر تحت الحرب
> السيد معتز
> الوزير الذي اتخذ قرار تجميد المصارف لعلكم تجعلونه والآخرين من الوزراء كلهم يجلس ليشهد (المحاضرة الأولى في سنة أولى جامعة)
> والمحاضر يقول .. في المحاضرة.. وهو يوجه أول جملة للطلبة
> : نريد أن نقيم مزرعة.. من هو المختص الذي يجب أن نعهد إليه بإقامة المزرعة؟
> وصمت.. وكل أحد يظن أن الإجابة هي.. دعوة أهل الزراعة
> ..لكن المحاضر يقضي نصف ساعة وهو يحصي الجهات التي يجب أن تدعى لإقامة المزرعة
> .. الزراعة.. الطب.. الطرق.. الأرصاد الجوي.. الصيدلة.. التربية والتعليم.. الجيولوجيا.. الفن الشعبي.. السباحة.. وجمعيات الطيور و.. و
> قال المحاضر:- المهندس الزراعي من يحدد له موقع المزرعة هو الجيولوجيا
> ومصلحة الأرصاد هي من يحدد كميات الأمطار كل شهر.. والمحاصيل تبع لذلك.. والإحصاء هو من يحدد كمية المحصول.. والطرق هي من يحدد مسارات الطرق التي تنقل المحصول.. وإدارة الأوبئة هي من يحدد كميات وأنواع السماد حتى لا تصنع الأوبئة للمواطنين في القرى المجاورة والتربية والتعليم هي من يحدد مواقع المدارس بالنسبة للمزرعة.. والري هو من يحدد مسارات وكميات المياه و.. والأمن والغناء الشعبي ومصلحة الغابات و.. و.. كلها.. كل جهة منها.. هي جهة لها قول حاسم في الأمر.. قول هو من يحدد موقع وحجم وكل ما يخص المزرعة.. لأن كل شيء.. كل شيء.. كل شيء.. له صلة بكل شيء لهذا لا بد لكل من يريد مشروعاً أن يستشير الشمس والقمر والدواب.. وكثير من الناس
> السيد معتز.. وزيرك الذي/ منفرداً وفي ساعة تجلي/ يقرر تجميد أموال المصارف لو أنه شهد محاضرة في سنة أولى جامعة لعرف أنه لا أحد يتخذ أصغر قرار دون أن يعرف صلة كل شي بكل شيء
> لكن صاحبك يعلن.. ويدمر.. ثم يذهب إلى بيته ليعود غداً.. وليصنع تدميراً جديداً.. بالعبقرية ذاتها
(4)
> وأمس.. إدارة النفط تعلن للناس وصول ما يكفي للخرطوم مرتين من النفط
> الإدارة تعلن هذا.. أمس
> والإدارة هذه تجهل معنى (الزمن) في حسابات الإدارة
> الإدارة السياسية بالذات
> فالقرار هذا لو أنه أعلن الأحد الماضي لكان له.. معنى (وتأثير معين).. ولو أنه أعلن الإثنين الماضي لكان له معنى وتأثير آخر.. ولو أنه أعلن الثلاثاء الماضي لكان وكان
> السيد معتز
> السادة في حكومتك كلهم يحتاج إلى محاضرة صغيرة يتلقاها كل طالب في سنة أولى جامعة في أي كلية.. (لكنا ننظر إلى قرارات وزرائك.. ولا نملك إلا أن نسأل أنفسنا.. ديل جو من وين ديل؟)
> وهناك حل..
> فالنميري الذي يفاجأ يوماً باختفاء مستثمر خليجي (جاء لإقامة مزارع في غرب أم درمان) يتساءل عن سبب اختفاء الرجل
> والنميري يعرف أن مسؤولاً في حكومته كان ينطلق في الأنس مع الخليجي حين أشار إلى أن الأرض غرب أم درمان تتميز بأنها طينية سوداء تنقطع عن العاصمة على امتداد الخريف
> والخليجي/ الذي يقع مشروعه وسط هذه الأرض السوداء/ عندها يهرب
> والنميري يدعو المسؤول هذا.. ويغلق المكتب و..
> حرس الرئيس اضطروا لكسر باب مكتب الرئيس لإنقاذ الرجل حتى لا يقتله النميري
> السيد معتز
> نرجوا أن تستبدل أبواب مكتبك كلها الآن بأبواب.. حديدية
> عندها حكومتك تصلح

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى