تحقيقات وتقارير

اتفاق جنوب السودان.. كما يراه المبعوث الخاص لجنوب السودان

على غير العادة لم يكن هناك حدث سلبي يدفع الخرطوم لإعادة فتح ملف جنوب السودان، بيد أن طيبة برس استضافت المبعوث الخاص للسودان في جنوب السودان السفير جمال الشيخ وسفير جمهورية جنوب السودان ميان دوت والمحلل السياسي والأكاديمي بروفيسور حسن حاج علي للحديث عن دور السودان في جعل سلام الجنوب مستداماً، وأدار المنبر الأستاذ عبد الرحمن الأمين.

 

السؤال الرئيسي للمنبر (ما الذي يميز اتفاق الخرطوم؟)، وكان المدخل المباشر في حديث المبعوث الخاص للسودان في الجنوب السفير جمال الشيخ، الذي أشار إلى أن معرفة السودان الجيدة بالملف سهلت الوصول إلى ما تحقق حالياً خصوصاً أن الأفراد أو المجموعات الجنوبية معروفون لقيادته بشكل أفضل، فضلاً عن أن الأطراف لم تكن على قناعة كاملة باتفاق أغسطس 2015م، ومدللاً على ذلك بحديث الرئيس سلفاكير ميادريت بأنه يوقع مكرهاً لجهة أن لديه تحفظاته حينها، وأضاف: بالتالي لم يكن هناك إرادة كافية للتنفيذ.

وكشف الشيخ عن أن ما يميز اتفاق الخرطوم عن اتفاق 2015م غياب دور المجتمع الدولي، موضحاً أن المجتمع الدولي في اتفاق 2015م دوره كان أكبر ، الأمر الذي أوقع الأطراف تحت عمليات شد وجذب متعددة، وأدى إلى انهيار 2015م بأحداث يوليو 2016م، ليبدأ الجميع من جديد العديد من الجولات على مدار 3 سنوات لم تحقق شيئاً، وأضاف: لذا كان قرار الإيقاد صائباً لمنح السودان فرصته في أخذ الملف، وهو ما كان مفاجئاً للكثيرين إذا لم تكن هناك قناعة بذلك.

واعتبر السفير جمال الشيخ، أن كل الأطراف شاركت فضلاً عن المجتمع المدني، والمرأة والشباب، منوهاً إلى أنها لم تكن المرة الأولى التي تكون فيها شمولية في المشاركة، ولكنها كانت المرة الأولى التي يكون الجميع فيها على قناعة بدور السودان.

المبعوث الخاص كشف عن عامل آخر تمثل في أن الخرطوم أتاحت للأطراف الجنوبية أخذ وقتهم الكافي تماماً مقارنة بأديس أبابا التي كانت تحدد سقفاً زمنياً للعملية التفاوضية، وأضاف: بالتالي كان انقطاع العملية بعد التوصل لنقاط اتفاق يقلل من قوة الدفع التي تحققت، موضحاً بأن الجانب الاجتماعي أدى دوراً مهماً في حسم الأمر بترك الأطراف الجنوبية مختلطة بعضها البعض في التفاوض ومحل الإقامة وقاعات الطعام، مما انعكس تقليلاً لحدتهم ومنح مناخاً إيجابياً للعملية التفاوضية، مؤكداً أن نظرة القادة الجنوبيين للسودان ساهمت في تحقيق اختراق كبير في ظل التزام القيادة السودانية التي وصفها بأنها كانت متاحة في أي وقت لحسم ما يعترض طريق التفاوض.

جمال قطع بأنه ولأول مرة يكون الإقليم موحداً في التعامل مع الملف، مشيراً إلى أن جولة الخرطوم شهدت إجماعاً في موقف الإقليم ونظرته لضرورته لحل الأزمة.
الجانب العملي
الجانب العملي وترجمة الاتفاق على الأرض لم يسقطه السفير جمال الشيخ من حساباته لتأكيد تمييز اتفاق الخرطوم، كاشفاً عن أن استمرار وصمود إيقاف إطلاق النار ساهم في استمرار الاتفاق وجعله مميزاً عن الاتفاقات الأخرى، مشيراً إلى وجود خروقات طفيفة، وأضاف: لكن استمرار إيقاف إطلاق النار مؤشراً لإمكانية استدامة الاتفاق.

جمال بدأ حريصاً على وضع النقاط على الحروف من خلال شرح الصورة الحالية والموقف الآن، منوهاً إلى أن دور السودان ما يزال أساسياً في بناء الثقة بين القيادات الجنوبية، مدللاً على ذلك بتواصل سلفاكير ومشار حد المكالمات الهاتفية.
وقطع المبعوث الخاص للسودان في جنوب السودان بأن تنفيذ الاتفاق بدأ بجدية من خلال تكوين آليات رئيسة في تنفيذ الاتفاق كاللجنة الوطنية للفترة ما قبل الانتقالية، ولجنة التعديلات الدستورية، ومجلس الدفاع المشترك، مقراً بوجود لجان أخرى متأخرة لأسباب موضوعية، وأضاف: لكن المؤشرات إيجابية لجهة أن التدشين يتم في الخرطوم ثم تذهب إلى جوبا، وحالياً الروح مختلفة فقيادة المعارضة سابقاً تجد حالياً في جوبا الرعاية والاطمئنان؛ كاشفاً عن أن اللجان تعمل حالياً وأن لجنة الدستور في المرحلة النهائية لإدخال الاتفاقية في الدستور، مشيراً إلى أن حال حدث تعارض بين الاتفاقية والدستور، فإن الاتفاقية تسود، قاطعاً بأنه غير قلق على الاتفاقية من الانهيار لأن الإرادة متوفرة بشكل تام.

الدعم المالي والتحديات

أحد أكبر التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاق الدعم المالي، بحسب الكثير من المتداخلين. وأكد السفير جمال أن الدعم المالي سيتوفَّر من خلال التمويل الذي توفره الإرادة لتنفيذ السلام، كاشفاً عن أنه لم يتم تحديد رقم محدد لموازنة تنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي إذا رأى تنفيذاً صارماً من الجنوب للاتفاق فإنه سيقوم بالمساعدة، كاشفاً أن حكومة الجنوب فتحت ثلاثة حسابات وأن الرئيس سلفاكير ميارديت وجه بوضع مليون دولار بالإضافة إلى مبلغ 100 مليون جنيه جنوب سوداني لصالح اللجنة الوطنية لما قبل الانتقالية، منوهاً إلى أن وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد طالبه بزيادة المساهمة بحضور وزير خارجية الجنوب نيال دينق نيال.
وأكد المبعوث الخاص أن التحدي الأكبر الذي يواجه الاتفاق هو العمل على صمود الجانب الأمني لجهة أنه من يتسبب في الخذلان بسبب الخروقات، فضلاً عن تحدي حدود الولايات الجنوبية باعتبار أنه موضوع فيه توتر، منوهاً إلى أن ثمة مشاورات حولها بين كل الأطراف وبإيجابية.

في المقابل، اعتبر سفير جمهورية جنوب السودان، أن التحدي هو عدم توفر الإمكانيات، الأمر الذي تسبب في تأجيل اجتماع المجلس العسكري، كاشفاً عن أن بعض أعضاء المعارضة لا يملكون جوازات سفر وأنهم كسفارة استخرجوا لهم (وثائق سفر اضطرارية).
واعتبر ميان أن عدم ثقة المجتمع الدولي تجاه قادة الجنوب هو ما يجعله عازفاً عن تمويل تنفيذ اتفاق السلام، متوقعاً تأجيل الفترة الانتقالية لحين الاستقرار بناءً على أصوات بدأت تتحدث عن ذلك في الجنوب، وأضاف: التحدي الحقيقي هو الترتيبات الأمنية لجهة أنها العمود الفقري.

كيف ترى جوبا اتفاق الخرطوم مختلفاً؟

سفير جمهورية جنوب السودان ميان دوت بدأ واضحاً ومباشراً في حديثه، مشيراً إلى أن القيادة التي تنازعت في الجنوب كانت جزءاً من الحكومة في الخرطوم إبان السودان الموحد، بالتالي فإن معرفة السودان بكل القيادات الجنوبية ساعدت في الوصول إلى الاتفاق، كاشفاً عن أن ما ساهم أيضاً في نجاح الخرطوم عدم وجود خيارات أمام جميع الأطراف الجنوبية بما في ذلك الحكومة التي تواجه واقعاً اقتصادياً صعباً، في مقابل ما تواجهه المعارضة أيضاً، منوهاً إلى أن موافقتهم على (5) نواب للرئيس بهدف حرصهم على السلام والاستقرار.

وقطع دوت بأن الوضع الاقتصادي في البلدين الجنوب والسودان ساعد في الوصول إلى الاتفاق لجهة أن ظرف الخرطوم جعلها حريصة على استقرار الجنوب وكل ذلك منح المفاوضات بعداً اقتصادياً، مؤكداً أن البعد الاجتماعي أدى دوراً حاسماً لجهة أن البلدين فيهم شعب واحد بالتالي كل المفاوضين لهم علاقات بوسطاء الخرطوم، فضلاً عن توفر الإرادة للجميع والإرادة التي قدمها البشير.

تقرير : عمرو شعبان

الخرطوم (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى