أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

قراءة في سيرة “حافظ القرآن” والي القضارف الشيخ “ميرغني صالح” الذي قضى نحبه اليوم

أبصر “ميرغني صالح” النور في العام 1954م، بجزيرة “بنا” نواحي دنقلا بالولاية الشمالية، التي شهدت حاضرتها مهد الطفولة ومرتع الصبا، حيث تلقى تعليمه الأولي والثانوي بها، ومن ثم اتجه صوب مصر التي أكمل دراسته الجامعية بها في جامعة “الزقازيق” كلية الزراعة، حيث تخصص في الهندسة الزراعية، كما حفظ القرآن الكريم في نضارة شبابه، بحسب ما “نقل” محرر كوش نيوز.

 

وهنالك استهوته أفكار الحركة الإسلامية التي انخرط في صفوفها باكراً واكتمل بين أفرادها تكوينه الفكري والتربوي، وتشكلت في أجهزتها ملامح شخصيته القيادية التي صقلها بخبرة السنوات في الخدمة العامة، التي تدرج في هياكلها، ومنها تفرغ للعمل العام حيث تقلد رئاسة الجهاز التشريعي بالولاية الشمالية في دورتين ثم تقلد منصب الوالي من العام 2005 -2008م.

عُرف” ميرغني صالح” بالانضباط الشديد والنزاهة ودماثة الخلق وقوة الشخصية والانحياز للضعفاء والدفاع عن الحقوق العامة، ولعل من أبرز المحطات في مسيرة الفقيد هي دفاعه المستميت عن حقوق مواطنيه إبان المواجهة الشهيرة بينه وإدارة السدود التي وقف في وجهها مناهضاً لقرارها بمصادرة أراضي الولاية، حتى دفع ثمن موقفه بمغادرة منصب الوالي.

ألقت به أقدار السياسة وتقلباتها في قلب العاصفة، ليخوض تجربة سياسية جديدة، بولاية القضارف منذ أكثر من ثلاث سنوات.

 

ليكون الوالي رقم (8) من بين الولاة الذين تعاقبوا على ولاية القضارف، في عهد حكومة الإنقاذ بدءًا من ولاة المركز وهم الشريف بدر الفقيد د. إبراهيم عبيد الله، البروفيسور الأمين دفع الله، د. عبد الرحمن الخضر، ثم أبناء الولاية الضو حسن الفكي ،وكرم الله عباس الشيخ، والضو الماحي، بحسب ما قرأ محرر “كوش نيوز” بصحيفة الصيحة.

 

ويتصف “صالح” بالهدوء والورع والرزانة، كما يتميز بإطلاله وقورة تكسوها مسحة حُزن وزهد، كما هو حال شقيقه الفقيد العالم السوداني “محمد” الذي غادر هذه الفانية ولم يمتلك حتى بيتاً وكان ذلك ما نعى به “صالح” شقيقه متحدثاً عنه وهو يذرف الدمع : ” إن أخي محمد صالح كان زاهداً لدرجة لم يمتلك بيت”.

نعاه الدكتور عثمان أبوزيد، قائلاً : ذهبت للخدمة في حكومة الولاية الشمالية في العام 1999م. وهناك في دنقلا كان اللقاء، رجل يحمل همة الشباب وحكمة الشيوخ، كان لافتاً أن يكون رئيس المجلس التشريعي وهو في مثل عمره، لكن عندما تمرست به، أدركت أنه ممن نجزته مداورة الشؤون.

مضيفاً : كان من القلائل الذين حين تكون معهم، تشعر أنك في أمان، كنا نلجأ إليه كلما قابلتنا مشكلة عويصة، فنجد عنده القول السديد والرأي الرشيد، كنت تجده في الميدان، قبل التنفيذيين، وهو رجل البرلمان !

ذات فاجعة… وما أكثر فواجع الولايات، كان أول الحاضرين، وظل طوال الوقت ملازما المكان، حتى انكشفت الغمة.
ويضيف “أبوزيد” عدت إلى دنقلا زائراً في عهد الأستاذ فتحي خليل رحمه الله، فأراد بعض الإخوان أن يكرموا وفادتي، فسألوني: من تريد أن يكون معك، قلت: ميرغني صالح، في ذلك الوقت كانت تقلبات السياسة قد أبعدته عن كرسي الوالي، فأوى إلى الأرض لائذا بمهنته الأصيلة التي أحبها، ولعل حبه للزراعة هو الذي رشحه واليا للقضارف، فكانت تطربني أخباره هنالك، وتسعدني كثيرا شهادات أهل القضارف في عمله وأدائه، وكما يقال: ألسنة الخلق أقلام الحق.

قبل أشهر رأيته في رؤيا منامية، واستبشرت كثيرا بما رأيت. ونقلت له ما رأيت، رحم الله أخي العزيز ميرغني صالح، ورحم زمرته شهداء طائرة القضارف، وما الدهر إلا هكذا فاصطبر له، رزية مال أو فراق حبيب.

وكان “صالح” قد لقي حتفه اليوم الأحد مع عدد من مرافقيه، نتيجة احتراق طائرتهم التي كانت في طريقها إلى منطقة القلابات الحدودية، بسبب فقد قائدها السيطرة أثناء الهبوط مما أدى إلى احتراقها داخل المدرج، وذلك أثناء قيامه بجولة ميدانية للمحليات الحدودية بدأت يوم السبت بمحلية البطانة، ليلحق بشقيقه العالم السوداني الدكتور “محمد صالح ” الذي توفي أيضا قبل عامين، نتيجة تحطم طائرة ركاب بالبحر المتوسط.
أبومهند العيسابي
الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى