تحقيقات وتقارير

“850” مليون جنيه، قضت عليها ألسنة النيران تجار سوق أم درمان … الحكومة تجبر الضرر بـ(الاستبدال)

“850” مليون جنيه، هي تقديرات الفاقد من العملة التي قضت عليها ألسنة النيران في حريق سوق أم درمان الأخير، وهي مبالغ من شأنها إحداث اهتزاز في دورة الاقتصاد، إن لم يتم تعويضها لجهة أنها كانت تستخدم في تحريك نشاط اقتصادي كبير ومؤثر، وحتى لا تؤثر هذه المبالغ الضخمة في دورة النشاط الاقتصادي، سارع البنك المركزي لإعلان استعداده لاستبدال العملات المحترقة بأخرى جديدة، مع صعوبة التكهن بشكل الاستبدال وكيفيته، وهل تسلم المبالغ الجديدة للتجار نقداً أم في حساباتهم بالمصارف.

استبدال التالف

في تغريدة قصيرة على “تويتر” أول من أمس، نقلتها عنه صحف الأمس، أعلن رئيس مجلس الوزراء معتز موسى، أن الرئيس عمر البشير، وجه محافظ بنك السودان باستبدال الأوراق النقدية التالفة نتيجة الحريق الضخم الذي قضي على مئات المحال التجارية في سوق أم درمان، ووجه بنك السودان باستبدال الأوراق النقدية التالفة للمتضررين وفق الضوابط والمعايير الفنية، وجبر الضرر عن تجار سوق أم درمان جراء الحريق.

وفي ذات السياق، أعلن البنك المركزي، استعداده لمعالجة فقد تجار السوق للأوراق النقدية التي تأثرت بالحريق، وذلك وفقاً للأسس والضوابط المعمول بها بشأن العملة التالفة.

تساؤلات

تبدو خطوة البنك المركزي بتعويض التجار منطقية، ولكن ثمة شكوك وتساؤلات حول كيفية تقديم هذا التعويض، هل كتعويض يغطي مجمل الخسائر لكل تاجر، وقبل ذلك كيفية التعرف بدقة على الاستحقاق الفعلي لكل متضرر من الحريق، والأرجح أن المركزي سيقوم بطباعة مبالغ مساوية للتالف وضخها لحفظ توازن عرض النقود، ذلك بحسبان أن عرض النقود كان متزناً بالفعل.

تأمين الأموال

فتحت حادثة الحريق الأعين حول أهمية التأمين، ومنها تأمين الأموال الذي يعتبر من الخدمات التي تتصدى شركات التأمين للقيام بها مع محدودية المقبلين على الخدمة.

يقول نائب المدير العام لشركة البركة للتأمين، حسن محمد عبد الله، إن حادثة الحريق الذي قضى على مبالغ ضخمة من الأموال يعطي لمحة حول أهمية تأمين الممتلكات ومنها الأموال. وقال عبد الله لـ “الصيحة” أمس، إن ثقافة تأمين الأموال ما تزال مفقودة بالسودان على أهميتها بالنسبة لمن يتعاملون مع مبالغ كبيرة من النقود في شكل تجارة أو غيرها، موضحاً أن تأمين المال يضمن الحفاظ عليه من تقلبات الأيام وأسباب الفقد عديدة كما يشير، ونصح بضرورة الدخول في التأمين لهذه الاعتبارات.

رأي خبير

ويقلل الخبير الاقتصادي دكتور عادل عبد المنعم لـ(الصيحة) من حجم المبالغ التالفة في تأثيرها في الكتلة النقدية، وقال إن 850 مليار جنيه تأثيرها لن يكون كبيراً للتخلص من الكتلة النقدية الموجودة حالياً خارج القطاع المصرفي، والتجار هم الفئة الخاسرة بالرغم من أنهم كانوا قوة متحركة في الاقتصاد، وأضاف أن الذنب ليس ذنبهم وإنما ذنب البنوك التي عجزت عن توفير السيولة للمواطنين، واستنكر عدم تعاطف بعض المواطنين مع قضيتهم، مشيراً إلى أن البنوك تصرفت في أموال المودعين وعجزت عن تلبية مطالبهم في الحصول على أموالهم عندما طلبوها من البنك أو الصراف الآلي، لافتاً إلى أن التجار فقدوا الثقة في البنوك لجهة أنهم يحتاجون لملايين الجنيبهات لتغطية احتياجات تجارتهم، والبنك لا يمنح غير 2 ألف فقط، وفي الوقت الحالي 500 جنيه، واعتبر حفظ التجار أموالهم خارج القطاع المصرفي دوراً وطنياً بدلاً من إعطائها للمضاربين ومهربي الذهب والدولار، وبالتالي الحفاظ على حركة البيع والشراء لجهة أن الاقتصاد تقليدي يحتاج إلى كتلة نقدية لتحريكه حسب المرحلة، فهنالك حاجة إلى النقد للزراعة والحصاد، ونقل الخضروات للأسواق، ولولا أموال هؤلاء التجار لانهار الاقتصاد، واصفاً قرار رئيس الجمهورية بالإنساني والحكيم.

حتمية التعويض

بشكل روتيني ومعتاد، يعمد البنك المركزي لضخ فئات جديدة من العملات لدواعي التلف والفقد، كما أن الفئة النقدية الورقية تصبح مهترئة بفعل التداول اليومي على مدى سنوات، لكن مثل هذا التدخل لم يكن معتاداً، بسبب ضخامة المبالغ المحترقة التي تخوفت تقديرات البنك المركزي من تسببها في إحداث خلل اقتصادي فوق ما هو مختل الوضع حالياً، علاوة على أن خروج هذا العدد من التجار من دورة الإنتاج وفقد ضرائبهم وزكاتهم والرسوم التي يسددونها من ممارسة نشاطهم التجاري، وهي على أي حال رسوم ليست قليلة.

خسائر كبيرة

وتكبد تجار سوق أم درمان، أحد أعرق وأكبر الأسواق بالسودان خسائر فادحة بسبب حريق هائل اندلع فجر السبت، واستمر نحو أربع ساعات، وقضت النيران على أوراق نقدية تقدر بمليارات الجنيهات وملايين الدولارات المخزنة في السوق، حيث يعمد التجار أخيرًا إلى عدم الدفع بأموالهم إلى البنوك بسبب أزمة شح النقود “الكاش”.

تقرير : جمعة عبد الله

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى