*ما زلت أذكر هذه الحادثة الغريبة..
*ليس ما أصاب العربة من عطب… وإنما محاولة مرافقي المضحكة لإصلاحها..
*وقد كان تاج الدين… ابن عمنا حاج عبده..
*وكان ذلك أمام بوابة ابتدائية حي القنا المزدوجة التي درَّس فيها وردي… حيناً..
*فترجل مرافقي… وطلب مني فتح غطاء المحرك..
*وحين نظرت إليه من أسفل الغطاء لاحظت أنه لا يفعل شيئاً… سوى النقر بأصابعه..
*كان ينقر على مبرد الماء… ثم يصرخ (كده دوِّر)..
*ولم يدر المحرك طبعاً….. وما كان سيدور وإن استمر الطرق إلى الصبح..
*وكأني – لحظتها – بصوت وردي يأتيني من داخل المدرسة ..
*يأتيني ضاحكاً ومترنماً (العملتو كان بـ ايدك)..
*وربما كانت محاولة مرافقي تلك أقل عبثاً مما قاله (أدروب) في ظرف مماثل..
*فهو لم يكن يفقه أي شيء في عالم (الحديد)..
*اللهم إلا بعض مصطلحات – ومفردات – سمعها هنا وهناك… دون أن يعي معناها..
*وكانت الشاحنة قد تعطلت بهم في قلب صحراء مقفرة..
*ورغم ذلك أدلى بدلوه ناصحاً السائق ومساعديه (تقول علي المشكلة في الشاسيه)..
*وفي العام (94) كنت قد كتبت مقالاً بالزميلة (أخبار اليوم)..
*وعنوانه (سياسة التحرير الاقتصادي إلى أين؟!)..
*وكان مهندسها – عبد الرحيم حمدي – يتغزل فيها كلاماً… وقتذاك..
*محض كلام جميل… عن سياسة أراد لها أن تكون جميلة..
*وقلت فيه – من بين ما قلت – إن هذه السياسة محكوم عليها بالفشل الذريع..
*فلا تحرير اقتصادي بمعزل عن التحرير السياسي..
*ولا طيران بجناح واحد… دون الآخر..
*فما دامت السياسة تتحكم في كل شيء فلن يفلت من قبضتها حتى الاقتصاد..
*وعما قليل سنشهد عواراً اقتصادياً يفرز أزمات..
*وهو ما حادثٌ اليوم بالضبط … وأمَّن عليه رئيس الوزراء السابق أواخر ولايته..
*فقد قال بكري بأسى (كل مدارسنا الاقتصادية فشلت)..
*ووصلنا الآن مرحلة الرتق… والجذب… والمباصرة… ونهج رزق اليوم باليوم..
*ما أن تُحل أزمة حتى تظهر أخرى… وهكذا..
*وبتنا نعيش دوامة أزمات لا نهاية لها ؛ الخبز… الوقود… السيولة… الدولار..
*وحار إزاءها رئيس الوزراء الجديد… رغم همته واخلاصه..
*وفاقم من مخاطر سياسة التحرر الاقتصادي تطاول سنوات عدم (التحرر) السياسي..
*فسرحت ومرحت التماسيح… والقطط السمان..
*وكنا قد نصحنا معتزاً بردع الحرامية – أولاً – لوقف التدهور… على الأقل..
*ما دام ليس بمقدوره – طبعاً – توفير شرط التحرر السياسي..
*فعربة حكومته وقفت الآن (دُد)…. مثل وقفة عربة كاتب هذه السطور تلك..
*والنقر على محركها لن يفيد…وإن استمر إلى الصبح..
*فالمعضلة باتت حقاً – لا هزاراً – في (الشاسيه !!).