صلاح الدين عووضة

فلترة !!

*هو شاب ممن يقال عنهم (تتمناه أي بنت)..

*وتمنى بنتاً…وتمنته…وتزوجا……ورُزقا بنتاً وولداً..

*ومضت حياته هادئة هانئة وادعة… رغم الضنك والرهق والغيرة..

*فقد كانت تغار عليه حتى من ظله الذي يتبعه نهاراً..

*وتغار عليه ليلاً من خيالات في رأسها تتبعه إلى داخل أحلامه..

*ثم جاء اليوم الذي وقف فيه الظل….وما زاد..

*وتوقفت الغيرة…والخيالات…والأحلام…والدموع في أحزان عيون الناس..

*وفي عينيها تحديداً……. بعد مرير بكاء..

*وكانت رائعة الدوش (بناديها) هي عنوان مناداتها لذاكرة خرجت… ولم تعد..

*ففي صباح ذلكم اليوم استيقظ زوجها بلا ذاكرة..

*لم يعد يتذكر أي شيء…ولا أي أحد… ولا أي مكان وزمان ومعان..

*حتى هي لم يتذكرها… رغم استدعائها (كلمات سر) قديمة..

*وحار إزاء حالته شيوخ الطب…والدين…والغيب..

*وبعد مضي عام تعايشت الزوجة مع حالة ذاكرة خرجت… وابتسامة رجعت..

*وشاطرها التعايش هذا الأهل… والصحاب… والنسابة..

*وقد كان فارق التبسم… وفارقه… مذ تفرق دم حظه بين قبائل الإحن..

*فنجاحه كان أكبر من أن تتحمله أنفس الفاشلين..

*وفوق هذا النجاح المكتسب حظوظ وراثية…. لا يد له – ولا للطبيعة – فيها..

*وبسببها درجت زوجته على أن تناديه ترنماً (يا قائد الأسطول)..

*ولكن قائد الأسطول تقوده زوجته الآن..

*وحيثما قادته لا تغادر البسمة شفتيه ؛ بعد أن عادت إليه…ولم تعد الذاكرة..

*فكلما تعرِّفه بشخص هو أصلاً (يعرفه)……يتبسم فقط..

*ومع التبسم هذا مفردة (أيواااااه)……ولكنها لا تعني أي شيء..

*لا تعني التذكر…ولا التفكر…ولا التبصر..

*وما يهمني في هذه القصة الحقيقية تماماً شيء واحد فقط… حسدت (بطلها) عليه..

*ولكنه حسد (بعد) المصيبة لا (قبلها)….. كحسد الآخرين..

*وهذا الشيء هو التبسم السعيد.. مع نعمة النسيان..

*فالذاكرة – في زماننا هذا – باتت مثل ذاكرات الهواتف الممتلئة…تحتاج مسحاً..

*ولكن مسح الذاكرة البشرية ليس بسهولة مسح ذاكرة الجوال..

*بل قد يحدث أمر عجيب….لم تتحسب له..

*فقد تُفاجأ بأن الذكريات السعيدة هي التي تنمحي….وتبقى التعيسة..

*ويبقى غير المرغوب فيه من الأسماء…كذلك..

*ويستعصي من ثم التبسم الصادق…ولو من باب (تبسمك في وجه أخيك صدقة)..

*وتظل محاولة (رسم) بسمة على وجه حزين مفضوحة دوماً..

*فما من حل إلا أن تصحو – ذات يوم – فتجد ذاكرتك (مفلترة) بالكامل..

*ويقودك شخص من أهل البيت إلى حيث تريد..

*أو إلى حيث (لا) تريد ؛ بما أنك أصبحت خارج الزمان…والمكان… والسودان..

*وحين تصادف وجهاً كرهت كثرة (طلته) – وكلامه – لا تبالي..

*ولا تفعل – حال تعريفك به – سوى أن تتبسم..

*ثم تصيح بفرح طفولي (أيوااااه) !!.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى