الطاهر ساتي

ميثاق آخر ..!!

:: بمناسبة التوقيع – للمرة الخامسة تقريباً- على ميثاق الشرف الصحفي، يجب تذكير السادة الموقعين بأن الصحافة السودانية هي المجرم الوحيد في العالم الذي تحاكمه أربع سلطات بأربع عقوبات في قضية واحدة .. بمعنى، قد تجري الصحافة حواراً مع شخصية عامة أو تحقيقا حول قضية عامة أو تنشر خبراً يُخص عامة الناس والبلد، فتغضب لجنة الشكاوى والرصد بمجلس الصحافة على النشر وتعاقبها بالإيقاف يوماً أو ثلاثة، ثم تغضب السُلطة المسماة بلإجراءات الإثتثنائية وتعاقبها بالمصادرة او الايقاف..!!

:: وقد تحال ذات القضية إلى النيابة فتعاقبها بحظر النشر لحين إكتمال التحري، وبعد كل هذه العقوبات تحال القضية إلى المحكمة فتعاقبها أيضاً.. و مثل هذا الظلم الذي يعاقب الصحافة أربعة عقوبات بواسطة أربع سلطات – في قضية واحدة – كان يجب أن يرفضه ميثاق الشرف الموقع عليه .. ثم ليس هناك أي نص في قانون الصحافة يقيد حرية الصحافة، وكذلك بالقانون أكثر من نص يحمي حقوق الصحفي ومصادره، ويضج القانون بنصوص تحمي حقوق القارئ والمجتمع بواسطة مجلس الصحافة والمحاكم، وكل نصوص القانون هي المسودة التي يجب أن تنظم مهنة الصحافة..!!

:: وعلى سبيل مثال لمثالية قانون الصحافة في محور المساءلة والعقاب، ليس هناك أي نص – بقانون الصحافة – تمنح لأية جهة بالدولة حق مصادرة الصحف بعد طباعتها وقبل توزيعها ليتكبد الناشر الخسائر المادية والصحفيين الخسائر المعنوية.. نعم، ليس هناك أي نص في القانون الساري حاليا يقر بهذا الإنتهاك، ولكن هذا مايحدث حالياً، ليبقى السؤال المر : هل العيب في القانون، أم في عدم احترام القانون؟ .. فالعيب ليس في قانون الصحافة، ولكن في عدم تنفيذه كما يجب، أي في عدم احترامه بانتهاك سافر وصارخ لكل قيم العدل والعدالة.. أو هكذا كان يجب أن يكون هناك نصاً فصيحاً وشفيفاً بالميثاق الموقع عليه.. !!

:: ثم أن قانون الصحافة القادم، يُكاد يكون القانون العاشر خلال الثلاثة عقود الفائتة..فالحكومة تأبى إلا أن تجود للصحافة بمعدل قانون جديد كل ثلاث أو أربع سنوات..ولأن التطوير والمواكبة من طبيعة الأشياء، فان إلغاء أي قانون قديم وإستبداله بقانون جديد يعنى أن هناك تطوير وتحديث ومواكبة..ولكن للأسف، قوانين الصحافة – التي يتم إستبدالها بأخرى – كل ثلاث سنوات – مخالفة لطبيعة الأشياء، إذ نصوصها- كما أصنام الجاهلية – لاتحرك ساكناً، أي لاتحدث تطويراً في صناعة الصحافة ولا توسيعا في مساحة الحريات..وهذا ما كان يجب أن يكون محور نقاش على هامش حفل الميثاق الموقع عليه ..!!

:: وعليه، قبل إعداد المواثيق وصياغة القوانين وتنظيم الاحتفال والمهرجانات، يجب التفكير في توفير نهج يرغم العقول والقلوب على احترام القوانين والمواثيق السارية.. أحوال – وأهوال – الصحافة في بلادي، جزء من الكل البائس، أي هي ليست بحاجة الي مواثيق شرف ولا قوانين جديدة، ولكنها بحاجة الي نهج جديد وعقول جديدة وطرائق تفكير جديدة تحترم القوانين والمواثيق، وليس من الميثاق والقانون أن يتم تعطيل عطاء بعض الزملاء بالمنع عن الكتابة .. وعلى كل حال، حتى لا يكون هناك احتفال آخر بعد عام او ثلاثة، فمع قانون الصحافة الساري حالياُ، يجب تذكير السادة الكرام بان ميثاق الشرف الموقع عليه – يوم الخميس الفائت – أيضاً بحاجة إلى (بعض الاحترام)..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى