صلاح الدين عووضة

ما (براهُ) !!

*ومفردة عنواننا هذا سودانية خالصة..

*وهي تعني (لوحده)… أو من تلقاء نفسه… أو – أحياناً – إنه ليس (على بعضه)..

*وقد ارتبطت بطرفة مصري ادعى معرفته ببلادنا..

*وطفق يذكر أسماء مدن قال إنه زارها؛ ومنها شندي… وعطبرة… وكسلا..

*فدهش من معه من السودانيين… وسألوه (وبراك ؟!)..

*فأجاب بلهجة الواثق من نفسه فوراً (أهو براك دي بالذات زرتها مرتين)..

*وهنالك مفردات أخرى تخصنا (برانا) أيضاً..

*ومنها (هسع) وتعني الآن… أو الحين… وهي اختصار للجملة المركبة (ها الساعة)..

*وكان يرددها الشوام أيضاً قبل استبدالها بـ(هللا)… أي ها اللحظة..

*أما مفردة براه بمعنى (مش على بعضه) فلكاتب هذه السطور معها طرفة كذلك..

*فقد استوقفته حكاية عدم وضع المهدي طعماً للسمك في صنارته..

*وذلك خلال إحدى حصص التاريخ… بالابتدائي..

*وفلسفة المهدي من ذلك (عدم خداع حتى السمك)..

*فسأل بكل براءة الأطفال – أو شقاوتهم – (وهل حصل اصطاد سمكة يا أستاذ؟!)..

*فانفجر الفصل ضحكاً وصخباً… والأستاذ غضباً..

*وضاحكٌ من هؤلاء صاح معتذراً للمدرس (معليش يا أستاذ… أصلو ما براهُ)..

*ولكني كنت (براي ونص وخمسة)… فهو كلام غير (منطقي)..

*ونأتي الآن إلى مفردة (براهُ) بمعنى وحده…. ولكن بصيغة الجمع (براهم)..

*وهي من أعراض محاولة إجابة عن سؤال طرق ذهني أمس..

*فقد تساءلت : لماذا صار هكذا إعلامنا؟… مرئياً كان أو مسموعاً أو مقروءاً؟!..

*فهو لم يعد يحظى بمقبولية…. ولا قبول..

*والدليل هذا التراجع الملحوظ – والموثق – في نسبة القراءة… والمشاهدة… والاستماع..

*فلا شاشاتنا مشاهدة… ولا إذاعاتنا مسموعة… ولا صحافتنا مقروءة..

*وصحفنا تحديداً يتم (ضبط) تراجعها – سنوياً – بأرقام لا تكذب… ولا تتجمل..

*والسبب هو عين الذي صرف الناس عن إذاعاتنا وشاشاتنا..

*فمن منكم يقدر على مشاهدة أخبار تلفزيوننا القومي… على وجه الخصوص؟!..

*فكلها تبدأ بعبارات لدى لقائه… ولدى استقباله… ولدى تشريفه..

*والذين يربط بينهم هذا القاسم المشترك (الأعسم) جميعهم ذوو انتماء واحد..

*بل حتى المذيع الذي يقرأ أخبارهم هذه هو منهم… وفيهم..

*والآن بعض من هم (منهم وفيهم) هؤلاء تمددوا في الصحافة المقروءة… و(تمكَّنوا)..

*وصارت أخبار الجرائد نسخة من نشرات القومي..

*وبقي التميز فقط في مجال الرأي ؛ أعمدةً… ومقالات..

*ولكن حتى هذا طغت عليه أقلام (الأغلبية الميكانيكية)… بأجندتها الخاصة..

*وأعني الخوض في قضايا لا يحس القارئ أنها تهمه..

*أو الكتابة عن أسماء – ومسميات – يشعر أنها غريبةٌ عنه… وهو غريب عنها..

*ويحس – من ثم – أن هؤلاء يعيشون في عالم يخصهم (براهم)..

*وفي المقابل ؛ هو بالنسبة لهم (ما براهُ !!!).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى