الطاهر ساتي

لاينفع الندم ..!!

:: ومن الأخبار غير المطمئنة ما تردد عن سحب المجلس القومي للأدوية تراخيص بعض شركات الأدوية الرافضة لتوزيع أدويتها احتجاجاً على عدم تحريك سعر الدولار المتفق عليه قبل أشهر (30 جنيهاُ)، بحيث يساوي أسعار الآلية أو ينقص عنها قليلاً.. ويقول رئيس اتحاد الصيادلة صلاح الدين إبراهيم أن شركات الأدوية لن تستطيع استيراد أدوية ما لم يحدد بنك السودان سعرا تأشيرياً غير الساري حالياً (30 جنيهاُ)، ومطالباً وزارة المالية وبنك السودان بتحديد سعر آخر للدولار متفق عليه أيضاً..!!

:: صحيح، رغم تحريك سعر الدولار عبر الآلية إلى ( 47.7 جنيه)، فان التعامل ما بين المجلس القومي للأدوية وشركات الأدوية لا يزال بالسعر التأشيري المتفق عليه قبل أشهر ( 30 جنيهاُ)، وهذا ما لن يستمر طويلاً .. وكما سحبت تراخيص بعض الشركات، قد يسحب المجلس تراخيص شركات أخرى أيضاُ، ولكن هذا العقاب ليس بالحل الأمثل لقضية يجب أن ينتبه إليها السادة رئيس و أعضاء مجلس الوزراء ثم يستبينوا النصح قبل ضحى الغد، حيث (لا ينفع الندم)، أي قبل حدوث فجوة دوائية ..!!

:: ولا نعاتب المجلس القومي على آداء واجبه حتى ولو سحب تراخيص كل شركات وصيدليات السودان، بل علينا دعم المجلس وتشجيعه، بحيث يكون رقيباً على الأدوية وأسعارها التي تقررها وزارة المالية و بنك السودان .. نعم، فالمجلس – كسلطة رقابية – مطالب بتنفيذ القانون وسياسات الحكومة والتي منها تحديد السعر التأشيري للدولار (30 جنيهاُ)، ولذلك على المجلس معاقبة الشركات والصيدليات المخالفة للأسعار والجودة، أو كما يفعل حالياً .. ولكن هناك جهة آخرى، وهي بمثابة الطرف الأصيل في القضية، وهي وزارة المالية، وهي التي عليها ايجاد الحل الأمثل (عاجلاُ)..!!

:: والخيار الآن هو إعادة الدعم لحين تحسن سعر الصرف، أو تحريك السعر التأشيري بقرار صادر عن وزارة المالية، ثم تتحمل الحكومة آثار هذه الزيادة ومتاعبها السياسية، وليس هناك أي خيار آخر .. رفع الدعم عن الدواء مع توالى ارتفاع سعر الدولار – كما وصف الدكتور ياسر ميرغني بصحف الأمس – مَسألة (غير أخلافية).. فالأدوية ليست أثاثت منزلية أو ألعاب زينة، بحيث ترفع عنها الحكومة الدعم نهائياً، ليجد المريض نفسه ما بين مطرقة الغلاء و سندان الفجوة.. ثم أن الأدوية ليست سلعة يختارها المواطن كما يشاء وكيفما يشاء، فالمرض لا يستأذن المرضى ولا ينتقي من الأدوية أرخصها..!!

:: وبالمناسبة، بجانب رفع الدعم ، هناك أسباب أخرى تساهم في غلاء أسعار الأدوية، ومنها ما أشار إليه ياسر ميرغني قائلاً بالنص : (على الأطباء التحلي بالمعايير المهنية، فعندما يأتي المريض ويجد مُنتجاً باسم غير المكتوب في روشتة العلاج يرفض شراءه).. لقد صدق، للأدوية أسماء علمية وأخرى تجارية.. وللأسف تحمل روشتات السواد الأعظم من الأطباء (الأسماء التجارية).. بعضهم يكتب الاسم التجاري بحسن نية، أي لسرعة مفعول الدواء (كما يبررون)، و البعض الآخر يكتب الاسم التجاري بغرض الترويج لشركات الأدوية.. !!

:: والشاهد أن الروشتات ذات الأسماء التجارية تساهم في ترسيخ الاحتكار، بحيث لا يكون للصيدلي خياراً غير صرف الاسم التجاري المكتوب على الروشتة، حتى ولو كان هناك بديلاً ( فاعلاً و رخيصاً)..كما المريض لا يطمين لغير الاسم التجاري، فان الصيدلي أيضاً ملزم بصرف الاسم التجاري، وهذا مدخل لترسيخ الاحتكار عن طريق الأطباء .. علماً بأن قوانين ولوائح المجلس الطبي تمنع هذا السلوك، ولكنها يبدو أن المجلس الطبي يعد القوانين اللوائح فقط بغرض الحفظ والتوثيق، و ليس للاستخدام .. !!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى