الفاتح جبرا

العدالة البطيئة!

يوصف (القضاء) بأنه حصن العدالة وقلعة المظلومين وملاذ الباحثين عن العدل والحق، ويرمز له بشعار يجسد تلك القيم النبيلة لسيدة مغمضة العينين بيدها ميزان، وأسفل صورتها صورة لشعب يلوذ بالعدل، لكن هذه المعانى الجميلة والقيم النبيلة تصطدم لدينا للأسف الشديد بالكثير من المعوقات، أبرزها (بطء التقاضي) الذي يذبح العدالة في ساحات المحاكم ويؤخر إحقاق الحق ويؤجل الفصل في قضايا مهمة فتتحول (العدالة الناجزة) إلى (عدالة عاجزة).

إن العدل أساس الملك وبقدر ما يتحقق العدل في دولة ما بقدر ما يتحقق لشعبها الأمن والاستقرار وهنا نقول أنه لا يكفي أن يسود العدل في الحكم والأحكام ليتحقق العدل بل يجب ولابد وأن تكون هنالك سرعة في إتخاذ الحكم العادل لأن تأخير حصول صاحب الحق على حقه العادل أو معاقبة من يخرج على أحكام القوانين يعد في حد ذاته ظلماً لصاحب الحق.

يحس المواطنون بالإحباط والضيق وهم يرون معظم قضايا الرأي العام تستغرق سنوات طويلة في الفصل فيها وكمثال وليس للحصر (قضية هيثرو) مروراً بضحايا بورتسودان وضحايا كجبار وضحايا سبتمبر، ومنها مؤخراً وليس أخيراً قضية الطالب (عاصم) وأغتيال الشرطة للشاب (سامر) وأيضاً الشاب (حسام).

لقد كتبنا حتى تعبت أقلامنا وكلت وملت وأصابها السأم والإحباط بأن بطء اجراءات التقاضي الذي قد يستمر سنوات طويلة أصبح شكوى من الجميع، وبخاصة في الدعاوى المدنية التي أصبح من العادي أن يلتحق المدعي فيها إلى الرفيق الأعلى قبل أن يحكم له!

اما في الدعاوى الجنائية (خاصة التي تكون مؤسسات الدولة جزءاً منها) فأن اجراءات التقاضي أصبحت محل ضيق من (الأهالي) المتقاضين (وما عاوزين نقول بقت ظاااهرة)، ويكفي للإستدلال على ذلك أن رفع الحصانة عن المتهم بقتل الشاب (سامر) الذي إغتاله أحد أفراد الشرطة بشارع النيل قد تم مؤخراً بعد ثلاثة أشهر من وقوع الحادث بينما ينتظر ذوي القتيل (حسام) الذي اغتالته الشرطة أيضاً يقفون في (الصف) من أجل إنتظار قرار مماثل لرفع الحصانة عن قاتل إبنهم؟ ولا ندري أي حصانة هذه التي تستغرق كل هذا الوقت في حوادث ثابتة الفعل أزهقت فيها أرواح مواطنين (لماذا تلاته شهور ما تلاتة يوم؟)!

لا أحد يستطيع تبرير هذا البطء في (العدالة).. لا أحد على الإطلاق.. ولا شيء من شأنه إعاقة الإجراءات العدلية مما يستوجب على من هم على رأس الأجهزة العدلية بالبلاد أن (يشوفو القصة دي) ويقوموا بإصلاح هذا التأخير الواضح (ومرات فاضح) الذي يصاحب نظر هذه القضايا.

ما جعلنا نقوم بكتابة هذا المقال ليس بالطبع قضية هيثرو التي تقبع منذ زهاء العشر سنوات (في مكانها) كأطول (قضية) في التاريخ الحديث، ولكن قضية أخرى لا ندري السبب وراء سكوت الأجهزة العدلية على ما يحدث فيها من إنتهاكات أقلها حبس المتهم لأكثر من سنتين (لاحظو متهم) حيث يواجه الطالب عاصم عمر حسن تهمة عقوبتها الإعدام منذ مايو ٢٠١٦ ولا يزال.

إن بطء الإجراءات الذي يصاحب هذه القضية يحتاج إلى وقفة، فوجود المتهم في الحبس طيلة هذه المده يشكل ظلماً فادحاً في حق المتهم يتطلب أن تقوم الأجهزة العدلية بتبريره إذ لا يعقل أن يظل متهماً في الحبس لأكثر من سنتين (دي ذاااتا عقوبة)؟

من هنا أناشد السيد رئيس القضاء الأخ البروفيسور حيدر أحمد دفع الله سرعة البت في هذه القضية فالطالب عاصم يكابد أهله وأسرته معايشة هذا الوضع المأساوي منذ أكثر من عامين ولا يزالون ومن واجب القضاء وأبسط قواعد العدل أراحتهم من هذا الهم الثقيل الذي جسم على صدورهم طوال هذه الفترة.. (وما معروف أخرو متين؟)!

أخي د. حيدر:
طالما ارتضيتم أن تكونوا على رأس القضاء فإنكم مسؤولون يوم لا ينفع مال ولا بنون فعالجوا الأمر بأعجل ما تيسر وخاطبونا برد يشفي الصدور فيه وعد بإنتهاء الأمور.. ونحن في إنتظار كلمة القضاء (العاجلة العادلة) الأخيرة عشان أهل الولد ده يرتاحو… الرحمة حلوووة ياخ!

كسرة :
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل واجعلنا للمتقين إماماً…
• كسرة ثابتة (قديمة):
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 102 واو – (ليها ثمانية سنين وستة شهور)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 61 واو (ليها خمسة سنين وشهر).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى