الطاهر ساتي

بالقانون ..!!

:: كثيرة هي القوانين التي تم تصنيفها كأغبى قوانين في تاريخ البشرية، ومنها كان هناك قانوناً يمنع شرب الكحول أمام البقر في إيرلنده، ولم يكن يمنع شربها أمام الأطفال ..و بلا أي تبرير، كان غسل الخنازير يوم الأحد ممنوعاً في الدنمارك بالقانون..وفى استراليا ايضا كانوا يمنعون الناس – بالقانون – التجول عن ليلاً بالملابس السوداء والأحذية المطاطية ..وفى انجلترا كان القانون يمنع السير عاريا فى الشارع لمن هم دون سن الرشد، و ليس هناك ما يمنع الراشد أن يسير كما ولدته أمه..!!

:: هكذا كان حال الكون قبل الوعي.. وما تلك إلا نماذج .. أي كثيرة هي القوانين التي لا تجد لها تبريراً ولا توضيحاً ولا تتسق مع العقول السوية، وتقيدت بها الشعوب – بالرغبة والرهبة – حيناً من الدهر، وكانت تعم كل أرجاء الكرة الأرضية في (أزمنة التخلف)، ولكن تم تجاوزها بالوعي .. ولكن من القوانين الغبية التي لا تزال في في الكون بعض نصوص قانون الخدمة المدنية بالسودان، ثم اللوائح المصاحبة .. ولم تفكر العقول في تطوير هذه القوانين واللوائح وإصلاحها بحيث تكون (صمام أمان)..!!

:: وعلى سبيل المثال، نقرأ بعض نصوص هذا الاعلان : ( ولاية الخرطوم، محلية الخرطوم، مكتب المدير التنفيذي، يعلن المدير التنفيذي لمحلية الخرطوم عن رغبته في طرح عطاء امتياز حصري لمواقع إعلانية بمحلية الخرطوم، وفق شروط ، منها : استلام كراسة العطاء بعد سداد مبلغ قدره (15.000 جنيه)، لا ترد، والمدير التنفيذي غير مقيد بقبول أقل أو أي عطاء آخر )..وعليه، نسأل السادة بالخرطوم، أي نوع من الكراسة هذه تلك التي تبلغ قيمة طباعتها – 15.000 جنيه – قيمة المراجع العلمية و (أمهات الكتب)..؟.. ولماذا لا ترد المبلغ للشركات غير الفائزة ..؟؟

:: ثم ما هي المعايير والتكاليف التي تضع قيمة طباعة بضعة وريقات – مسماة بالكراسة – في مصاف أسعار الكتب والمراجع ؟..ولكم أن تتخيلوا – أيها الأفاضل – حجم المبلغ في حال تدافع الشركات على إستلام كراسات المحلية مقابل هذا المبلغ الموضوع شرطاً من شروط التقديم للعطاء (15.000 جنيه) .. لوتقدمت مائة شركة يصبح المبلغ (1.500.000 جنيه)، أو نصف ذاك العدد يصبح المبلغ ( 750.000 جنيه) ، ليبقى السؤال : بأي حق تستولى محلية الخرطوم على أموال الشركات ؟.. وللأسف، لاتوجد إجابة مطنقية لهذه الأسئلة المشروعة غير ( القانون بيقول كدا) و (اللائحة بتقول كدا)، وهنا مكمن البلاء و أصل الداء ..!!

:: ثم في ذات الإعلان، المدير العام للمحلية غير مقيد بقبول أدنى أو أي عطاء آخر، وهذا النص من مداخل الفساد في الكثير من مؤسسات الدولة .. (منطقياُ)، المحلية بحاجة إلى أكبر قدر من المال مقابل التنازل عن المواقع الإعلانية بالشوارع والكباري للشركة صاحبة (المبلغ الأكبر)..ولكن، حسب نص الاعلان، فأن المدير العام للمحلية غير مقيد بقبول أقل مبلغ أو أي مبلغ أخرى ولو كان ( المبلغ الأكبر) .. نعم، لا شئ يلزم المدير العام بأن يبيع المواقع ( بأكبر مبلغ)، ولذلك ليس بمدهش أن تتقدم إحدى الشركات بألسعر الأكبر، ثم تخرج من المنافسة بخفي حنين..هذا مجرد نموذج – صغير جداً – لمدخل فساد محروس ( بالقانون )..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى