الطاهر ساتي

عود الثقاب ..!!

:: ومن الغرائب،بالولايات المتحدة ، يموت ما يقارب الثلاثمائة مواطن سنوياً بسبب السقوط من السرير وهم نيام، ولقد عجز علماء النفس عن معرفة أسباب هذا السقوط المميت.. وما يقارب المائة مواطن أيضاً، في بريطانيا، يغرقون سنوياً في أحواض البانيو بسبب توقف القلب لأسباب مجهولة، وعجز الطب الجمع ما بين مياه البانيو وتوقف القلب ..وفي سويسرا، ينتحرون سنوياً بالمئات، بالاكتئاب لأسباب مجهولة..وكذلك ظاهرة الاحتراق الذاتي لاتزال تحير العلماء، إذ يشب الحريق تلقائياً في الغابات والمنازل بلا أي عامل خارجي، فيموت البعض ..!!

:: ولكن الأغرب من كل هذا، ما يلي : ( أعلنت قوات الدعم السريع – يوم أمس – عن ضبط خلايا إجرامية تنتحل صفة قوات الدعم السريع وترتكب ممارسات منافية للقانون، وأكد المتحدث باسم الدعم السريع، مدير دائرة التوجيه، العقيد مرتضى عثمان أبو القاسم، إخضاع الخلايا الإجرامية للتحري توطئة لتقديمهم لمحاكمات من قبل السلطات العدلية).. هكذا تبرأت قوات الدعم السريع من عمليات ( إذلال الشباب).. وهي تلك العمليات التي أثارت الفوضى في الشوارع، والكراهية في نفوس الناس، وروح الانتقام في قلوب وعقول الشباب ..!!

:: وحديث العقيد مرتضى عثمان- وما يحدث – ليس بجديد.. وقبل ثلاث سنوات، كان التصريح بالنص : ( هناك عربات بدون لوحات كانت تضرب في الذخيرة)، الفريق أحمد إمام التهامي، رئيس لجنة التحقيق في أحداث سبتمبر، مُجيباً على سؤال الأخ فتح الرحمن شبارقة بالرأي العام، وكان السؤال : من قتل ضحايا أحداث سبتمبر؟.. ويومها كتبت بالنص : من أغرب أسباب الوفاة في العالم، هو أن تلقى حتفك – في أي مكان و أي زمان – برصاص عربات بدون لوحات.. وبعد دفن المرحوم، يتم تدوين البلاغ ثم إغلاق القضية تحت مادة (الوفاة لأسباب مجهولة)..!!

:: تلاميذ الأساس، وناهيك عن أولياء أمورهم، شاهدوا – عامئذ – عربات بدون لوحات تصول وتجول وتطلق الرصاص، فما الجديد في اكتشاف لجنة التهامي؟..فالناس ليسوا بحاجة لمعرفة إن كانت العربات بلوحات أو بدونها، بل بحاجة لمعرفة من كانوا على ظهورها يطلقون الرصاص، ثم هويتهم وأسباب ذاك الانتقام ، أوهكذا مهام لجان التحقيق والتقصي في أحداث كتلك..ولكن في بلادنا، عندما يتم تغييب القانون، يموت بعض الشباب بفعل (عربات بدون لوحات)، كما يصفها الفريق التهامي، ثم يتم انتهاك حقوق البعض الآخر بفعل (خلايا إجرامية)، أو كما يصفها العقيد مرتضى..!!

:: ونتكئ على بيان الدعم السريع، ونسأل، ما هي الخلايا الإجرامية التي تنتحل صفة قوات الدعم السريع وتضرب بالقانون عرض الحائط وتنتهك حقوق الشباب ؟، ومن أين لهذه الخلايا الإجرامية كل هذه العدة والعتاد بحيث يمتطي أفرادها (التاتشرات)، و يتسلحوا بالأسلحة النارية؟، ثم من أين لهذه الخلايا الإجرامية كل هذه الجرأة التي تتحدى هيبة الدولة والقانون، وتطارد الشباب في الحدائق وتضربهم في الطرقات وتحلق رؤوسهم قاب قوسين أو أدنى من رئاسات الجيش والشرطة والأمن الوطني والمخابرات ..؟؟

:: والمهم للغاية هو ما يجب أن يتذكره السادة رئيس وأعضاء مجلس الوزراء وولاة الولايات، وهو أن شرطية باطشة كانت تلك التي أشعلت نار الغضب بتونس، وشاباً عذبته أجهزة القمع حتى مات هو الذي أشعل نار الغضب بالقاهرة..وليس في الأمر عجب، فالشعوب قد تحتمل الجوع والحرمان حيناً من الدهر، وقد تصبر على ضنك الحياة بعض الزمان، ولكنها لاتحتمل أن تهان كرامة أفرادها باسم الدين أو الوطن أو القانون..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى