الطاهر ساتي

نزعوها..!!

:: ما لم تُحل المؤسسات محل مراكز القوى، فلن تصلح حكومة معتز موسى ما أفسدته رفيقاتها الفائتات، حتى ولو اجتمع مجلس الوزراء (يومياً)، ولو طاف كل ولايات ومحليات السودان.. دولة المؤسسات هي التي تنهض بالشعوب والأوطان واقتصادها، وليست دولة يطالب فيها الوزراء بسلطات وزاراتهم، ثم يتظلمون – في وسائل الإعلام – كما يفعل المواطن المغلوب على أمره. وعلى سبيل المثال، طالب موسى كرامة وزير التجارة والصناعة باسترداد الصلاحيات والاختصاصات التي (نزعوها) من وزارته، بحيث تؤدي الوزارة دورها كاملاً، ثم وضح أهمية وزارته في دفع الاقتصاد الوطني..!!

:: وما يطالب به موسى كرامة اليوم ليس بجديد.. لقد تظلم وزير التجارة في عهد حكومة نيفاشاً أيضاً، بحيث ظل ذاك الوزير – وكان قيادياً بالحركة الشعبية – يشكو التهميش لطوب الأرض، ويتظلم في الصحف بعبارته الشهيرة: (وزارتي شلعوها).. وكانت تلك إشارة واضحة إلى أن سيادته وزير بلا سلطات، كما موسى حالياً.. ومنذ ذاك العهد، وحتى يوم مناشدة موسى كرامة هذا، تسربت من وزارة التجارة كل المؤسسات والسلطات ذات الصلة بحركة التجارة الخارجية.. كالمواصفات والمقاييس وغيرها، وصار كل وزير يأتي إلى هذا الموقع بلا سلطات..!!

:: وليست وزارة التجارة وحدها.. كان هناك وزير آخر يبكي دماً ودموعاً.. وهو وزير الاستثمار الأسبق.. كان يصرح شاكياً بلا حياء: (وزارتي عاطلة).. أوهكذا كان نص تظلم وزير ذاك العهد.. ولو أحسن سيادته التعبير لقال: (أنا أيضاً عاطل)..ولكنه اكتفى بوصف الوزارة وحدها بـ(العطالة)..فالسلطات والصلاحيات مهدرة في الولايات غير المسؤولة والتي لا تتقن غير فن تشريد المستثمرين بالرسوم والجبايات.. والمؤسف للغاية، رغم أنف القانون الأخير، لم تسترد وزارة الاستثمار الاتحادية سلطاتها منذ نيفاشا وحتى عهد مبارك الفاضل.. ثم فارقت الحياة في التشكيل التعديل الوزاري الأخير..!!

:: وكذلك وزارة الصحة.. كانت ذات سلطة وسطوة قبل شركاء نيفاشا.. ثم تم تجريدها من كل السلطات، بما فيها سلطة الإدارة الدوائية، وذلك بتدمير إدارة الصيدلة بإنشاء ما يعرف حالياً بالمجلس القومي.. ثم تم تجريدها من سُلطة الإمدادات الطبية بإنشاء ما يُعرف حالياً بصندوق الإمدادات الطبية.. ثم الأدهى، تم تجريد وزارة الصحة حتى من سُلطة إدارة المشافي التعليمية والمرجعية بالبدعة المسماة حالياً (أيلولة).. والشاهد، كما للحكومة عبقرية في تشليع الوزارات وتجريدها من السلطات، فلها أيضاً عبقرية في صناعة المصطلحات المراد بها التجريد والتشليع.. مصطلح الأيلولة نموذجاً.. فمن يسمع المفردة يظن بها خيراً..!!

:: وكذلك آلت سلطات وزارة الداخلية إلى إدارة الشرطة.. ولهذا تنازل الحزب الحاكم – بمنتهى التواضع – عن هذه الوزارة السيادية لشركاء الحوار الوطني، ثم جاء الدكتور أحمد بلال وزيرها.. وهكذا.. ليس موسى كرامة وحده، فالسواد الأعظم من الذين يجتمعون في قاعة مجلس الوزراء، يجتمعون بلا سلطات، بعد أن تم تشليع وزاراتهم وتجريدها من السلطات.. فالسادة لا يعلمون بأن الدول الناهضة تشكلها حزم المؤسسات.. ولو علموا لارتقوا بالناس والبلد إلى عوالم المؤسسية، بدلاً عن اختزال المؤسسية في مراكز قوى مسماة مجازاً بالهيئات والمجالس..!!
Image may contain: 2 people, people standing

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى