الطاهر ساتي

الديون ..!!

:: أوصد رئيس مجلس الوزراء معتز موسى أبواب البلاد أمام القروض الخارجية، وقال بأن هذه القروض بمثابة ورطة تاريخية لاقتصاد البلاد، وقد صدق .. وكثيراُ ما تورطنا في أغلال القروض، ولا نزال .. ولحسن حظ هذا الشعب المغلوب على أمره، فان الدول التي تقرض بلادنا قرضاً حسناً – أو خشناً – لا تسترد ديونها وفوائدها الربوية بقانون (يبقى لحين السداد).. ولو كان الأمر كذلك، لبقى شعبنا في سجون الصين و دول الخليج وغيرها لحين السداد، أي إلى يوم القيامة ..!!

:: وكان ملفتاُ للأنظار ومدهشاً للعقول، طول الثلاثة العقود الفائتة، تعاطي أجهزة الحكومة للقروض لحد الإدمان، بل هناك أجهزة كانت تتباهى بالقروض كتباهي الدول بالإنتاج والتصدير..وفي الخاطر أشهر تباهي في عهد وزير المالية الأسبق علي محمود، حيث كان الخبر الرئيسي بصحف الخرطوم ذات صباح : (وزير المالية يبشر المواطنين بموافقة شركة صينية على تقديم قرض ضخم سيحدث تغييراً جذرياُ في هيكل الإقتصاد السوداني)، فتأملوا ..!!

:: وزراء المالية من حولنا يبشرون شعوبهم بضخامة معدل الانتاج والتصدير وارتفاع معدل النمو، بيد أن وزير ماليتنا كان يبشرنا بضخامة القروض الملقاة على عاتقنا وعواتق أحفادنا وأحفادهم.. والمدهش في قروض بلادنا، كان لأي مسؤول حق التجوال – حاملاً بقرعته – في أسواق الخليج والصين، ويسأل الأنظمة الشركات ليعطوها أو يمنعوها، أي ( إنت وحنكك).. وليس يكن مهماً – للسادة العباقرة بوزارة المالية – نوع القرض الذي فاز به هذا المسؤول المتجول بالقرعة، ولا كيفية إستغلاله..!!

:: فالحكومات تقترض للمشاريع ذات العائد الذي يسدد القرض ويفيض، ولكن في بلادنا كان المسؤول يقترض – بمجهود فردي – لأي مشروع و(خلاص)، وليس بالضرورة أن يكون منتجاُ.. وعلى سبيل مثال آخر، في ذات عام، بشرنا وزير الاعلام الأسبق بحصول التلفزيون على قرض صيني قيمته (120 مليون دولار)، تسدد على (30 سنة)، وذلك للبث الرقمي وتشييد مبنى التلفزيون بشارع النيل.. نعم، لو لم تتدخل سلطات أخرى وتمنع، كانوا قاب قوسين أو أدنى من جلب قرض لمباني تلفزيون ربما لا يشاهده حتى مديره والعاملين معه .!!

:: وكثيرة هي القروض التي أهدرتها السلطات في مشاريع ليست ذات جدوى، لتصبح جبالاُ على كاهل الأجيال لحين السداد .. وعلى سبيل المثال الأوضح، قيمة القروض التي أهدرتها وحدة السدود في مطار مروي ومنتجع مروي ومستشفى مروي وغيره من المسماة بالمشاريع المصاحبة، والتي تم تشييدها بلا دراسات، فتحولت إلى (أطلال مهجورة) .. ورحمة بشعبنا، لاتقدم الدول قروضا لمشاريع المهرجانات السياسية التي يصرف عليها السادة المسؤولين خصماً من ميزانية الصحة والتعليم، ولو كانت الدول تقرض لمثل هذه المشاريع الوهمية لبلغت ديون بلادنا أضعاف ما هي عليها الآن ..!!

:: لقد أحسن رئيس الوزراء عملاُ باغلاق الأبواب أمام القروض الأجنبية.. فالأنظمة التي تدمن القروض وتعشق الودائع دائماً ما تدير إقتصاد دولها – ذات الموارد الطبيعية غير المستغلة – بالنهج الذي لايحقق ربحاً للمواطن، ولا عائداً للوطن، ولا إستقراراً للسكان..ثم أن القروض والودائع، مهما كان حجمها، ما لم تُغرس في الأرض بحيث تكون ( زرعاً مثمراً)، أو توضع في المصانع بحيث تكون إنتاجاً وتصديراً)، فهي تصبح مدخلاً لفساد البعض وخمول البعض الآخر ..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى