الطاهر ساتي

و اعترفوا.. !!

:: قبل أن تصدم الناس والبلد ببرنامج الصدمة المُعلن من قبل رئيس الوزراء معتز موسى، تلقت الحكومة أكثر من صدمة.. وعلى سبيل المثال، رغم ضغوط التفاوض وكثرة الأجاويد، اعتذر الدكتور عبد الله حمدوك عن قبول منصب وزير المالية.. وقبل صدمة حمدوك، كانت الحكومة قد تلقت صدمة ناجي شريف الذي اعتذر أيضاً عن قبول منصب وزير الدولة بذات الوزارة.. أما الصدمة الكبرى، فهي اعتراف الحركة الإسلامية – ومؤتمرها الوطني – بالعجز عن إدارة اقتصاد البلد، بدليل البحث عن الخبراء المهنيين بالداخل والخارج، ثم الإعلان عنهم بغير موافقتهم، وكأنهم عبيد في حاشيتهم..!!

:: نعم بغض النظر عن الرفض والقبول، فإن ترشيح واختيار أحد ضحايا الصالح العام – عبد الله حمدوك – وزيراً للمالية، يُعد اعترافاً صريحاً بخلو أجندة الحزب الحاكم من أي برنامج اقتصادي يصلح هذا (الحال المائل)، كما أن اختيار حمدوك يُعد إقراراً واضحاً بخلو قوائم الحزب الحاكم من الكوادر الاقتصادية القادرة على إصلاح ما أفسدته سياساتهم الفاشلة .. وكما تعلمون، فلا جديد في القطاع الاقتصادي، فالوجوه هي ذات الوجوه، والعقول هي ذات العقول، ولذلك كان – وما يزال – مبلغ علمهم في علوم الاقتصاد هو (رفع الدعم)، ثم زيادة الجمارك و الضرائب و الجبايات ..!!

:: ولو كان رفع الدعم عن غذاء ودواء المواطن – مع زيادة الجمارك والضرائب على كل وارد وصادر – بحاجة إلى (عقول عبقرية)، لما بحثت حكومة معتز موسى عن الكفاءات والعباقرة والخبراء بالخارج والداخل.. ومع ذلك، فإن السادة بالقطاع الاقتصادي لم يسألوا أنفسهم – وفيصل إبراهيم نائب رئيس المؤتمر الوطني – عن أسباب اختيار حمدوك رغم وجودهم، ولن يسألوه.. فالشاهد أن سادة العجز والفشل بالقطاع الاقتصادي هم من أوصلوا اقتصاد البلد وأحوال الناس إلى هذا الدرك، وفيهم من لا يزال ينظّر للمستقبل (بلا حياء)، وهم من صدمهم اختيار حمدوك، و كان عليهم الاعتذار للناس والبلد عما ارتكبوه في (حقهما)..!!

:: ودون غض النظر عن طريقة الاختيار، إذ ليس من العقل أن تختار وزير مالية بلد – وأي مسؤول آخر – بلا علمه.. ودون غض النظر عن هذه العشوائية التي تُدار بها مصائر الناس والبلد، فلقد أحسن الحزب الحاكم حين اعترف بفشل كوادره الاقتصادية، ثم باختيار الكادر المؤهل من خارج الصندوق الحزبي (حمدوك).. ولست شامتاً على اعتذار حمدوك، أو كما حال السواد الأعظم المكتوي بنار كسالى القطاع الاقتصادي.. لست شامتاً، بل أدعم هذا النوع من الاختيار، بحيث يحتل كل امرئ في السودان (مكانه)، وليس كما قال المرحوم محمد أحمد محجوب : كل امرئ في السودان يحتل (غير مكانه)..!!

:: ولكن قبل اختيارهم لحمدوك وغيره من المُبعدين، كان عليهم أن يعلموا بأن بلادنا بحاجة إلى استقرار سياسي يُعيد كل الكفاءة – المهاجرة والمقيمة- طوعاً واختياراً إلى مواقع إصلاح الحاضر وصناعة (الغد الجميل).. فالإصلاح السياسي الذي يعترف بالآخر هو المدخل الصحيح لتسابق الجميع – بمن فيهم حمدوك – في مضمار خدمة الوطن والشعب.. وعليه، ما لم يحل السلام محل الحرب بالنيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور، وما لم يحل التنافس بالأفكار والبرامج محل الإقصاء والتحارب بالرصاص، وما لم يشعر كل أهل السودان بأنهم سواسية في الحقوق والواجبات وصناعة القرار الوطني، فإن مليون حمدوك لن يصلح ما أفسده الركابي وإخوانه..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى