Site icon كوش نيوز

زكية .. حكاية أول فتاة تقود (موتوسيكل) في شوارع الخرطوم

مشهدها وهي تقود (الموتوسيكل) في شوارع الخرطوم كان يدفع الكثيرين للتساؤل، بينما يدفع آخرين لرفع حاجبي الدهشة، فالمجتمع السوداني الذي عرف لسنوات طويلة بعاداته وتقاليده وثوابته كان من الطبيعي جداً ألا يتقبل بسهولة فكرة فتاة تقود دراجة نارية في الشوارع الرئيسية، ولعل هذا هو ما دفعنا لنجلس مع تلك الفتاة ونسألها عن تلك الخطوة الجريئة التي أقدمت عليها، بالإضافة إلى سؤالها أيضاً عن الحادث المؤلم الذي تعرضت له قبل أيام وهي تقود تلك الدراجة بشارع المطار بقلب الخرطوم، فماذا قالت؟

 

أنا زكية محمد صديق، معلمة بمدرسة انترناشونال بالطائف.

 

الفكرة جاءت بسبب معاناتي مع المواصلات، وطبعاً الفكرة المفهومة لكل الناس إنك تشتري عربة لكن مع موظف ومرتب محدود يبقى هذا حلم يصعب تحقيقه، فكان لابد أن يكون هناك حل آخر.

 

شوف المعاناة قسمان الانتظار للمواصلات وكمية الرهق وشد الأعصاب من ساعات العمل، أما القسم الثاني من المعاناة فهو التحرشات والمضايقات التي لو كتبت عنها كتاب لن يكفي لسردها والحكي عنها.

 

نعم .. كان اضطراراً وحوجه، وليس ترفاً أو رفاهية، وصدقني، لو كان في حاجة أصعب من قيادة الموتوسيكل كان عملتها.

 

الناس كانت بتفتكر أني (مجنونة)، وما كانوا مصدقين في الأول، أنا بطبيعتي عندي جرأة وزولة رياضية، وخريجة تربية رياضية وممكن دا يكون سهل على الموضوع كتير، لكن برضو الموتوسيكل ما زي العجلة، سرعتو عالية وفيهو خطورة.

 

عندما كنت أتذكر المعاناة كنت أدوس على البنزين، وبهذا كسرت حاجز الخوف لانو ما عندي خيار غير الحل دا.

 

أصلاً أنا بسوق دراجه، ودا سهل علي إجادة التوازن واتصلت على عميد كليتنا ورحب بالفكرة وسهل لي تعليم قيادة الموتر في المدينة الرياضية.

 

المدرب قال لي انتِ محتاجة شهر، لكن أنا طلعت الزلط اليوم التالي طوالي .

 

كنت بقاوم الخوف، وبمشي بحذر خلف الحافلات، وفي ناس في الشارع كانوا بقولوا لي خشي بالحلة انت حتموتي يا بت في أي لحظة.

 

صراحة أنا في موضوع أدهشني، لما قمت بالموضوع كنت خاته احتمالين انو في ناس ترفض الموضوع وفي ناس تدعمني دعما بسيطاً، بس كانت المفاجأة انو الناس كلها دعمتني حتى في الشارع لما أجي مارة بسلموا علي وبيجوني.

 

كنت أول ما أعاين في ملامح الناس وأشوف (الغرابة) ببتسم في وشهم، طوالي بياخدوا الموضوع على المزاح والنكتة.

 

لا أبداً أنا حسيت إنو كدا يادوب انتصرت لأنوثتي.

 

نعم هو (سوفت) خالص مافيهو صوت مزعج ومريح جداً وخفيف حتى لو عايزة أرفعوا أو استعدلو ما بلقى صعوبة.

 

لا .. ودي أول تجربة حقيقية لي في القيادة بشكل عام.

 

لو خيروني بين الاثنين حاختار الموتوسيكل.

 

أنا أقول ليك مبالغة.. ما لقيت ولا واحدة ما عجبتها الفكرة كلهن أعجبن بالفكرة.

 

دي حقيقة، وأنا جواي غضب وزعل كبير لأن الناس في مجتمعنا ما بتعاملوا مع المرأة كانسانة، بل كأنثى فقط، حتى لما تتعرض لجريمة اغتصاب أو تحرش يقع اللوم عليها هي وبيتم تجريمها، وهذا الموضوع ورث وولد عزيمة وإصرار جواي أن أكسر الحواجز دي، وبالمناسبة المرأة الآن حول العالم مش سايقة دارجة وبس لا ، المرأة سايقة مركبات فضائية وصواريخ، يعني باختصار في عالم تاني لسة بندهش مننا إن نحن  بنندهش من امرأة سائقة دراجة .. وأعتقد إن الحوار دا مفروض يتعمل معاي إذا سقت مركبة فاضية أو مشيت كوكب تاني.

 

لا طبعاً المرأة الآن تثبت كل ما أقول بالدلائل مثلاً أنا معلمة وحا أدعوك تدخل أي مدرسة وتشوف نسبة عدد البنات مقارنة بالأولاد وممكن تشوف كمان نسب النجاح في الشهادة السودانية، أنا ما حا أقيس ليك بالذكاء لأنها فكرة بليدة، أنا بقيس ليك بنسبة الجدية والالتزام والاهتمام بالدراسة من الفتيات أكثر من الأولاد، حتى في مستوى الوعي هن متجاوزات الرجال.

 

أنا ماشة الشغل بشارع المطار فإذا بعربة من عربات الدفع الرباعي  طالعة من شارع فرعي ودخلت في شارعي واصدمت بي من الخلف، وطبعاً سائق العربة  ما جاتو حاجة، ولما حاصرتو بانو غلطان قال لي أنا عامل تأمين شامل كامل، ولم يتم إسعافي إلا بعد وصول أحد زملائي بالشغل ووصولنا المستشفى وهذا شئ محزن جداً.

 

ضرر نفسي ومعنوي ومادي وأذى جسيم، والإصابة بالتفصيل هي (كسر مخالص) اللي هو كسر كبير جداً وهناك كسر في الساق بالإضافة إلى كسر في عظمتين من عظام الركبة، وتم تركيب جهاز (لازروف) لي وهو يتم تركيبه للكسور المهمشة، وهو جهاز تركيبه يكلف ملايين الجنيهات، والحمدلله على ما أراد الله.

 

أجراه : أحمد دندش

الخرطوم (صحيفة السوداني)

Exit mobile version