الطيب مصطفى

وانفتح باب للأمل

كتبنا مشيدين بقرارات رئيس الجمهورية الرامية إلى ضبط الأداء وترشيد الإنفاق الحكومي خاصة فيما يتعلق بتقليص هياكل الحكم التي ضخمتها المحاصصات السياسية والجهوية وضريبة إطفاء نيران الحرب التي أرهقت خزانة الدولة أيام اشتعالها ثم الترضيات السياسية الناشئة عنها بعد أن وضعت الحرب أوزارها.

كما سرني أن يُعيّن معتز موسى رئيساً للوزراء ولا أتردد في القول إنني رغم ضيق الوقت منذ تعيينه ، شعرت بشيء من الارتياح النسبي في الشارع الذي كان يبحث عن أمل طال انتظاره ليزيح عنه كروب الأيام الخالية وقد تنفس شيئاً من الصعداء تفاعلاً مع تلك القرارات التقشفية علاوة على استبشار مستحق بقدوم معتز موسى الذي لا يحمل الناس نحوه مشاعر سالبة سيما وأن الرجل يستند على سيرة عطرة من العطاء الزاخر في دهاليز العمل العام لم تشبها شائبة في أي يوم من الأيام بل أن ما يزيد من رصيده أنه امتشق السلاح جهاداً ودفاعاً عن عزة هذا الوطن وكرامته.

ما زكى معتز للمنصب قدرته على الفعل وبذل الجهد والمتابعة اللصيقة للمهام الموكلة إليه يعينه على ذلك سنه الشبابية وقد استمعنا إليه مراراً خلال جلسات المجلس الوطني ولجانه والتي برع خلالها في الإبانة والإحاطة بتفاصيل عمله.

لا أظن أن معتز يحتاج إلى كثير نصح مني أو من غيري فقد خبر وعاش التحديات الماثلة التي تُحيط بالبلاد بما في ذلك الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي لم يشهد السودان لها مثيلاً منذ الاستقلال وهل أدل على ذلك من أزمة السيولة التي ضربت النظام المصرفي وحرمت الناس

– غنيّهم وفقيرهم – من أموالهم المودعة في البنوك وأحدثت موجة من السخط على النظام الحاكم لم يحدث منذ تسنمه مقاليد السلطة منذ ما يقرب من (30) عاماً؟

إذن فإن الأزمة الاقتصادية تمثل التحدي الأول للرجل نظراً لانعكاسه على معاش الناس بعد أن بلغ التضخم أرقاماً فلكية وتصاعدت الأسعار وانهار الجنيه السوداني أو كاد أمام الدولار .

ليس صعبا ورب الكعبة ، تجاوز مشكلة العجز في ميزان المدفوعات لو توافرت الإرادة والفعل والحزم في إحكام التعامل مع الذهب فقط ناهيك عن موارد النقد الأجنبي الأخرى ولن استفيض في هذه العجالة.

سرني أن الرئيس وهو يعلن عن (الوثبة) الأخيرة أعلن عن عزمه على حفز زيادة الإنتاج الزراعي وهو شعار دائم لدولة رشحتها منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) لتكون سلة غذاء العالم بالرغم من أن انتاجها الزراعي لا يزال حتى الآن وبعد أكثر من ستين عاماً من الاستقلال ، لا يكفي لسد رمق مواطنيها.

من تراه المسؤول عن ذلك الفشل وقد تولى إدارة الشأن الزراعي كبار أساتذة الزراعة في أعرق الجامعات السودانية؟!

لكن هل الأمر يتعلق بكفاءة وزراء الزراعة أم أنه أحد تداعيات أزمتنا السياسية التي ظلت تمسك بخناق البلاد وتعصف باقتصادها وأمنها وكل شؤوون حياتها؟

أزمات يأخذ بعضها برقاب بعض واضطراب سياسي يقصر أعمار الحكومات ويغير من الوزراء كل حين فقد عين بعض الوزراء قبل نحو يومين قبل أن يزيحهم قرار حل الحكومة الأخير.

صحيح أنه ما من قرار بحل أي من الحكومات السابقة كان مبرراً مثل الذي حدث مؤخراً فقد كان جميع المواطنين يترقبونه وينتظرونه على أحر من الجمر ليضع حداً لمعاناة لم يشهدوا مثيلاً لها ربما منذ الاستقلال.

كثير من الإعفاءات للوزراء لم تكن مبررة فقد دهشت لإعفاء الخبير والعالم النفطي

د. عبدالرحمن عثمان الذي كان منتظراً منه الكثير لولا تلك الحملة الإعلامية الظالمة التي جنت عليه لمجرد أنه امتعض من بعض المواجهات الصحفية الساذجة.

لعله ما من مثال صادم للإعفاءات التي تمليها المتغيرات السياسية التي يضطر إليه صانع القرار مثل ما حدث لدكتور المتعافي الذي أعفي في أوج توهجه وعطائه بعد أن أحدث تحولاً مدهشاً في قناعات الناس حول الأخذ بالمفاهيم الحديثة في الزراعة وزيادة الإنتاجية رغم المعارضة العنيفة التي ووجه بها وما تجربة القطن المحور وراثياً التي أحدثت ثورة في الإنتاج الزراعي إلا إحدى إنجازاته التي كان ينبغي أن تتواصل في كل المجالات والمحاصيل ولا أزال أذكر زيارة الرئيس بصحبة المتعافي لمنطقة أقدي التي بهرت الرئيس وقطعت قول كل خطيب ولكن رغم ذلك أعفي المتعافي ولم تتعاف الزراعة التي كانت موعودة بطفرة يقودها رجل حفيظ عليم بالتجارب العالمية، فهل نشهد عودة جديدة للمتعافي ليقود مسيرة تصحيح أكبر مشكلات الإنتاج الزراعي المتمثلة في انخفاض الإنتاجية؟!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى