الطاهر ساتي

(القلم والبلم)

:: يناير الفائت، عندما تجاوز نقد البعض البروفيسور قاسم بدري – على صفعه لبعض الطالبات – إلى هدم جامعة الأحفاد، كتبت مدافعاً عن الجامعة : ( الحدث غير مقبول، ولكن هل يستدعى كل هذا الصخب ؟..لقد اعتذر قاسم لمن يهمهم الأمر، ولكن بجهل مدقع يحرّض بعض الحمقى المنظمات والدول الداعمة للجامعة، وكأن هذا التحريض المعيب ليس بصفع لمصير الطالبات و أسرهن .. حقدهم الأعمى يريهم بان الجامعة ما هي إلا مصدر رزق لآل البدري، ويتناسون أن نسبة الطالبات القادمات من مناطق الحرب والفقر بالجامعة تتجاوز (30%)، وما تقدمها الأحفاد للمجتمع السوداني لن يقدمها حزب أو جماعة، ومن العار أن يسعى البعض إلى تدميرها) ..!!

:: كان ذاك موقفي، ولا يزال، أي نقد قاسم بدري على تصرفه الأشتر(مشروع للغاية)، ولكن ما ليس مشروعاً هو هدم إحدى قلاع العلم وتحريض الجهات الداعمة بعدم الدعم .. والمؤسف، كما تجلى في البرنامج الأسبوع لصحيفة التيار (كباية شاي)، فان قاسم بدري بحاجة إلى (إجازة) تبعده عن جامعة الأحفاد ، لحين تغيير موقفه من ظاهرة الجلد في المؤسسات التعليمية، وليس الأحفاد وحدها.. إذ يقول البروف قاسم، داعماً العقاب بالجلد، بالنص : (جيلي تربي على الضرب في المدارس كنوع من التقويم والتربية، وأن والدي كان يضربني، وكان يتم ضربي أسبوعياً لعجزي عن الحفظ)، ثم اتهم قاسم الجيل الحالي بـ (الدلع)، لرفضهم للضرب وان اولياء الامور أيضاً يرفضون ..!!

:: و الشاهد أن هذا ليس فقط برأي البروف قاسم بدري، بل يكاد يكون رأي أجيال لها القدح المعلى في كوارث السودان، السياسية منها والاقتصادية و غيرها..(لا تحزن على الصبيان إن ضــُربوا فالضرب يفنى ويبقى العلم والأدب / الضرب ينفعهم والعلم يرفعهم، ولولا المخافة ما قرأوا وما كتبوا)، واحدى قصائد جاهلية العرب التي تربى عليه تلك الأجيال ..وبالإتكاءة على هذا الجهل، يتخذون الأطفال والصبيان – وطالبات الأحفاد – نياقاً وحميراً لحد إستخدام السياط والخراطيش والصفع في التربية والتعليم..ولا يعلمون بأن الخراطيش والسياط والصفع من وسائل العاجزين عن التربية والتعليم..!!

:: فالبروف قاسم بدري بحاجة إلى (إجازة) تبعده عن جامعة الأحفاد، حتى يعلم بان العالم من حوله تجاوز مجرد النقاش حول الجلد في مؤسسات التعليم، وناهيك عن دعم وتشجيع الجلد، أو كما يتباهي.. لقد توصل الجميع إلى أن جلد الطلاب يعني تدني مستوى احترامه لذاته، ويعني عدم تعبيره السليم عن القدرات والآراء، ويعني هز إستقراره النفسي، ويعني توليد الكراهية في نفسه تجاه الآخر ، ويعني جلب الكآبة والقلق والعدائية إليه، ويعني عجزه عن مواجهة الأحداث والمواقف في حياته، ويعني رهبته من اتخاذ القرار، ويعني تعرضه للأذى أو الموت كما حدث ببعض مدارس ولاية الجزيرة قبل سنوات، ولم يدنه قاسم بدري ..!!

:: لونفع الضرب تلاميذ زمان قاسم بدري، أو كما يتباهى، لما كان حال الناس والبلد على ما هما عليه (حالياً)، بئس الحال .. فالأجيال المصفوعة سابقاُ هي الأجيال التي تصفع هذا الحاضر.. فالضرب أفسدهم، وبفسادهم أفسدوا حياة الناس والبلد، بحيث تبدو كقطعة من جهنم ..ومن المحزن ألا يعلم البروف قاسم بدري بان الأجيال التي تعلمت بالسياط وتربت بالخراطيش وحفظت الدروس بالصفع والركل، هي الأجيال التي أقعدت شعبنا وبلادناعن اللحاق بركب النهضة، وهي ذات الأجيال العاجزة عن إدارة بلادنا ومواردها، وكذلك هي الأجيال التي رسخت ثقافة العنف في ذاتها ثم المجتمع..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى