الطاهر ساتي

الأطنان الفاسدة..!!

:: يوليو الفائت، وضعت مباحث حماية المستهلك يدها على ثلاثة أطنان من الفراخ الفاسدة وغير صالحة للاستعمال الآدمي ، وكانت قادمة من منطقة القطينة بالنيل الأبيض، و في طريقها إلى التوزيع والتسويق في أسواق حي مايو، بجنوب الخرطوم .. وبعد أسابيع، كان الخبر – بصحف الأمس – عن وضع مباحث حماية المستهلك يدها على سبعة أطنان من الفراخ الفاسدة وغير الصالحة للاستعمال الآدي، وهي في طريقها للتوزيع والتسويق في ذات الأسواق ، أسواق حي مايو بجنوب الخرطوم ..!!

:: فالطن يعادل ألف كيلو، ولكم أن تتخيلوا حجم المخاطر و أعداد من تستهدفهم هذه الجريمة في حال أن تكتفي كل أسرة هناك بشراء (كيلو فراخ)، من تلك الأطنان الفاسدة ( 10 أطنان).. وكما وجه في الحادثة الأولى، فقد وجه العميد شرطة الدكتور أبوعبيدة العراقي معتمد محلية جبل أولياء في الحادثة الثانية أيضاً السلطات الشرطية بابادة الأطنان الفسادة ثم اتخاذ الاجراءات القانونية في مواجهة الأنذال الذين يبيعون الموت والمرض في أسواق الفقراء بجنوب الخرطوم ..!!

:: وبالمناسبة، حي مايو ثم أحياء أخرى – بجنوب الخرطوم و محيطها – بمثابة أحياء تكاد تكون معزولة عن حياة الآخرين .. ومثل هذه الأحياء تجاور كل عواصم ومدن السودان.. والعزل ليس بالجدار ولا بالأسلاك، ولكن بالتهميش وعدم التخطيط – جغرافياً وتنموياً – ثم بتجفيفها من الخدمات مع غياب الرقابة .. وأسواق هذه الأحياء المعزولة هي المستهدفة دائماً من قبل الفاسدين بكل ماهي فاسدة من لحوم وسلع، ليمرض الفقراء بصمت ويموتوا بلا صخب ..!!

:: وأما جريمة توزيع أطنان الفراخ الفاسدة ، ف (لا جديد).. وكثيرً ما وضعت السلطات يدها على مطاعم تبيع لحوم الحيوانات النافقة، وهي اللحوم المسماة شعبياً ب (الله كتلا).. ولا يُمر أسبوعاً إلا وتكون السلطات قد وضعت يدها – بالخرطوم و كل السودان – على جرائم بالأسواق ، ثم يمضي قطار الأنشطة في بؤر الجرائم والكوارث (طبيعياً)، بعد غرامة أقل من تكاليف علاج مريض أو دية غافل مات بالاسهال المائي .. ليس عدلاً أن يتم تسويق الموت والمرض في الأسواق، ثم يكون العقاب غرامة قدرها ( مائة دولار)، أو أقل ..!!

:: والمؤسف، وكأنها على تحالف مع الذين يوزعون المرض والموت في الأسواق، منذ العام 2005، تمارس سلطات الدولة العدلية والتشريعية تسويفاً مريباً حول مشروع قانون حماية المستهلك .. قبل عام، بعد أن وصف السودان بمكب السلع الفاسدة، قررت لجنة الحسبة والمظالم وضع مسودة لقانون حماية المستهلك أمام النواب، لتصبح قانوناً يحمي المواطن، ثم قالت اللجنة في ذات التصريح، أي قبل عام، سوف تصبح المسودة قانوناً رادعاً خلال أسبوع .. !!

:: ومضى الأسبوع، ثم الشهر، والعام.. وفجأة، و بلا أي توضيحات، تم سحب المسودة .. نعم، تم سحب مسودة قانون حماية المستهلك من داخل قاعة البرلمان، وبعد تحديد موعد إجازتها، ولا يزال مصيرها مجهولاً..فالسلطات التشريعية والعدلية قادرة على تعديل الدستور و القوانين بين (ليلة وضحاها)، بل أن تعديل الدستور والقوانين في بلادنا أسهل من تغيير (إطار عربة)..ومع ذلك، ما أن يدخل قانون حماية المستهلك في قطار التعديل، بحيث يكون (رادعاً)، فأن هناك مراكز قوى قادرة على ( تعطيل القطار)، وهذا ما يحدث منذ العام (2005)..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى