ناهد قرناص

راجين الري

في بواكير أيامي بالخدمة المدنية.. كنت أعمل بمدينة الدامر.. وأذهب الى عملي بترحيل وزارة الثروة الحيوانية.. كنت أذهب الى محطة البص التي تجاور منزلنا في عطبرة.. حيث يأتي الترحيل في موعده كل يوم.. ذلك اليوم تأخر كثيراً.. أو ربما (أنا الما جيت).. وقفت طويلاً.. مرت كل التراحيل التي أعرفها.. خلت الطرقات من طلاب المدارس.. وأرتفعت الشمس في كبد السماء.. وبلغ اليأس مني مبلغاً.. في تلك اللحظة رأيت شبح عربة يتهادى من على البعد.. كانت تقترب مني ببطء.. توزع الميل على الجانبين بعدل.. مرة يسار ومرة يمين.. عندما مرت بجانبي..

قرأت بوضوح (وزارة الري والقوى المائية).. أذكر أنني ضحكت وحدي حتى خفت أن الاتهام بالجنون سيلاحقني.. ذلك أنني تذكرت عبارة كنا نرددها كثيراً دون أن نفهم مقصدها.. يقال لك: (خلاص أرجى الري).. والمعنى أن انتظارك سيطول الى أجل غير مسمى.. ولا أدري علاقة العبارة بمصلحة الري.. ولماذا كان يأتي متاخراً دائماً.. المهم أنني في ذلك اليوم قلت لنفسي (الري ذاتو جاء.. وترحيلك ما جاء..).. فاعتزمت الذهاب بالمواصلات الى دامر المجذوب للحاق بالعمل..

وقد كان.حكيت قصة الري أعلاه.. لكي أقول لكل من ينتظر ردة فعل رسمية سريعة لكارثة أطفال المناصير.. انه (راجي الري).. فقد ذهب الكثيرون من المتطوعين يحدوهم الأمل ويملوءهم الحماس. وبلغوا المنطقة بعد شق الأنفس وعادوا منها بمعلومات كثيرة.. وتفاصيل أكثر.. وجلسنا نحن في انتظار نهاية الفيلم السعيدة.. بالقضاء على المعاناة نهائياً.. اذا بنا كلنا (راجين الري).. فالأخبار التي تواترت.. أن (الحال ياهو نفس الحال.. وفي جواي صدى الذكرى).. وأن أطفال مناطق أخرى أيضاً يمتطون ذات النوع من تلك المراكب التي تخلو من أي أدوات سلامة للذهاب الى مدارسهم في الجهة الأخرى.. رغم أن ولاية نهر النيل بها مواعين نهرية.. وأن هناك هيكلة وظيفية كاملة مسؤولة عن هذه المواعين النهرية.. ولكنهم كذلك يبدو أنهم (راجين الري).

من (رجيان الري).. أن تتوقع إنزال التوجيهات الرسمية على أرض الواقع.. فالأمر بالنسبة لهم انتهى بنهاية التصوير.. لكن معلومة المواعين النهرية الموجودة بولاية نهر النيل.. جعلتني أفكر في مصلحة النقل النهري (طيب الله ثراها).. وكل ما تحت يدها من مواعين نهرية.. وبواخر نيلية.. أين هي هذه الأشياء؟ وإلى من آلت ورثتها؟ وإن كانت موجودة لماذا لا تتم صيانتها وإنزالها للخدمة في مناطق المتأثرين بالسد؟ ولا برضو راجين الري؟

الأمر ينطبق على جميع الخدمات لتلك المناطق.. فانه لمن (رجيان الري) أن نتوقع وصول الخدمات لتلك المناطق في فترة وجيزة فالاجراءات الحكومية أصلاً تسير بسرعة تؤول الى الصفر هذا طبعاً (إن لم يحبسها حابس).. لذلك أتمنى أن يحدث تفاعل فوري من كافة قوى المجتمع المدني.. تفاعلاً يكون مراقباً من جهات لها صلة وثيقة بأصحاب الوجعة وأفراد يمكنهم التفرغ للمتابعة والقيام بدور حلقة الوصل حتى يخرج متأثري السد الى بر الأمان ويعيشون في مجتمع به أبسط الحقوق من تعليم وصحة وسكن.. دعوهم يتنفسون الصعداء بعد سنوات طوال قضوها وهم (راجين الري).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى