محمد عبد الماجد

أمين مكي مدني.. (تاني ما فضل لينا شيء)

> بعد رحيل الوزير السابق في حكومة انتفاضة أبريل 1985م والناشط السياسي والحقوقي د. امين مكي مدني ، تذكرت مقولة (عمر سليمان) والد الشهيدات الخمس اللائي غرقن في نهر النيل قبل عيد الأضحى المبارك وهو يقول لقناة الجزيرة : (لو عملوا الكوبري أو ما عملوهو ما فضل لينا شيء).
> لا أعرف لماذا قفزت الى ذهني تلك العبارة الآن – ربما لعظم الإحساس بذلك الفقد الكبير المتمثل في رحيل د. أمين مكي مدني.
> الوطن أضحى في كل يوم يفقد (رمزا) من رموزه ، يمثل كل النقاء والشفافية والإبداع الفكري والعملي في السودان.
> لم تعد تفرق عندنا كثيرا مثل والد الشهيدات عمر سليمان ، وفي كل يوم يرحل منّا رمز في قيمة د. أمين مكي مدني في السياسة او الفن او الرياضة او الاقتصاد او حتى المجتمع.
> الكثير من الرموز فقدناها في السنوات الأخيرة ، حتى أنك تشعر للفراغات الكبيرة التي يمكن ان يعاني منها الوطن بعد هذه الافتقادات الكبيرة ، والتي لا يمكن تعويضها.
(2)
> قبل أيام رحل عنّا الإعلامي حمدي بدرالدين ، أشهر وأفضل ، وربما اول من أسس لبرنامج مسابقات في الوطن العربي بفكرة ورصانة وأسلوب ممتع وشيق.
> ورحل عنّا الموسيقار سليمان أكرد ، الذي حمل الأغنية السودانية على (كتفيه) سنين عددا ، ليفقد بصره في سبيل تشنيف الأذن السودانية بجميل الأنغام والألحان.
> وغادر الحياة الدنيا الفنان السني الضوي ، احد أبرع من وضع اللحن (التشكيلي) بتموجاته المفرحة والمحزنة ، حيث أبدع في كل ضروب التوثيق (المشاعري) للألحان بين الفرح والحزن.
> قبل أولئك كان قد رحل في صمت عجيب المخرج والدرامي جلال البلال ، وأعماله الدرامية ما زالت تبث على شاشة التلفزيون القومي.
> رحل محمد يوسف موسى دبلوماسي (الكلمة) ، وسيف الدين الدسوقي أروع من كتب بالفصحى وأجمل من قدم الأغنية الشعبية في وقت واحد.
> رحل الأستاذ محمد الواثق شاعر أم درمان تحتضر ، وعبدالماجد بوب الذي مارس السياسة بأدب جميل.
> كل هذه الأسماء وغيرهم من الرموز الوطنية والإبداعية الكبيرة ، رحلت في فترة وجيزة لتكتمل فواصل الوجع برحيل الناشط الحقوقي د. أمين مكي مدني.
> أليس من بعد لنا أن نقول مثل ما قال عمر سليمان (لو عملوا الكوبري أو ما عملوه ما فضل لينا شيء)؟.
(3)
> د. أمين مكي مدني مع كل النجاحات التي حققها بالخارج ، وبكل درجاته العلمية وخبراته الطويلة ، ظل مرابطا بالوطن ، يعارض بشجاعة الى ان كان رحيله بمستشفى فضيل بالخرطوم.
> أمثاله بمثقال ذرة (موقف) ، غادروا البلاد لينعموا بفضيلة ربع موقف (معارضة) ، وهم لا يملكون خبراته ولا يقتربون من شهاداته العلمية والأكاديمية ولا بنجاحاته العملية.
> هو مع كل الذي تعرض له ، ومع تقدم سنه وتكالب الأمراض عليه ، ظل بالوطن يجاهر بمواقفه ويعلن عنها في كبرياء وزهد.
> أمين مكي مدني رجل تشعر بنقاء دواخله ، وتلمس عظم مسيرته ، وتشهد له بالطهر والأمانة والعمل من أجل مصلحة الوطن.
> هكذا هو لمن يعرفه ، ولمن لا يعرفه ، سيرته ، ومواقفه تغني عن سواه ، وتخبر بفقد كبير للوطن برحيله أمس الأول.
> لا أرصدة له في البنوك.
> ولا فيلل له على الشواطئ والأحياء الراقية.
> رجل كل ما يملكه سريرته البيضاء ، ودواخله النقية.
> هل لنا أن نحلم بمثل هذا الطهر في المستقبل القادم؟.
(4)
> نسأل لأمين مكي مدني الرحمة والمغفرة.
> ونقول أخيراً :
> (لو عملوا الكوبري أو ما عملوه ما فضل لينا شيء).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى