محمد عبد الماجد

اللهم إني (سوداني)

(1)
> مما ليس فيه شك أن الانتساب لهذا الوطن فخر لكل شخص، وهو إعزاز لأبناء هذا الشعب، إذ يبقى الانتماء للسودان قيمة لا تضايها قيمة.
> لكن ما يجب أن نتوقف عنده أن اشتداد الأزمات وتكالبها على (المواطن السوداني) يمكن أن يضعف الحس الوطني، وقد تساعد تلك الأوضاع على ظهور جيل انتماؤه للوطن ضعيف. او هو انتماء لا يتجاوز حدود مشاركة (البوست).
> الأجيال الجديدة لم تجد غير الوقوف في (الصفوف) وتسديد (الرسوم)، ولم تعرف غير انتظار عودة التيار الكهربائي.
> الأجيال الجديدة لم تسمع لمحمد وردي وهو يغني (حدق العيون ليك يا وطن)، ولم تشاهد (جكسا) في خط ستة.
> ولا تنقا عندما يكمل (اللاين).
> هي لم تقرأ لصلاح أحمد ابراهيم عندما يكتب (غاضباً)، ولم تتوقف عند (طفلة وسط اللمة منسية).
> الأجيال الجديدة لم تسترق السمع لعلي المك في اذاعة ام درمان بصوته المبجل (غرفتين وبرندة) وفضاء واسع.
> الأجيال الجديدة قامت على (امشي وتعال بكرة) و (الشبكة طشت) و (المدير في اجتماع)، فكيف نزرع فيها فضيلة (لا تؤجل عمل اليوم للغد).
> الأجيال الجديدة شبت على (ما راجعين) و (عيش مافي) و (الكهربة قطعت)، فهل ننتظر منها (اشراقاً) نفقده حتى في (الصباح).
> لا لعبت (شليل).
> ولا كدت (عضم).
(2)
> اشكاليات الأزمات الاقتصادية الحالية، تأتي في أنها تفرز في نفوس الكثيرين معاناة ورهقاً، تصل حد الغضب.
> ومثلما قال الشاعر العربي (نعيب زماننا والعيب فينا)، فإننا بنفس الفلسفة (نعيب وطننا والعيب فينا).
> وطن حدادي مدادي.. منحنا شمسه (المشرقة) ونيله (الفياض) وأرضه (الخصبة) وخيراته (المتعددة) ولم نمنحه غير حق (المرور) على شارع النيل.
> الشعب السوداني غالبيته أصبح لا ينتج إلّا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انصرفنا نحو هذه المواقع وأصبح كل عطائنا وانشطتنا تتمثل في النوادر والسخريات التى تخرج من رحم المعاناة، فتحملها مواقع التواصل الاجتماعي للترويح عن الكثير من المشاق التى نقع فيها.
> حتى في الكوارث العظيمة التى تحدث في هذا البلد اكتفينا فيها بصورة برفائل توحى بالتضامن مع المتضررين من الكارثة.
> هذا كل ما عندنا.
> والكثير من الأنشطة الاجتماعية والمنظمات الخيرية، أصبحت تحركاتها وأعمالها عرضة للإعلان والترويج على مواقع التواصل الاجتماعي.
> أشعر بأننا لا نفعل شيئاً خيريّاً إلّا من أجل الإعلان عنه.
> ما جدوى أن تتبرع بـ (كراع خروف) وتنشر ألف صورة وصورة لذلك التبرع؟
> ومثلما هناك إعلان مكثف لتلك الأعمال الخيرية، اكتفينا ايضاً امام الكثير من المظاهر السالبة بالشتائم والسب والنبش في الأعراض.
> هذا كل ما نفعله أمام كل ما يغضبنا.
> كأن المواطن السوداني أصبح كائن (تواصل اجتماعي) يفرغ كل شحنات غضبه في مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدم كل ما عنده عن طريق (التعليق)، وإن لم يستطع لذلك سبيلاً اكتفى بـ (اللايك).
> أهدرنا طاقاتنا التى كانت تقوم على المروءة والشهامة والإقدام وإكرام ضيف الهجعة، على مواقع التواصل الاجتماعي، فغابت (حميمية) اللقاء، واختفت (صينية الغداء) وغادر (شاي المغرب) المجموعة.
(3)
> نحتاج إلى قوة خرافية لمجابهة تلك الصفوف، نحتاج الى الكثير من الصبر ونحن نخرج من أزمة لندخل في أزمة أخرى.
> أغرب الأخبار التى نشرت اخيراً، خبر يتحدث عن بوادر لانتهاء أزمة الخبز.
> تخيلوا أننا نتحدث عن (بوادر) لأزمة مرتبطة بحياة الناس وعيشهم.
> تخيلوا أننا أصبحنا نفرح بهذه (البوادر).
> يمكن أن تعود للبيت بعد (4) ساعات (صف) لتجد التيار الكهربائي (مقطوعاً)، ويمكن أن تخرج من البيت لتقف ساعة أو ساعتين لتجد مركبة تنقلك.
> في السودان فقط، هطول الأمطار يحدث أزمة، وعدم هطول الأمطار ايضاً يحدث أزمة.
> إذا فاض النيل أحدث أزمة واذا انحسر أحدث كذلك أزمة.
> قبل استخراج النفط، كانت هناك أزمة، وبعد استخراج النفط ايضاً ظهرت أزمة الانفصال.
> الذهب عدم وجوده أزمة.
> ووجوده كذلك أزمة.
> أعتقد أنك لتتجاوز كل هذه الأزمات ليس أمامك غير أن تقول: (اللهم إني سوداني)، فمازال السودان مع كل هذه الأزمات وحده من يمنحك (الصمود).
(4)
> موظف راتبه (4) آلاف جنيه، عنده (4) أطفال وواتساب!!، ويسكن في بيت بالايجار، يحتاج في اليوم الى (24) رغيفة ورطلين لبن، وربع كيلو سكر ووقية شاي وفنجان زيت و (15) واط (كهرباء) و (50) جنيهاً مواصلات لكل أفراد الأسرة.
> لا أعرف كيف يعيش هذا المواطن؟
> سوف نبعد كلفة العلاج والتعليم من هذه الفاتورة، اخبروني أنتم، كيف يعيش هذا الرجل؟
> هل يمكن أن يكون (السيلفي) وجبة للغداء؟
> ربما أن هذا الرجل أحرص ما يكون في إخراج (حق النت).
> واللهم إني سوداني!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى