الطاهر ساتي

حقل تجارب ..!!

:: قبل ثلاث سنوات، وبعد عقدين من الصمت ، اجتمع نواب المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، وطالبوا السلطات التنفيذية بإعادة النظر في المسمى سابقاً بالزي المدرسي.. فالملابس المسماة بالمدرسية – طوال سنوات صمتهم – كانت ملابس عسكرية .. و نواب الخرطوم إكتشفوا بأن هذا الزي العسكري (غير صحي)، ويُسبب حالات الحساسية للطلاب، ولذلك يجب تغييره عاجلاً ب ( زي صحي )، ولا يسبب الحساسية للطلاب، أو هكذا تحدثوا في تلك الجلسة..أي غضوا الطرف عن العيوب الحقيقية وآثار الزي العسكري على الصغار، وإصطنعوا عيوباً وهمية من شاكلة ( زي غير صحي)..!!

:: والسادة النواب يعلمون بان نوع الملابس – قطنياً كان أو صوفياً- هو ما يمكن تصنيفه إلى ( صحي ) و (غير صحي)، وليس (شكل الملابس).. ويعلمون بان الرفض الشعبي الواسع لذاك الزي غير المدرسي، وكذلك رفض خبراء التربية، لايرفض ( النوع أو الخامة) ، بل يرفض (الشكل والمظهر).. ولذلك، كان على نواب الخرطوم أن يكونوا أعمق توضيحاً للسبب وأكثر جرأة بحيث يكون سبب طلبهم لإعادة النظر في الزي المدرسي الراهن بأنه ( غير تربوي)، و ليس ( غير صحي).. نعم، لم تكن من مبادئ التربية السوية تحويل المدارس إلى ( ثكنات عسكرية )..!!

:: والمهم.. الحدث اليوم لا يختلف عن تلك المكابرة التي استمرت لمايزيد عن العقدين ، وهو اعلان وزارة التربية والتعليم بالخرطوم عن رفع تعليق الدراسة، أي مواصلة العام الدراسي بمدارس الخرطوم في الخريف .. واعتبارا من الغد، يتواصل العام (للمعلمين فقط)، وذلك ليتأكدوا من المعالجات التي تمت بالمدارس عقب الأضرار التي سببتها الأمطار، ثم حرصا على سلامة التلاميذ، وعلى أن تبدأ الدراسة للطلاب يوم الثلاثاء، كما يقول نص الاعلان الصادر عن وزارة التربية والتعليم بالخرطوم .. وعليه، فان يوم الغد وما بعده للتأكد من صلاحية المدارس أو ربما لتجريب سلامتها بالمعلمين..!!

:: وليس هناك ما يمنع السادة بالخرطوم عن تجريب سلامة المدارس وصلاحية الفصول والمكاتب بالمعلمين، وقد سبقهم والي نهر النيل في هذا التجريب قائلاً – عقب غرق تلاميذ محلية البحيرة – بالنص : ( سنلزم مدراء المدارس بالتواجد مع التلاميذ في المركب).. أي كما ليس مهماً أن يغرق مدراء المدارس بنهر النيل، فليس مهماً أيضاً أن ينهار الجدار على المعلمين بالخرطوم ، فالمهم للغاية هو فقط أن يتشبث كل فاشل وعاجز و ساذج بالمناصب، حتى ولو كان ثمن تشبثهم ما يحدث للناس والبلد .. وليت مجالس الآباء تنتبه إلى أن من الغرائب التي لا تجد لها العقول تبريراً منطقياً أن بداية العام الدراسي في بلادنا تتزامن مع بداية مخاطر الخريف.. !!

:: والمؤسف، ليس في تجربة تربية التمليذ على الحرب فحسب، بل في تجربة عطلة السبت أيضا، وكذلك في تجربة هذا التقويم الأشتر فالمؤسف – في كل هذه التجارب التي حولت مجتمعنا وتلاميذه إلى حقل تجارب- إنها لم تُخضع (للدراسة والتقييم).. نعم، لم تُخضع كل هذه التجارب الفاشلة للدراسة والتقييم من قبل الخبراء، لا قبل تطبيقها بحيث تعرف الأجهزة آثارها السالبة وتتجنب التطبيق، ولا بعد تطبيقها بحيث تتراجع الأجهزة عن تطبيقها بعد معرفة آثارها السالبة..وليس من العقل التمادي في فرض التجارب الفاشلة و قرارات الحمقى والأغبياء على المجتمع رغم تراكم آثارها الكارثية ..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى