الطاهر ساتي

توفيق أوضاع ..!!

:: بعد وفاة ثلاث طالبات تحت ركامها، علم السادة بوزارة التعليم ومحلية أمبدة بأن مدرسة الصديق الخاصة تأسست – في العام 2006 – في ذات الموقع، وكان اسمها مدرسة الشفيع، ثم – في 2015- تم تغيير اسمها إلى مدرسة الصديق، وتبلغ مساحتها (216 متر مربع)..تخيًلوا، مدرسة مساحتها (216 متر مربع).. والمؤسف للغاية، ظلت تعمل هذه المدرسة – تحت سمع وبصر السلطات الولائية والمحلية – منذ تأسيسها وحتى يوم إنهيارها ..وقد تم إنذارها من قبل هذه السلطات – المسماة بالمسؤولة – لتوفيق الأوضاع، ولكنها تجاهلت الإنذار.. !!

:: نعم، فالسادة بوزارة التعليم ومحلية أمبدة يعلمون بوجود مدرسة الصديق العشوائية الخاصة بمحلية أمبدة ، بدليل أنهم أنذروا صاحبها بتوفيق وضعها، وتجاهل إنذارهم حتى إنهار جدارها على رؤوس الطالبات .. وعن هذه المدرسة العشوائية وغيرها، قال الوزير فرح مصطفى لنواب المجلس التشريعي : ( في العام 2016 تم تشكيل لجان لمراجعة المدارس العشوائية والتي بلغ عددها وقتها بحسب الحصر( 800) مدرسة أساس عشوائية بالخرطوم، وإلى الآن تم توفيق أوضاع ( 590) مدرسة على مدى العامين الماضيين، ولاتزال منها ( 166) مدرسة عشوائية وغير مصدق لها بالعمل، وتحت توفيق الأوضاع)..!!

:: وعليه.. أن يأتي النازح بأسرته من الريف إلى المدينة، هارباً من ويلات الحرب أو بعد جفاف الزرع والضرع، وباحثاً عن أبسط وسائل الحياة التي تجنبه الفناء بالرصاص أو بالجوع، وثم يبني لنفسه وأسرته ظلاً من الطين و الزبالة والكرتون بأطراف المدائن، ثم تسمي السلطات الحكومية مباني الظل بالقرى العشوائية وتعمل على إزالتها بالبلدوزر أو على توفيق أوضاعها بالتخطيط ثم إعادة التوزيع، فكل هذا ( شئ طبيعي)، و يحدث بكل دول العالم الثالث و..(الأخير طبعاً)..!!

:: ولكن، أن يقصد أحدهم سلطات التعليم بالمحلية والولاية، حاملاً طلب التصديق بمرفق تعليمي ، وتصدق له تلك السلطات بالمدرسة مقابل رسوم يدفعها صاحب الطلب، ويذهب ويبني مرفقه التعليمي ويعلن شروط القبول ثم يقبل الطلاب بعلم سلطات التعليم، ثم تسمي ذات السلطات هذا المرفق التعليمي بالعشوائي غير المعترف به، وتنذر صاحبه مرة ثم أخرى ثم تتجاهل أمره حتى تحدث كارثة، فهذا (شئ غير طبيعي)، ولايحدث حتى في دول العالم (الثالث والأخير)، ولكن يحدث في بلادنا فقط لاغير .. !!

:: وهذه ليست المرة الأولى، بل منذ بداية عهد الفوضى – في كل مناحي الحياة – يعلنون عن وجود مدارس عشوائية بالخرطوم، ثم يعدون بحصرها بغرض توفيق الأوضاع، وليس بغرض الإغلاق.. و إعترافهم بوجود مئات المدارس العشوائية يعني أن هذه العشوائيات كانت ولاتزال تستوعب الطلاب والطالبات رغم أنف مخاطرها.. ولن يتم إغلاق هذه العشوائات حتى ولو إرتفع معدل الإنهيار و حجم الضحايا، لأنها ملتزمة بسداد ما عليها – من رسوم وغرامات – لخزائن السلطات المسماة بالمسؤولة .. نعم في بلادنا فقط، لايتم إغلاق المدارس العشوائية لحين توفيق أوضاعها، بل يتم عقابها بالإنذار و الغرامة المراد بها توفيق أوضاع المسؤولين .!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى