الطيب مصطفى

هنيئاً للجنوب سلام الخرطوم

حرصت أن أكون من شهود توقيع اتفاق السلام بين الرئيس سلفاكير والقائد د.رياك مشار لم يثنني عن ذلك تأخير الموعد وتغيير موقع التوقيع فقد (أنفقت) كل اليوم أرقب وأتابع وانتظر منذ الصباح حتى الليل ولم أعجب لملامح الدهشة المرتسمة على وجوه بعض من رأوني سيما من القيادات الجنوبية التي لطالما ظنت بي الظنون.

ظللت أقول لمحاوري في الصحف والفضائيات إن الضجيج في بيت جارك يحرمك من النوم فكيف بحرب تنسرب من خلف أبواب جارك ويلامس شررها أطراف ثوبك؟!

يكفي من مضار الحرب المشتعلة في دولة جنوب السودان أنها قذفت بأكثر من مليون من الفارين من لهيبها نحو السودان يشاركون فقراءه طعامهم ودواءهم ويضيقون على خدماتهم وعلى موازنة بلادهم المنهكة.

في ذات الوقت فقد حرمت حرب دولة الجنوب بلادنا من التبادل التجاري مع تلك الدولة بكل ما في ذلك من مكاسب لرجال الأعمال السودانيين بل منعت تدفق بترول الجنوب الذي كان ينفذ إلى الخارج عبر أنابيب الصادر المتجهة نحو بورتسودان.

كل ذلك سيصبح متاحاً مع السلام الذي رأينا أحد مشاهده في توقيع قطبي رحى الحرب في دولة الجنوب أمس الأول.

لا ينبغي أن ننسى أن نقول للباذلين في سبيل ذلك خاصة الثلاثي: وزير الخارجية د.الدرديري ووزير الدفاع الفريق أول عوض بن عوف ومدير الأمن والمخابرات الفريق أول صلاح قوش.

دعونا نتفاءل ونقول إن السلام الذي وقع طرفاه الرئيسيان قابل للنجاح لو توافرت العزيمة والإرادة الصادقة لديهما بعيداً عن نذر التهديد والوعيد القديمة وبعيداً عن نداءات الثأر المحتدمة في النفوس الغضبى وعن بعض الأطراف المشاكسة في معسكري الرجلين الكبيرين فقد ذاق الرجلان وبلادهما وشعبهما من ويلات الحرب ما ينبغي أن يكون رادعاً وكابحاً عن تكرارها.

لم يوقع ذلك الاتفاق الزعيمان سلفاكير ومشار إنما وقعه ما يقرب من (80)% من شعب الجنوب الذي تشكل قبيلتا الدينكا والنوير غالب شعبه ولذلك فإن ما يعطي الاتفاق أسباب الحياة أن الطرفين ، ولا أحد سواهما تقريباً ، يملكان قوة الميدان بجندها وآلتها العسكرية وهل يؤجج نيران الحرب ويسعرها إلا المقاتلون؟

من يصدق أن ذلك الإنجاز الضخم الذي طوى بروتوكول الترتيبات الأمنية والعسكرية بما في ذلك وقف إطلاق النار وملف الحكم تحقق في أقل من شهرين؟!

ألا يقف ذلك دليلاً على الرغبة الصادقة في السلام واستعجال تحقيقه حتى يستدبر الرجلان ذكرى تلك المأساة التي فتكت بالجنوب وشعبه وجعلته أحاديث ومزقته شر ممزق؟

أكاد أرى بين ثنايا اتفاق السلطة صورة لتجربة ما انطوى عليه الحوار الوطني في السودان من حيث عدد نواب الرئيس وعدد الوزراء ووزراء الدولة فإن كان العبء كبيراً فإن فوائده أكبر ولا شيء يعلو على وقف نزيف الدم الذي أريق أنهار بين ابناء الجنوب بما لا يقارن بالخسائر البشرية للحرب التي اشتعلت بين الشمال والجنوب خلال الخمسين عاماً السابقة لتوقيع اتفاقية نيفاشا.

ما تبقى من ملفات شيء بسيط ولا أظنه يمثل عقبة كؤود أمام أطراف الاتفاق ومن ذلك مثلاً قضايا الثروة والقضاء والخدمة المدنية وغيرها على أن الأهم من ذلك كله إنفاذ اتفاق الخرطوم إذ لا ينبغي أن يترك الطرفان أو الأطراف لشيطان التفاصيل أن يعصف بالاتفاق ولا شيء أهم وأخطر من تكوين الجيش القومي لدولة جنوب السودان بحيث يكون معبراً عن مكوناتها حتى لا تستأثر به قبيلة واحدة دون القبائل الأخرى.

إني لأرجو من الخلوق د.لام أكول ذلك الذي كنا نتبادل سيرته ونحن في انتظار قدوم الرئيس اليوغندي موسيفيني ونتذاكر مناقبه ..إني لأرجو منه ألا يغرق (في شبر موية) فهو بسمو أخلاقه خليق بأن يتسامى ويوقع على كل ما يحقق السلام ويوقف الحرب حتى لو كان يرى عواراً لا يراه الآخرون.

ليس هذا أوان الحديث عمّا يريده السودان من الجنوب خاصة دعم قطاع الشمال أو تغيير اسم الحركة الشعبية بما يزيل تلك العبارة الاستفزازية (لتحرير السودان) وغير ذلك مما كا يضمره قرنق وأولاده باقان وعرمان للسودان من خلال مشروعهم القميء(السودان الجديد).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى