الطيب مصطفى

غزة وارادة الانتصار

عندما قال بنو اسرائيل لنبيهم موسى : اوذينا من قبل ان تاتينا ومن بعد ما جئتنا – قال لهم ۚموسى (عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تعملون) .. فلق لهم ربهم البحر واغرق فرعون وعبروا الى سيناء لكنهم عاداو الى ضلالهم القديم ورفضوا امر نبيهم موسى لدخول القدس بعد دفع ضريبة الجهاد فقد كانوا يريدون نصرا يسوقه اليهم ربهم دون قتال كالذي حدث عند اغراق فرعون فقالوا (يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) فكان ان رموا في تيه سيناء اربعين سنة عقابا لذلك الجيل الخانع تطبيقا لسنة الاستبدال الماضية الى يوم القيامة والتي تسري على كل من ينكص عن الجهاد حتى ولو كان معه نبي مرسل : (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فكان ان توفي موسى وهارون في التيه جراء نكوص قومهم عن الجهاد وجاء بعد فترة الاستبدال جيل اخر جاهد في الله لقبادة طالوت وفتح له رغم قلة العدد والعتاد ودخل القدس .

اقرؤوا بالله عليكم مقال المجالي عن غزة المجاهدة تحت قيادة حركة حماس والتي تواجه التامر من اليهود ومن اولي القربى في زمن الانكسار والانبطاح .. ان غزة تمثل الامل في عصر التيه الجديد وسيدخل مجاهدوها القدس رغم الخذلان فالى مقال الاردني عبدالهادي المجالي :

لايوجد في غزة مطار , ولا يوجد أسواق مالية ولا أظن أن فيها (مولات) تشبه ما هو موجود في عواصم العالم العربي …

وحين تبحث عنها في الخارطة تجدها أصغر من ..مدينة الأسكندرية , وتجدها ..وربما أصغر من محمية طبيعية للغزلان أقيمت في دول الفائض المالي .

لكنها مدينة عجيبة وغريبة , فهي الوحيدة في العالم العربي التي قدمت شهداء من كل الأصناف , قدمت أطفالا وقدمت (معاقين) وكبار سن …هي الوحيدة في العالم التي لايوجد فيها مواصفات للشهيد (فالكل هناك مشروع شهيد ..)

كل المدن في العالم يصلها الغذاء والدواء والطعام , عبر وسائل النقل وفي وضح النهار لكن غزة المدينة الوحيدة التي احترفت بناء الأنفاق ..وصارت المدينة الوحيدة في العالم التي تستورد الغذاء والدواء والحب ..حتى الحب عبر الأنفاق …

العالم كله يسكن فوق الأرض ..إلا غزة فما هو فوق الأرض لهم وما هو تحت الأرض لهم ايضا .

وتسأل أحيانا ..المعابر المصرية مغلقة , وإسرائيل تحكم حصارها والبحر أيضا مغلق , والجو مراقب …وتستطيع إسرائيل أن ترصد لون قمصان الناس هناك ودرجة حرارة أجسادهم وألوان عيونهم …وتشعر بالصدمة حين يعرض لك الإعلام مسيرة اندلعت في مخيم الشاطيء , وفجأه يظهر واحد من أبناء المخيم وهو يحمل بندقية (م16) محسنة ومن اخر طراز , ومركب عليها نظام ليزر ..ورؤية ليلة … ( عقول )

تستغرب في داخلك وتقول : البحر مغلق والبر مغلق والجو محاصر ..هل ابتكر أهل غزة طريقا رابعة غير التي نعرفها …؟

أظن أن غزة هي المدينة الوحيدة على هذا الكوكب والتي لديها وسيلة نقل رابعة غير البر والبحر والجو …وغير النفق أيضا . …ربما مع السماء ومع كل هذا الشقاء , ينتجون فنا عبر رمل الشواطيء ..ويندلع الحب هناك على المرافيء ..ويتفنون في إيصال رسائلهم للعالم ..ويصلون الجمعة بكل خشوع , ويخرجون في المسيرات بحشود هائلة ..وينتجون (الشطة) بكميات هائلة ..ومثلما يحبون الشهادة يعشقون الحياة أيضا .

غزة ظاهرة تحتاج إلى تأمل …فهي قارة وليست قطاع ..من قال أن غزة قطاع

أو محافظة , هو مخطيء.. ( هي قارة ) فيها فصل خامس غير الفصول التي نعرفها واسمه فصل الحصار …

غزة قارة …لأن فنون الموت هنالك متعددة ..فإسرائيل تبتكر كل يوم شكلا للموت ..,وهم كل يوم يبتكرون شكلا للحياة والمقاومة ..فمن يوظف الكاوتشوك في المعركة ..أظنه عبقري وخارج طبيعة البشر .

غزة قارة ..فقلوب الناس هناك تنوب عن كل شعوب العالم العربي في القتال .. فعلى السلك الشائك يقاتل الغزي نيابة عن الموريتاني والجزائري واليمني والسعودي ..وكل العرب ,

المساحات ليست بالجغرافيا بل تقاس باتساع القلب ولا أظن أن هنالك قلوبا أكثر اتساعا من قلوب (الغزازوه) …

وغزة أيضا أكبر من دولة , مثلا خذوا أكثر دولة رفاها في العالم وهي سويسرا , هل قدمت سويسرا …شهداء بحجم ما قدمت غزة؟ طبعا لا …

هل ابتكرت سويسرا فنونا للمقاومة بحجم ماابتكرت غزة ؟ ..

أظن أن سويسرا أبدعت في إنتاج الساعات التي تقيس الزمن وتعطينا التوقيت ..غزة أصلا لا تحتاج للساعات لأنها هي التي تصنع الوقت …

خذوا أمرا اخر ….وهو الفائض , سويسرا مثلا فيها فائض مالي هائل ..ولكنه قابل للزوال عند اي أزمة مالية …بالمقابل غزة فيها فائض بشري هائل ..وبالرغم من كل الأزمات والقتل والذبح والقصف يزداد هذا الفائض ويزداد عدد السكان …

غزة ليست مدينة ولا دولة وأكبر من قارة ..غزة أظنها أسطورة وضعها الله على الأرض , كي يتعلم منها العالم …أن (الارادة والايمان ) وحدهما قادران على هزيمة إسرائيل …

خذوني إلى شواطئكم قليلا يا أهل غزة , أريد أن تعطر الكرك الساكنة قلبي ..جدايلها من ماء بحركم فهل تقبلون منا ذلك؟

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى