الهندي عز الدين

مدينة طبية عالمية.. هل هي إسم على مسمى؟!

{ طالعت أمس خبراً عن حفل افتتاح مدينة طبية عالمية في برج تابع لصندوق الضمان الاجتماعي يقبع بشارع السيد عبد الرحمن بالخرطوم، قريباً من القيادة العامة للقوات المسلحة. المدينة شراكة بين جهاز الاستثمار التابع لوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي ومجموعة “الفيصل” الطبية التي يديرها دكتور “نزار خالد”. الحفل شرفه وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفيسور “مأمون حميدة” وعدد من الوزراء، ووعد بروف “مأمون” في كلمته أن تكون هذه المدينة دفعة قوية لمشروع توطين العلاج بالداخل وتمزيق فاتورة العلاج بالخارج في العام 2019.

{ نحن نأمل أن تتحقق آمالنا وآمال الوزير وتطلعات مجموعة “الفيصل” مع جهاز الضمان الاجتماعي، ولكن استمرار العمل وفق المنهج التجاري التقليدي الذي قامت عليه كل المستشفيات الخاصة بشارع الحوادث بالخرطوم، لا يقدم (مدينة طبية عالمية) تمزق فواتير العلاج بالخارج، كما تزعم حكومتنا.

{ ولكي تكون مدينة طبية عالمية لا بد من التعاقد مع أطباء استشاريين واختصاصيين من دول مثل “ألمانيا” التي اتفقت إدارة المدينة مع أحد أكبر مستشفياتها في “برلين” وهو مستشفى “فيفانتيس”، وقد زرته بالعاصمة الألمانية في العام 2014، مع مستشفى “شراتييه” العريق.

{ مشكلتنا دائماً في السودان تضخيم المسميات لمشروعات صغيرة، لا ترقى من ناحية البنية التحتية والتجهيزات الفنية والكوادر العاملة إلى مقام الاسم الكبير، يحدث هذا في كل المجالات بلا استثناء.
{ ولذا فإنها لن تكون مدينة طبية عالمية، وفق هذا المسمى الكبير، إذا كانت مجرد برج يضم عيادات لمجموعة من الأطباء كانوا يعملون في عيادات ومستشفيات في شوارع الحوادث بالخرطوم أو مواقع أخرى، بالإضافة إلى بعض الأجهزة التشخيصية الحديثة، وعشرات الأَسرَّة لتنويم المرضى وغرفة عناية مكثفة.

{ ما الجديد إذن؟ وما الفرق بين المدينة الطبية العالمية – موضوع الاحتفال والمقال – ومستشفى “رويال كير” أو “الفيصل” أو “فضيل” أو “الزيتونة” و”يستبشرون”؟!
{ لن يكون هناك فرق، وستتفوق “رويال كير” بروعة المباني والنظافة والنظام، مع غياب أطباء استشاريين ماهرين في الجراحة العامة، جراحة القلب، المخ والأعصاب والعظام وهذا هو واقع كل مستشفياتنا الخاصة.. وبالتأكيد العامة!!

{ معظم الاختصاصيين أصحاب الكفاءة هاجروا إلى السعودية ودول أخرى بأمر وإذن وتسهيلات حكومة السودان ممثلة في وزارتي الصحة الاتحادية وصحة ولاية الخرطوم، حيث لا وظائف ولا مرتبات محترمة، ولا حوافز، ولا بيئة صحية وإدارية مناسبة.

{ يجب أن تكون مدينة طبية عالمية حقاً وليست مجموعة عيادات لأطباء معروفين ومعروفة أخطاؤهم الطبية وتجاربهم في حقول المرضى السودانيين المساكين.
{ ستحقق هذه المدينة عوائد مالية كبيرة، لأن كل المستشفيات الخاصة سيئة السمعة في بلادنا رابحة جداً، والناس مضطرون إلى تحري العلاج فيها.
{ لن يمزق الشعب فاتورة العلاج بالخارج إذا استمرت نفس العقلية الإدارية تدير مشافينا الخاصة والعامة.. عقلية الجبايات وتحقيق إيرادات أعلى من (الربط)!

{ لو أننا وجدنا أطباء استشاريين وجرّاحين قادمين من “ألمانيا” و”الهند” و”مصر” و”تايلاند” وطواقم تمريض وفنيي مختبرات وأشعة من “الهند” و”الفلبين” يعملون جنباً إلى جنب رصفاء لهم من السودان في هذا المشروع الجديد، فهذه ستكون بالفعل مدينة طبية عالمية، أما برج يزدحم بأطباء سودانيين معلومين ومجهولين لم يجدوا عيادات في شارع الحوادث، فهذا سيكون مشروعاً استثمارياً جديداً وليس طبياً عالمياً.. يا دكتور “نزار”.. ويا سيدتي الوزيرة “مشاعر الدولب”.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى