الطاهر ساتي

أزمة إرادة ..!!

:: ومن الغرائب ، رفض البرلمان رفع الحصانة عن النائب فضل محمد خير .. وكما ذكرت أخبار الصحف، فان هذا النائب مطلوب – من قبل نيابة أمن الدولة – للتحقيق في قضايا ذات صلة بالاقتصاد الوطني، وأن النيابة قدمت – مع طلب رفع الحاصة – أكثر من عشرين مستند، ولكن السلطة الرقابية العليا ترفض رفع الحصانة، ولا تزال النيابة عاجزة عن التحقيق والتحري.. والبرلمان لا يعي أنه – بهذا الرفض – يُدين نائبه، ثم يحميه – من العقاب – بالحصانة.. ولو كان البرلمان مطمئناً على سلامة موقف نائبه لرفع عنه الحصانة، ليعود إليه من غير تهمة أو إدانة .. ولكن البرلمان غير مطمئن سلامة نوابه، ولن يفتح الباب ( البجيب الريح)..!!

:: ونتكئ على هذا الرفض، و نجتر ذكرى إجازة مفوضية مكافحة الفساد .. في يناير العام 2014، عرضوا على النواب قانون مفوضية مكافحة الفساد، فنصحناهم باجازة مادة كانت تلغي الحصانة، ولكنهم أضعفوها.. ( المادة 25)، وكانت تقرأ بالنص: (على الرغم من أي نص قانون آخر لا يتمتع أي شخص بأي حصانة في أي إجراءات تحقيق تتخذ بواسطة المفوضية)..ولكن تم تعديلها بحيث تلتزم المفوضية بإخطار الجهة التي يتبع لها المطلوب التحقيق معه، وان يكون الاخطار كتابة و..و.. لقد أضعفوا تلك المادة بترسيخ الحصانة .. وليس في الأمر عجب، فالعاقل لا يطلق الرصاص على قدميه ..!!

:: المهم.. ما كان يجب تعديلها بحيث تنتظر النيابة رفع الحصانة.. لاحصانة في قضايا الفساد، و كان على البرلمان أن يكون أكثر حرصاً على هذا المبدأ، بدلا حماية القطط السمان و من أطعمها لحد التسمين .. والشاهد، في الدول ذات النهج السياسي الرشيد، يطرق الشرطي باب مكتب رئيس الوزراء بغرض التحرى حول قضية فساد بقوة القانون ..فالتحري لغرض الوصول إلى النتائج أهم وأقوى من الوهم المسمى بالحصانة.. وكذلك ليس بمدهش – في الدول ذات النهج السياسي الراشد – استدعاء الوزير الوكيل فى أية لحظة بغرض التحري حول قضية فساد..هكذا قوة وهيبة قوانين وآليات المساءلة والمحاسبة..!!

:: فالقيود المسماة بالحصانة هي أكبر عائق أمام العدالة في دول العالم الثالث والأخير طبعاً، وهذا مايؤكده موقف البرلمان الراهن .. رفع جبل إلى ثريا أهون من رفع الحصانة عن أصغر مسؤول في البلاد.. والمطلوب مساءلته ومحاسبته في قضايا المال العام دائماً ما يكون أحد المتدثرين بالحصانة، وليس المواطن..ولذلك، كان يجب أن يتساوى المسؤول والمواطن أمام كل القوانين، بما فيها قوانين الفساد.. وبعد اقرار النائب العام قبل أشهر بأن هناك مشكلة في مسألة الحصانات، وبعد الموقف البرلمان الراهن و (البايخ جداً)، وللحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه، يجب تفعيل قانون المفوضية بعد إلغاء الحصانة في (المادة 25)..!!

:: ومن المؤسف ، لا أحد يعرف مصير تلك المفوضية ذات القانون المجاز في (يناير 2016)، أي هي مجرد قانون على الورق .. وقبل عام ، عندما سألوا رئيس الوزراء عن مصير المفوضية، أجابهم : ( عقدت اللجنة العليا للحوار الوطني مشاورات بشأن مفوضية الفساد، ووضعت شروطاً يجب توافرها في رئيسها، منها أن يكون قانونياً، ولديه خبرة 15 عاماً، بجانب قوميته وحياده).. وعليه، فان الإرادة التي فشلت اليوم في رفع الحصانة عن نائب برلماني، هي ذات التي الإرادة العاجزة – منذ يناير 2016 – عن إيجاد مواطن قومي ومحايد وقانوني، ليتولى منصب رئيس مفوضية مكافحة الفساد.. !!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى