الطاهر ساتي

إلغاء الآيلولة ..!!

:: قبل أسابيع، وفي خضم سجال عنيف بينهما، عندما سخر وزير الصحة بولاية الخرطوم مامون حميدة من مطالب وزير الصحة الاتحادية بحر إدريس أبو قردة بعودة مستشفيات (الأيلولة) للصحة الإتحادية كما كانت ، وقال بالنص : ( الموضوع انتهى وكل المستشفيات آلت للولاية، والصحة الإتحادية بتشاغل ساي، وفي ذلك مضيعة للزمن)، كتبت بان هذا الحديث غير صحيح، وأن الموضوع لم ينته، ولا الصحة الاتحادية (بتشاغل ساي) .. !!

:: وقلت فيما قلت بان مراجعة قرار إيلولة المراكز و المشافي المرجعية والتعليمية، بحيث تعود – كما كانت – مركزية وتابعة لوزارة الصحة الاتحادية، فان مراجعة هذا القرار غير الموفق ليست من مطالب الوزير الاتحادي بحر أبوقردة، بل هي من توصيات مؤتمر الحوار الوطني التي تواثقت على تنفيذها كل القوى السياسية بما فيها المؤتمر الوطني، ثم وجه مجلس الوزراء وزارة الصحة الاتحادية بتنفيذها قبل سبعة أشهر .. ويجب تنفيذها ..!!

:: والحمد لله.. توطئة لتنفيذها، برئاسة الدكتور صلاح سوار الذهب، تناقش لجنة الصحة بالبرلمان – اليوم الأربعاء – توصية إلغاء آيلولة المشافي والمراكز إلى الولايات .. وبالمناسبة، مع توصية إلغاء الأيلولة هناك توصيات أخرى، وهي تحسين راتب الطبيب بحيث يكون الأعلى في الدولة، تحويل المجلس القومي للأدوية إلى هيئة الدواء والغذاء، ثم تحسين الوضع الصحي للعاملين بالقطاعين الزراعي والصناعي .. ومن كل هذه التوصيات، فان توصية الغاء الأيلولة هي موضوع النقاش ..!!

:: و قبل سادة الحوار الوطني، وما يحدث بمستشفى بحري نموذجاً، يكشف بان قرار الآيلولة لم يكن منطقياً.. وزارات الصحة الإتحادية هي المسؤولة – بالإدارة والتمويل – عن هذه المرحلة العلاجية (المشافي المرجعية)، بيد أن السلطات الولائية والمحلية تكتفي بإدارة وتمويل مراحل العلاج الأولية والثانوية (المراكز الصحية والشفخانات)..وكان يجب الوقوف على تجارب الآخرين والإقتداء بها.. نعم كل دول العالم، بما فيها الدول الغربية التي تقدس الحكم اللامركزي، لم تترك حبال بعض المشافي المرجعية للولايات، أو كما فعلوا هنا ب (جرة قلم)..!!

:: ثم أن التعليم العالي (مركزي)، ومن الطبيعي أن تظل المشافي التعليمية التابعة للجامعات (مركزية)، ليكون هناك تنسيق ومتابعة ما بين (الوزارتين المركزيتين)، الصحة والتعليم العالي ..وكذلك لم يكن منطقياً تجريد الوزارة الإتحادية من سلطة إدارة المشافي المرجعية والمراكز القومية التي تستقبل المرضى من كل أرجاء البلاد، وليس فقط مرضى ولاية الخرطوم.. والمؤسف للغاية، لم تسبق الحكومة قرار الأيلولة بدراسة تثبت قدرة الولايات على إدارة المشافي المرجعية .. !!

:: وكذلك لم تسبق الحكومة قرار الآيلولة بخارطة صحية توزع المشافي المرجعية والثانوية والمراكز الصحية حسب الخارطة المعتمدة في منظمة الصحة العالمية، أي بعلمية ومهنية و(عدالة)، وحسب التعداد السكاني لكل ولاية و محلية، بل عندما آلت البنايات الفارغة – المسماة بالمشافي – لكل الولايات، كانت كل الكفاءة والأجهزة مكدسة في ولاية الخرطوم فقط..وكان طبيعياً أن يتوافد مرضى كل ولايات السودان إلى الخرطوم رغم شكاوى المسؤولين بولاية الخرطوم..!!

:: ومن شكاوى الوزير مأمون حميدة الموثقة،(60% من أطفال مستشفى بن عوف يأتون من الولايات)، وهذا أفضل من تصريح آخر جاء بالنص : (مرضى الولايات يستنزفون 80% من موارد الخرطوم)، وتناسى بان وزارته الولائية هي التي إستولت على مستشفيات ومراكز كانت ذات إدارة وميزانية (قومية).. والمهم، سوف نودع الآيلولة.. ولكن في بلاد الآخرين، تُخضع مثل هذه التجارب للدراسات قبل تنفيذها، ولكن في بلادنا فأن ( المزاجات) هي (الدراسات) وأن المرضى هم فئران التجارب ..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى