تحقيقات وتقارير

ضربات (مولانا).. القول الفصل في أسباب الإطاحة بمتحدِّث (الأصل)

في كل مرة يبعث الحزب الاتحادي الديمقراطي – الأصل، أحد قادته عساه ينهض بمهمة النطق لسان صدقٍ يعبر عن أحوال ومواقف الأشقاء. بيد أن ما ينتقص من هذه البعثات حالة التغيير المستمرة في الوجوه أو لنتحرَّ الدقة الألسن. يحدث ذلك في شبه حالة جمود تصيب بقية مفاصل الحزب المعّطلة بسبب تأخر انعقاد المؤتمر العام، ليس لسنوات وإنما لعقود.

وعلى نحو مفاجئ، أصدر رئيس الحزب، وراعي الطريقة الختمية، محمد عثمان الميرغني، من مقر إقامته بالقاهرة، يوم أمس (الخميس)، قراراً قضى بإعفاء محمد سيد أحمد سر الختم، الشهير بـ (الجاكومي)، من منصبه كمتحدث باسم الحزب، وتسمية وزير الإرشاد السابق، الفاتح تاج السر خليفة له.

نشاط مكلف

في حزب قليل الحراك، كثير السكت، فإن محمد سيد أحمد سر الختم، أحدث حراكاً منذ إمساكه بزمام الحديث باسم الأصل، في أعقاب تولية سلفه إبراهيم الميرغني وزيراً للدولة بوزارة الاتصالات، ضمن حصة الحزب في حكومة الوفاق الوطني وأنصبته بحسب حلوله ثانياً في انتخابات العام 2015م.

وساعد الجاكومي في مهامه علاقاته الواسعة بالكادر الصحفي، وذلك نتيجة مسارين، أحدهما سياسي صرف، والآخر رصفه خلال سنوات بوجوده الكثيف في المشهد الرياضي.

مهاجمة الشريك

آخر مشهد للجاكومي أطل خلاله على وسائل الإعلام من منصة الناطق باسم الأصل كان عبر بيان هاجم فيه رئيس القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني، د. عبد الرحمن الخضر، يوم الثلاثاء المنصرم.

وفي البيان أوضح أن محاولات تصوير لقاء الميرغني بقيادات الوطني على أنه ناقش مسألة موقف الحزب من تعديلات مزمعة على قانون الانتخابات، ما هو إِلَّا لي لعنق الحقيقة المتمثلة عنده في كون اللقاء اجتماعياً صرفاً وبعيد جداً عن أحاديث ساس يسوس.

وللمفارقة فإن ذات الدفوعات، قال بها الجاكومي لموقع (سودان تربيون) عالي الصدقية، كسبب ودافع رئيس لإقالته من منصبه.

صعوبات جمة

وفي حزب تتعدد ألسنته، وصعب لجم قياداته عن إظهار مواقف متناقضة بالكلية؛ تعتبر فترة محمد المعتصم حاكم، وحاتم السر في الإنابة عن المؤسسات، الأكثر ثباتاً واستقراراً.

ويمكن تفسير ذلك، بأن حقبة التسعينيات لم تشهد محاولات لشد قميص الحزب بين الحكومة والمعارضة، فتلك كانت فترة للمعارضة الصرفة.

ولذلك فإن مهام المتحدثين باسم الحزب عقب اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا – 2005) كان من الصعوبة بمكان، لا سيما وأن الحزب مذْ العام 2010م متنازع بين رأي قيادات تصر على إمكانية إصلاح السلطة من الداخل، وبين جماهير تتوق للإطاحة بذات السلطة.

وعليه، فإن التجاذب بين الموقفين الرسمي والعاطفي ظل أس مشاكل الاتحاديين، خاصة مع غياب مؤسساتهم المنتخبة التي لا يمكن الطعن في قراراتها على أنها اختطاف لصوت الجماهير.

تخليط العام والخاص

يرى القيادي البارز في الحزب، د. علي السيد أنه في ظل غيبة المؤسسات فإن التحدث باسم الأصل دون أن يكون ذلك نتاج توصية اجتماعات حزبية قد يكون سبباً في الإطاحة بالقيادات، لا سيما حين إلباس الموقف الشخصي لبوس الموقف العام.

ويذّكر السيد في أحاديثه لـ (الصيحة) الصادرة يوم الجمعة بأن مشاركتهم في الانتخابات المقبلة رهينة بما يتم من تعديلات لقانون الانتخابات، علاوة على ما سيحدث من خطوات لتهيئة البيئة السياسية وإطلاق الحريات.

تجديد الشراكة

إن صدقت الأسباب التي قال بها الجاكومي كذرائع لإقالته من منصبه، فيمكننا القول إن الحزب الاتحادي في طريقه لإبرام عقد شراكة جديد مع حزب المؤتمر الوطني يمتد لما بعد 2020م.

يدعم تلك الرؤية المحلل السياسي، رامي عبد اللطيف، بقوله إن الأصل بإبعاده رموزه الرافضة للمشاركة في الحكومة، والمنتقدة للشريك (المؤتمر الوطني) يمهد لمشاركة في انتخابات وحكومة 2020م.

موضحاً في حديثه مع (الصيحة) إلى أن سيطرة القيادات المشاركة في الحكومة على مقاليد القرار في الأصل، وتسمية وزير سابق كناطق باسم الحزب، أضف إلى ذلك قناعات قادة الاتحادي باتساع الهوة بينهم وبين قوى المعارضة؛ يدفع الحزب إلى تجديد عقد الشراكة مع الحزب الحاكم لسنوات قادمة، لا سيما وأن الأحوال تشي باستمرار ذات الأوضاع في ظل إمساك الأحزاب والأحلاف المعارضة عن المشاركة في انتخابات 2020م.

انتظار

يُجيد الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل لعبة تبادل الأدوار بشكل مدهش، وهو أمر يمكنه من التعايش في كافة البيئات السياسية. فقد رمى الحزب شباك الغزل للقوى المعارضة في نهايات شهر رمضان الفضيل، ثم بعث رسائل طمأنة للحكومة بإعفاء من ينتقدها.

وعليه لا غرو أن يتشرب قادته بذات السلوك، حيث رفض كثير منهم التعليق على خبر إعفاء الجاكومي، انتظاراً لما ستسفر عنه الأوضاع في شكلها النهائي.

الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى