منوعات وفنون

خالد الاعيسر منتقداً : الاسم الأفضل لهذا العمل الفني هو مسلسل “وهم” وليس “عشم”

انتقد الناشط والكاتب والناقد السوداني ومدير قناة النيلين الرياضية السابق الأستاذ خالد الاعيسر المسلسل السوداني المثير للجدل “عشم” والذي يذاع على قناة سودانية 24.

وقال الاعيسر عن المسلسل وفقاً لموقع النيلين: الدراما السودانية.. “مسلسل وهم”!

بالرغم من عدم متابعتي ‬-مع الأسف الشديد- للمنتج الدرامي‫ السوداني لسنوات طويلة، إلا أن الجدل الذي عم وسائل التواصل الإجتماعي مؤخراً دفعني لمشاهدة عدد من حلقات مسلسل “عشم”.‬
‫بعد المشاهدة السريعة عبر الإنترنت لأجزاء مختلفة من المقاطع بدأت أفكر في كتابة تعليق يناسب ما شاهدته من نقاط سلبية وإيجابية شملتها هذه المقاطع من حلقات المسلسل، وبطبيعة الحال فكرة المسلسل نفسها. ‬

الحقيقة أعجبني تعليق أحد السودانيين وقد اختار أن يعرِف نفسه أسفل التعليق في اليوتيوب باسم “أضرب الهم بالفرح”، وكتب ساخراً: (والله أني أحب السودانيين “وايد” .. شعب عظيم ربي يوفقكم .. أخوكم من كردفان).

أكتفيت بهذا التعليق، يقيناً بأن أهل السودان والحمد لله لا يزالون بخير، وهناك أعداد كبيرة من عامة أبناء الشعب والمثقفين المحافظين يدركون مزايا الإرث الثقافي السوداني بجمالياته المعروفة ويسخرون من الواقع الدخيل.

ثمة أمل أن تستمر قوة التحصين الثقافي المكتسب طبيعياً لدى مكونات المجتمع السوداني من مثل هذه الاجتهادات المنحرفة.

رغم قناعتي بأن شرائح واسعة من الجمهور لا تزال تتمسك بالطابع المحافظ للتقاليد السودانية أمام التسارع في جرأة بعض المؤسسات الإعلامية السودانية التجارية الساعية للربح، وتجاوزها للتدابير التي تحول دون كسر الموروث والخروج من عباءة الثقافة السودانية المتأصلة في الشخصية السودانية بالفطرة.

بكل صدق أرى أن الايجابيات التي شملها المسلسل تكمن في ظهور وجوه شابة جديدة بإمكانها إثراء المشهد الدرامي السوداني، ولا يجب أن يحبطها التعرض للنقد البناء من زوايا ثقافية، وهنا لابد أن نعترف أنه لا تثريب على الأداء الفني للأفراد.

ولكن من الواضح أن كاتب السيناريو لهذا المسلسل ركز جهده في تماهي الشباب مع الوتيرة المتسارعة للانحرافات الثقافية، واختزل جُلّ العادات والتقاليد العريقة في ممارسة شرائح محدودة من بين المقيمين خارج السودان، أولئك الذين تأثروا بثقافات عربية أو ربما أجنبية دخيلة على الواقع السوداني بشكله التقليدي، وبالتالي هذا العمل تناول العادات السودانية العريقة من منظور قلة لا تنظر للمعيار الثقافي السوداني من زاوية الحفاظ على الموروث وانما سرعة التأثر بالعوامل الكامنة في التفسخ الثقافي وبعض توجهات المجتمعات الهشة،

وبالتالي الخروج على القيود الصارمة التي رسخت لها الثقافة السودانية باعتبارها وليدة مجتمع محافظ ضاربة جذوره في عمق التاريخ كإمتداد لحضارة راسخة عمرها يفوق الخمسة آلاف سنة!.

مع ذلك، إذا جاز لى أن أضيف كلمة واحدة لتعليق الأخ السوداني الأصيل الذي سمى نفسه “أضرب الهم بالفرح”، سأقول: إن الاسم الأفضل لهذا العمل الفني هو مسلسل “وهم” وليس “عشم”، لأن العمل يوهم المشاهد بواقع لا يعبر عن ثقافة غالبية المغتربين ناهيك عن الشعب السوداني كله.

ومن جهة أخرى فإن التسارع في انتاج البرامج التلفزيونية المنحرفة يشكل خطراً على المجتمع السوداني كله، وهنا على الجهات المختصة القيام بواجباتها كاملة في صياغة المعايير المطلوبة بداية من مرحلة الإعداد واختيار الفكرة والتدقيق في كتابة النص وان تشترط على هذه المؤسسات الربحية ضرورة مراعاة جانب رفع الوعي والارتقاء بالمحتوى الفني حفاظا على الهوية السودانية بما يقود لتحصين المجتمع السوداني من الظواهر الدخيلة والترويج للثقافة السودانية الأصلية، ترسيخا لسلامة المسلك الاخلاقي والتأصيل للممارسة الدينية القويمة مظهراً وسلوكاً والاستفادة من الإرث الثقافي الديني بتفعيل العادات المتوافق حولها وليس البدع الدخلية على المجتمع المختلف حولها  والتي فرضتها حالة الانفتاح الفوضوية التي جسدتها الفضاءات المفتوحة.

مسلسل “عشم” لم يعتمد الفكرة والقصة كأساس وانما شكليات وحالات شاذة لفئة محدودة لا يمكن إسقاط ممارساتها وسلوكياتها على المغتربين أو المهاجرين بصورة عامة.

وبالتالي فإن هذا المسلسل يعبر عن قناعات فردية ومغالاة لفئات محدودة في المجتمع “المتفرجن أو المستعرب”، لا يجب ان تعمم على الحالة السودانية المتأصلة رسوخاً بسماحة عادات وتقاليد أهل السودان وإن كانوا خارج حدود الوطن العظيم!.

الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى