تحقيقات وتقارير

بلاغ لمن يهمه الأمر… السودانيون في القاهرة يعانون من كل شئ؟

بلاغ لمن يهمه الأمر
السودانيون في القاهرة يعانون من كل شئ؟
الأمم المتحدة تعطي اللاجئين مائة دولار وتلك ثغرة دخول المصائب
مصري يبكي ويبحث عن من يبيع له كبد ويردد مخاطباً السودانيين (بالمبلغ اللي تطلبوه)..

شهود عيان التقتهم (كوش نيوز) في مناطق مختلفة بقاهرة المعز وتجاذبت معهم أطراف الحديث عن أحوال السودانيين هناك وبالطبع فإن الحديث ذو شجون لكنه تركز بشكل أكبر على ما يتعلق بالعلاج، فالسودانيين في ذلك يرجحون كفة ميزان الهموم حال وضعها مع غيرها من القضايا فمصر أول قبلة يتوجه لها الناس حال إصابتهم بمرض – يطرقون أبوابها وكلهم أمل في الشفاء ، لكن الحقائق التي رصدتها (كوش نيوز) هناك من خلال إفادات فجرت قنابل داوية وأشارت إلى أن الأمر يشوبه الكثير من الغموض خاصة فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية…

 

صوب الأحلام…
يحكي أحدهم قصته بقوله أنه كان يعمل في الممكلة العربية السعودية لخمس سنوات وعاد للسودان بخروج نهائي أملاً في أن يستثمر ما تمكن من جمعه خلال سنوات الغربة ، لكنه اصطدم بعقبات الواقع حسب قوله فالأوضاع الإقتصادية غاية في التعقيد بجانب الديون الكبيرة التي تقع على عاتقه ، وبعد وصوله للقاهرة قبل ثمانية أشهر كان الهدف الأساسي أن تكون تلك مجرد محطة للعبور إلى أوروبا مثله مثل الغالبية العظمى من الشباب السودانيين أيا كانت الطريقة سواء عن طريق الزيارات أو غيرها ، وسبق له أن جاء في مرة سابقة في العام 2002م وكان أن قدم لمنطقة سيناء كطالب لجوء سياسي مع مجموعة من الشباب السودانيين وقتها أخذت منهم جوازاتهم وتم إعطائهم بطاقات صفراء وكان دخول المنطقة مشروط بحمل الشخص إقامة سواء كانت دائمة أو من المعارضة أو من الأمم المتحدة ، وكانت المعارضة السودانية في ذلك الوقت تتخذ مواقف مناوئة تجاه الحكومة بشكل واضح بكافة مكاتبها ورموزها ومنهم مولانا محمد عثمان الميرغني و الراحل جون قرنق وكانت تلك بشريات لهم بأنه سيتم تحسين أوضاعهم مثل أولئك النفر وكان أن أكمل إجراءات اللجوء المتعارف عليها ليذهبوا بعدها إلى منطقة طابا وتم تثبيته مع آخرين وطلب منهم الكشف عن وجهتهم فأخبر السائلين أنه ذاهب لصديقه الذي يعمل مدير فندق بسيناء بعد تخرجه من قسم اللغات بجامعة الزقازيق وبين اللغات التي درسها العبرية لزيارته وكان عدد السودانيين هناك حسب قوله لا يتعدى العشرين سوداني.

 

(في التوب)…
العشرون سودانياً الذين كانوا بمنطقة سيناء حسبما يقول شاهد العيان الذي تحدث لــ(كوش نيوز) كانوا يشغلون مناصب رفيعة في المجتمع ومعظمهم مدراء فنادق وإن لم يكونوا متعلمين ، حيث كانت الصفات الطيبة التي يتحلى بها السوداني هي الفيصل الذي يرتقي به على من سواه ، يقول محدثي أنه مكث مع صديقه ذاك مستقراً في سيناء وبمرور الوقت عرفوا أن هناك طريقاً مفتوحاً يؤدي إلى دولة إسرائيل والهدف الأساسي تحسين الأوضاع الإقتصادية بعيداً عن الإرهاب وغيره مما وصفه بالإدعاءات التي يسمعونها في وسائل الإعلام ، وكان أن دخل إسماعيل ومعتصم وغيرهم وبدأت الأعداد في إزدياد بعد أن كانت حالات فردية ، يقول شاهد العيان أنهم كانوا يحذرون السودانيين من العبور إلى إسرائيل لكن دون جدوى وبدأت الأعداد تسجل إرتفاعاً كبيراً بسبب الإغراءات الكبيرة التي وفرتها تلك الدولة بأنهم يصعدون قضايا حقوق الإنسان إلى جنيف ليتم حلها في فترات وجيزة ،ويعود محدثي الي القول إن ذلك كان مقروناً بصعوبة السفر إلى أوروبا كان يتم حتى نهاية التسعينات كل ثلاثة أو أربعة أشهر لكن إستعصت بعد ضربة الخليج وشابها تعقيد كعقد المعاينات ونحوها.

 

إنفجارات الموساد…
يواصل محدثي القول إنه كان شاهد عيان على حوادث التفجير التي نفذها جهاز الموساد في هيلتون طابا ورأس الشيطان وإنتشار حالات الرعب حتى أن البعض قطعوا البحر الأحمر وآخرين دخلوا الجبال فيما بقي ما بين (100 ــ 150) سوداني محاصرين بقوات الأمن المصري بعد زيادة أعدادهم ، فزارهم السفير السوداني في مصر وعدد من العاملين برفقة الممثلة صفية العمري التي كانت تشغل منصب سفيرة النوايا الحسنة وتم تزويدهم بتحذيرات وأخذوا قائمة أسمائهم واستمر الحال لمدة عشرة أيام تضمنت عمل مكثف للمخابرات ،وقتها كانت هناك توترات حادة في العلاقة بين دولتي مصر وإسرائيل بعد حادث مقتل ضابط من الأولى على يد الثانية وكان أن عاد محدثي أدراجه صوب القاهرة بعد أن باءت الفكرة بالفشل في ظل المستجدات.

 

أعضاء للبيع…
تابع شاهد العيان لــ (كوش نيوز) بقوله أنه عقب عودته مباشرة اكتشف أن تجارة الأعضاء راجت في القاهرة ويحكي أنه في إحدى المرات وأثناء جلوسه في أحد المطاعم وكان ذلك بداية العام 2004م أن موقفاً حدث أمامه بأن تجارة البشر صارت قاب قوسين أو أدنى منه يقول: (كنت جالساً في المطعم فحضر مصري وهو يبكي و يبحث عن من يبيع له قطعة كبد ليعالج إبنه الوحيد ويردد بالمبلغ اللي تطلبوه) فكان أن سأله هل يبحث عن – كبدة ضأن ولا بقر- فاستغرب المصري وأكد له أنه يبحث عن قطعة بني آدم لينقذ ابنه ، ويضيف أن تلك الواقعة شكلت له صدمة وقتها وكان هناك سوط (عنج) معلق في إحدى جوانب المطعم فحمله وضرب به المصري ومن معه ووقعت مشكلة كبيرة وتم حلها لاحقاً وبقيت الحقيقة على حالها أن السودانيين يبيعون أعضاءهم وآخرين يعملون سماسرة بين البائعين وطالبي الأعضاء.

 

صدمات متلاحقة..
فيما يتعلق بالهجرة يقول محدثي شاهد العيان أن الأمر صار شديد الصعوبة في تلك الفترة التي عاد فيها من طابا ،لكنه تصاعد في العام 2014م وصار من الصعب بل المستحيل إمكانية السفر لأوروبا بالطريق الرسمي وإن كان بالإمكان السفر فإنه يتحتم تسديد مبالغ كبيرة وفي الغالب السودانيين لا يعملون هناك وهذه هي الثغرة التي يضغطون بها عليهم ، ووفقاً للحسابات فإن المبلغ الذي تعطيه الأمم المتحدة للاجئ يعادل (1700) جنيه مصري فإن المصروفات التي تقابله أكبر من ذلك بكثير بدءاً من إيجار الشقة الصالحة للسكن الذي يعتبر أولى الأولويات والذي يعادل ما بين (1000ـــ 1200) جنيه مصري وغير الصالحة للسكن أي دون منافذ وتوصيلات صرف صحي غير جيدة تعادل ما بين (1000ـــ900) جنيه وتلك تمهد للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي حيث أن غالبيتهم يصابون بالأزمة والسرطان والكلى وفيروس الكبد الوبائي الذي انتشر كثيراً خلال الفترة الماضية وهكذا تتواصل الصدمات.

 

فشل ومشكلات…
ويقدر محدثي الذي فضل حجب هويته أن نسبة المهاجرين من السودان من واقع ملاحظاته كأسر وقعت فيها مشكلات عائلية لما يزيد عن الـ (50%) منهم بعد فشل رب الأسرة في إيجاد مصدر رزق بعائد مجزي حيث يتم الإختلاف عادة في التقديم للجوء أو عدمه ويكتشف أحد الزوجين أن أحدهما قدّم جوازه لذلك الغرض في السر وهنا يصعب على الطرفين إدخال الأطفال المدرسة وتعطيل إجراءات كثيرة تتضرر بموجبها الأسر ويستمر إنتظار النتيجة فترات طويلة يمكن أن تصل إلى سنوات وفي حال عدم الموافقة بالهجرة ترتفع الأصوات وتمضي الأمور نحو الأسوأ ليكون الطلاق هو النتيجة.

 

الأخطاء سبب رئيسي..
شاهد عيان آخر جلست إليه مصادر طلب أيضاً عدم ذكر إسمه قال أنه ومن خلال الحالات التي رآها فإن العلاج والعناية التامة بالمرضى متوفرة إلا أنه أوضح أن التكلفة مرتفعة حتى بالنسبة للقادمين عن طريق القمسيون الطبي والذين يعطون نحو ثلاثة وثلاثين ألف جنيه سوداني تعادل تقريباً ثلاثة ألف دولار وتساءل لماذا لا يتم توفير العناية الطبية ببلادنا ليتلافى السودانيين مشقة السفر والتعرض لإشكاليات عديدة خارج بلادهم، وحكى هنا تعرض طفل يبلغ من العمر إثنا عشر عاماً أجريت له عملية جيوب أنفية في إحدى مستشفيات السودان بإستخدام الليزر وكان أن وقع خطأ طبي فتسبب الليزر في تنشيط الخلايا السرطانية في العين التي أصبحت تنمو وتتزايد بشكل كبير فاصطحبه والده إلى القاهرة دون إستشارة أطباء وبعد إخضاعه للعلاج بدأت العين في العودة لسيرتها الأولى لكن ذلك كلفه خمسة وعشرين ألف جنيه مصري لكل جلسة من الجلسات الخمس التي تطلبها علاجه وتبقت له جلسة تنشيطية وتساءل لماذا لا يتم تأهيل أطباء السودان وصقلهم بالخبرة ولابد أن يتدارك الناس المشاكل.

 

 

حنان كشة

القاهرة (كوش نيوز)

 

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى