حوارات

وزير المالية الأسبق يفند معضلات الإقتصاد السوداني ويقدم روشتة عاجلة (2-2)

قدم رئيس لجنة الشوؤن الاقتصادية والمالية بالبرلمان ووزير المالية الأسبق علي محمود عبد الرسول روشتة عاجلة وشاملة لحل الأزمة الاقتصادية الماثلة، في نفس الوقت شرح الرجل الأسباب التي أدت لوصول الاقتصاد لهذه الوضعية.بحسب ما أوردته جريدة (الصيحة) يوم الأربعاء .

*وزارة المعادن تتحدث عن إنتاج كبير من الذهب بينما الصادر منه قليل جداً؟

وزير المعادن قال إن إنتاج الذهب خلال الشهور الثلاثة الماضية 36 طناً، بينما تقول وزارة التجارة إن الصادرات من الذهب تعادل ( 4،4 ) طن، الفرق كبير جداً بين الإنتاج والصادر.

ـ أين يذهب هذا الفرق؟

هنالك عدة أسباب وراء هذا الفرق.

*هل التهريب من ضمن هذه الأسباب؟

ليس بالضرورة أن يكون التهريب من ضمن هذه الأسباب بمعنى ليس كل الفرق مهرباً .

*إذا أين الخلل؟

ربما هنالك من ينتجون الذهب ويرفضون تصديره ويقومون بتخزينه، أنا سألت وزير المعادن، وقال إنهم يأخذون عوائد جليلة على الذهب المنتج في الأسواق وجملة العوائد خلال ثلاثة أشهر تعادل 36 طناً والصادر 4 أطنان الفرق كبير جداً.

*كيف يمكن سد هذا الفرق؟

الأمر يحتاج لجهد من الدولة .

ـ جهد يتمثل في ماذا؟

طريقة شراء الذهب من قبل بنك السودان المركزي ليس بها تخصص كبير، إذا كانت وزارة المعادن تصل كل الأسواق وتأخذ العوائد الجليلة، بالتالي يجب أن تشترك وزارة المعادن ووزارة المالية وبنك السودان في شراء الذهب.

*كيف؟

من خلال إنشاء محفظة أو شركة أو أي مؤسسة يتم وضع أموال حقيقية بها لشراء الذهب، وحالياً لا توجد اعتمادات مالية بميزانية الدولة لشراء الذهب، والدولة تقوم بوضع ميزانية لشراء المخزون الاستراتيجي من أي سلعة، ويجب أن يوضع اعتماد مالي لشراء الذهب، من خلال إنشاء شركة أو محفظة.

*من أين يتم توفير الأموال في حالة إنشاء محفظة؟

من البنوك أو إنشاء موارد حقيقية وليس بالضرورة أن يكون المبلغ قدر قيمة الذهب المنتج في العام، لأن المبلغ سيكون متحركاً في السوق، وسيوفر أرباحاً كبيرة، فقط إذا تم توفير مبلغ قيمة عشرة أطنان ذهباً للمحفظة، يمكن أن نشتري قيمتها كل شهر وأحسب أن سياسة شراء وتدوير الذهب بها خلل.

*كيف تنظر لحديث وزارة المعادن فيما يخص إنتاج الذهب؟

حديث صحيح بلا شك، وكذلك حديث وزارة التجارة في الصادر صحيح، والفرق بين الإنتاج والصادر يتطلب سياسات من الدولة تمكنها من تصدير كل الذهب المنتج أو تصدير نسبة كبيرة منه، وهذه المسألة تحتاج لموارد مالية مستدامة ولنظام إداري جيد ودقة في التعامل ومصداقية، لأن البنك المركزي لوحده لا يستطيع القيام بشراء الذهب المنتج كلياً.

*هنالك من يقول إن الذهب هو بديل البترول بعد انفصال الجنوب، ولكن حتى الآن الذهب لم يحقق أي فوائد اقتصادية لخزينة الدولة؟

ـ ليس بالضرورة أن يكون بديلاً للبترول.

*مقاطعة.. هل يمكن أن يسد الذهب العجز في الميزان التجاري؟

وفقاً لإنتاج الذهب الذي ذكره وزير المعادن، يمكن أن يغطي الذهب العجز في الميزان التجاري خاصة وأن الذهب كله محتكراً للحكومة، ولا يوجد شركاء، مثلاً طن الذهب حالياً يعادل 50 مليون دولار، وإذا كان الإنتاج خلال ثلاثة أشهر 36 طناً بمعني إنتاج العام من الذهب 144 طناً من الذهب وحينما تضرب هذا الإنتاج في 50 مليون دولار وهي نسبة الطن من الذهب ستكون المحصلة أموالاً طائلة تقدر بسبعة مليارات دولار، وحينما تضاف قيمة الصادرات من الزراعة والثروة الحيوانية، ستكون المحصلة متساوية مع الميزان التجاري دون عجز، وأكرر هنالك خلل في تسويق الذهب يحتاج إلى مؤسسة مدعومة من الدولة تصل المنتجين في الأسواق وتقوم بشراء الذهب بأسعار مجزية.

*موارد المغتربين كثر الحديث عنها مؤخراً؟

موارد المغتربين وفقاً لسياسات معينة يمكن الاستفادة منها، وبحسب تقديرات خبراء تقدر بحوالي 15 مليون دولار، لكن فلنقل إن نسبة عوائد المغتربين تعادل 5 ملايين دولار وإن عوائد الذهب تعادل 7 ملايين دولار أي أن المحصلة الكلية تبلغ 12 مليون دولار وميزان المدفوعات التجاري كل حصيلته تعادل 10 ملايين دولار، إذن سيكون لدينا فائض قدره 2 مليون دولار، وحينما نضيف عوائد الصادرات على هذا الفائض سيكون لدينا استقرار في سعر الصرف، خلاصة الأمر أننا في حاجة إلى إيجاد سياسات فاعلة، وإذا تم تطبيقها بطريقة صحيحة ستؤدي إلى نتائج إيجابية .

*لكن المغتربين لا يثقون في الحكومة؟

يجب أن نأخذ تجارب الدول المجاورة في التعامل مع عوائد المغتربين، مثلاَ مصر دولة لديها مغتربون بعدد كبير وتستفيد من عوائدهم وفق امتيازات معينة، وكذلك لبنان بها مغتربون بحجم كبير حوالي عشرة ملايين مغترب وتستفيد من تحويلاتهم، وهنالك نظم إذا تم تطبيقها يمكن الاستفادة منها.

*لكن دراسة التجارب والنظم تحتاج لوقت طويل؟

مهما يكن الأمر، لكن هذا الطرح يمثل أحد الحلول، ولا أعتقد أنه سيأخذ وقتاً كبيراً، وحالياً البنك المركزي أصدر سياسات لجذب أموال المغتربين، ولكنها ليست كافية.

*الرئيس البشير قال لا يوجد شح في النقد الأجنبي وإنما يوجد سوء إدارة وجشع؟

يمكن أن نفسر الحديث من خلال النظر إلى ميزان المدفوعات التجاري، حينها سنجد الصادرات في حدود 5 مليارات دولار، والواردات 10 مليارات دولار، وأن الفجوة الناتجة يمكن تغطيتها من عدة اتجاهات، إما عن طريق أموال المغتربين أو سلع مهربة، ولا توجد دولة أعطتنا أموالاً أو قروضاً، وقمنا بسداد الميزان التجاري من مواردنا المجنبة، والعجز في الميزان التجاري يعتبر عجزاً مغطى، والعجز لا يعني أننا أتينا بسلع دون دفع قيمتها، وهنا يبرز السؤال: كيف تحصلنا على الأموال؟ الإجابة أننا تحصلنا عليها من السوق الأسود من خلال شراء قروش المغتربين أو شراء الذهب المهرب من قبل التجار بالخارج.

*هنالك من يصف المعالجات التي وضعت لخفض سعر الدولار بأنها غير موضوعية؟

المعالجات بدأت في شهر فبراير، والناس عندنا في السودان يريدون نتائج سريعة لأي معالجات، والعلاج يحتاج لوقت، والدولة وضعت إجراءات في الصادر، وفي الوارد والنتيجة لا تظهر خلال ثلاثة أو أربعة أيام وإنما تحتاج لوقت طويل وصبر حتى نصل إلى نتائج، كما أن البرامج التي توضع للمعالجات الاقتصادية تحتاج إلى متابعة دقيقة، ولمزيد من التدقيق من أجل التجويد، وأظن أن الوقت مبكر للحكم عليها ومن الممكن بعد ذلك تظهر النتائج بدليل أن سعر الدولار لم يتجاوز 32 جنيهاً طوال فترة شهر حتى في السوق الموازي .

*أيضاً هنالك من يقول إن سعر الدولار يرتفع وفق الحالة النفسية المربوطة بالإشاعات وغيرها؟

ـ هنالك أسباب كثيرة لارتفاع سعر الدولار وتحتاج لتفاصيل.

*الشاهد في الأمر أن السودان لم يستفد من رفع العقوبات الأمريكية ما هي الأسباب؟

السودان استفاد والبنك المركزي يستورد كثيرأً من السلع خاصة المواد البترولية وانفتحت أمام البنك تسهيلات من مؤسسات مالية كانت ترفض التعامل معنا إبان الحصار الاقتصادي الامريكي، وبدأ البنك المركزي يستفيد من ذلك وبدأنا نأخذ السلع بالآجل وندفع بعد ستة أشهر، صحيح ليست أمامنا فرصة لأخذ القروض، ولكننا استفدنا من رفع الحصار الجزئي، وإن كانت الفائدة ليست كاملة لأن هنالك جزءاً من الحصار ما زال باقياً .

*مهما انخفض سعر الدولار، فإن أسعار السلع تظل في غلاء مضطرد؟

صحيح، لأننا نعاني من عجز في العرض الكلي، وكلما كانت هنالك مشكلة في استيراد سلع من الخارج سيكون التضخم موجوداً، وهنالك طلب زائد على النقد الأجنبي وبدوره أدى لتدهور العملة الوطنية أمام النقد الأجنبي، وكلما ارتفعت قيمة النقد الأجنبي أمام الجنيه زادت أسعار السلع المستوردة، والقضية تحتاج لعلاج كلي وأي علاج جزئي لا يؤدي لنتيجة، والاقتصاد لديه خمسة مكونات وهي الناتج المحلي الإجمالي، وميزانية الدولة، وميزان المدفوعات، والتضخم وسعر الصرف، هذه هي ركائز الاقتصاد الكلي، وأي خلل في إحدى هذه الركائز يؤدي لمشكلة في الاقتصاد.

*أي أن آثار الحصار الأمريكي ما زالت باقية؟

نعم، بدليل ديون السودان الخارجية ما زالت تحاصره ولم تُرفع ونُمنع من التعامل مع صندوق النقد الدولي ونُمنع من التعامل مع البنك الدولي .

الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى