حوارات

وزير المالية الأسبق يفند معضلات الإقتصاد السوداني ويقدم روشتة عاجلة

قدم رئيس لجنة الشوؤن الاقتصادية والمالية بالبرلمان ووزير المالية الأسبق علي محمود عبد الرسول روشتة عاجلة وشاملة لحل الأزمة الاقتصادية الماثلة، في نفس الوقت شرح الرجل الأسباب التي أدت لوصول الاقتصاد لهذه الوضعية بحسب ما أوردته جريدة الصيحة يوم الثلاثاء..

* ما هي مشكلة الاقتصاد السوداني وكيف يمكن حلها؟

– إذا أردت تشخيص مشكلة الاقتصاد السوداني، ستجد أن العرض الكلي للاقتصاد أقل من الطلب، ومعروف أن الاقتصاد عرض وطلب، فالعرض أقل من الطلب.

*كيف؟

– مثلاً نحن نستهلك سلعاً معينة إنتاجنا من هذه السلع أقل من طلب احتياجاتنا.

*نأخذ أنموذجاً؟

– مثلاً المواد البترولية نحن ننتجها، ولكن في نفس الوقت نستورد مواد بترولية وبنسبة كبيرة.

*كم هو إنتاجنا من البترول في الوقت الحالي؟

-إنتاجنا من البترول حالياً في حدود 83 ألف برميل في اليوم، وفي اليوم نستهلك عشرة ألاف و600 متر مكعب من الجازولين، و(5) آلاف متر مكعب من البنزين، المتر المكعب يعادل برميلاً، والإنتاج من البترول به نصيب يذهب للشركاء مثل الصينيين والماليزيين، بالمقابل استهلاكنا اليومي كبير، وفي زيادة، لذلك ننتج 50% من الجازولين يومياً، ونستهلك أكثر من الإنتاج بنسبة 100%، وفي البنزين ننتج 83% من الاستهلاك ونستورد 20% من الخارج والسبب في ذلك قلة الإنتاج.

*نعود للعرض الكلي للاقتصاد؟

– نحن لدينا عجز في المواد البترولية والسكر والقمح والأدوية، وفي مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي، وفي الإسبيرات للمعدات مثلاً السيارات، نستورد لها الإطارات من الخارج، وكذلك نستورد بطاريات السيارات من الخارج، عموماً أي اقتصاد حينما يكون به عجز في سلع أساسية فلن تكون الأوضاع جيدة.

*بمعنى الأزمة في الاستيراد؟

– حينما يكون هنالك عجز في السلع الأساسية ويتم استيرادها من الخارج تصبح الأمور (ما تمام) والاستيراد للسلع الأسياسية يتطلب وجود صادرات وعائداً من النقد الأجنبي من أجل الاستيراد، لكن أصلا لدينا عجز في الإنتاج بالتالي عائد سلع الصادر لا يغطي النقد الأجنبي المستخدم في الاستيراد.

*ما هي صادرات السودان في الوقت الحالي؟

– اللحوم (حية ومذبوحة) والسمسم والصمغ العربي والذهب وجزء من الإنتاج الزراعي، وكل ذلك يتم عبر القطاع العام أو الخاص، لكن عائد الصادر لا يغطي العجز في الوارد.

*كم تبلغ قيمة الصادرات؟

– في حدود 5 مليارات دولار ونصف المليار، والواردات في حدود 10 مليارات دولار، وبذلك يصبح العجز في حدود أربعة مليارات ونصف المليار دولار .

*كيف تتم تغطية هذا العجز؟

-حينما يكون هنالك عجز ينعكس على أمرين أساسيين، أولاً سيكون هنالك تدهور في سعر صرف العملة الوطنية، لأن الطلب على النقد الأجنبي من أجل أغراض الاستيراد كثير، لذلك يقول البعض الدولار زائد والحقيقة أن طلب الدولار في زيادة، وهذا يؤدي لتدني قيمة العملة السودانية، وتصبح متدهورة، الدولار عالمياً شبه مستقر، ولكن بالمقارنة مع السودان، فإن ما يحدث هو تدهور للعملة السودانية، وليس ارتفاعاً لسعر الدولار، لأن قيمة الدولار ثابتة، ثانياً العجز يؤدي إلى ازدياد معدلات التضخم، بالجملة نحن عندنا عجز في العرض الكلي للاقتصاد.

*هل من معالجات عاجلة لمسالة العجز؟

– تتم من خلال زيادة الإنتاج والإنتاجية مثل زيادة الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية وزيادة القيمة المضافة، بالنسبة لزيادة الإنتاج والإنتاجية مثلاً، إذا الفدان ينتج عشرة جولات يمكن أن تستخدم حزماً تجعل الفدان ينتج ألف جوال، المساحة ثابتة، ولكن الإنتاج زاد في المساحة، في الصناعة هنالك القيمة المضافة، إذا تمت زيادة القيمة المضافة والإنتاج والإنتاجية بصورة تلقائية ستزيد الصادرات. بمعنى بدل تصدير الصمغ خاماً يجب تصنيعه، وهنا ستظهر القيمة المضافة، مثل اللحوم نحن نصدر أربعة ملايين رأس للسعودية، والعائد مليار دولار فقط، يمكن أن تصدر هذه اللحوم إلى لحوم مذبوحة، وسيكون العائد أكثر من أربعة مليارات دولار، وهذا ما يسمى بالقيمة المضافة كذلك بدلاً من تصدير السمسم خاماً علينا أن نقوم بتصديره مصنَّعاً سواء كان زيوتاً أو طحنية، وكذلك القطن بدلأ من تصديره خاماً يجب أن يصدر مصنعاً سواء كان قماشاً أو غيره .

*هل توجد صادرات مصنَّعة بدلاً عن الخام؟

-أبداً لا توجد صادرات مصنعة، ومثلاً القطن تتضاعف قيمته أكثر من مرة إذا صدرت القطن في شكل ملابس فإن قيمته تزيد أكثر من سبع مرات، ونحن نحتاج لتوسع في زيادة الإنتاج كمياً، من خلال زيادة الإنتاجية في القطاع الزراعي، وفي القطاع الصناعي والثروة الحيوانية، ومهم لإصلاح الاقتصاد عمل برنامج لزيادة الإنتاج والإنتاجية في القطاع الزراعي وعمل قيمة مضافة في الصناعات ولا نصدر أي شيء خام، وكل صادراتنا يجب أن تكون مصنعة.

*ما الذي يمنع وضع برنامج لمعالجة الاقتصاد السوداني؟

– المانع هو القدرات المالية .

*ما هي بدائل الاستيراد؟

– البدائل مثلاً في الأدوية أنتج أكثر من 40% من الإنتاج المحلي واستورد ما تبقى من الخارج هنا يجب تقليل الاستيراد وزيادة الإنتاج حتى يكون الاستيراد أقل ممكن، مثلاً نحن نستورد زيوت طعام يجب أن تكون هنالك بدائل محلية للزيوت الطعام مثلاً نحن نستورد السكر لازم نضع بدائل من السكر المحلي، حتى البترول يجب وضع برنامج لاستكشاف حتى نكتفي ذاتياً من الاستيراد وفي البترول حينما وصلنا مرحلة متقدمة من الإنتاج نهضت الدولة، يجب أن نمضي في اتجاهين زيادة الصادرات وتقليل الاستيراد.

*لكن زيادة الإنتاج يحتاج لبرنامج طويل المدى هل يوجد برنامج أو تصور من الدولة لزيادة الإنتاج؟

-هنالك البرنامج الخماسي، وكان به تصور لكل الأشياء التي ذكرتها لك آنفاً، المهم في الأمر أن الحل لمشكلة الاقتصاد السوداني زيادة الإنتاج والإنتاجية، وعمل قيمة مضافة وزيادة الصادرات وخلق بدائل للسلع المستوردة، وحينما يكون هنالك نقد أجنبي يجب استيراد السلع التي لا نستطيع إنتاجها لأسباب فنية هذا هو البرنامج لحل لمشكلة الاقتصاد إذا تم تنفيذه بحذافيره.

*لكن لماذا فشلنا في تطبيق هذا البرنامج؟

– هذا سؤال آخر لا نريد التوقف عنده.

*هل من حلول مطروحة حالياً لمعالجة الأزمة الاقتصادية؟

– طبعاً هنالك حلول مطروحة، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار الظروف التي تعيشها البلاد، في السابق كنا نحتج على الحصار الأمريكي المفروض على السودان، رفع الحصار أدى لفتح كوة صغيرة، وما زال اسم السودان موجوداً، في قائمة الدول الراعية للإرهاب بالنسبة لأمريكا وهذه الخاصية تؤدي لمنع إعفاء ديون السودان الخارجية، وعدم إعفاء الديون يؤدي لمنع السودان من أخذ القروض من البنك الدولي، مثلاً إذا أردنا تأهيل مشروع الجزيرة يجب أن نأخذ قرضاً من البنك الدولي، حالياً نحن ممنوعون من القروض مثلاً المصريون تم منحهم دعماً من صندوق النقد الدولي ولم يتم منح السودان بسبب معضلة الديون الخارجية، ومشكلة الديون لم تحل لأسباب سياسية .

*أسباب سياسية مثل ماذا؟

– مثل وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وأمريكا لديها نفوذ في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ويستخدمون حق الفيتو ضد الدول التي لا يرغبون في إعفائها من الديون، وكذلك النفوذ الأمريكي يمنع كثيرا من المؤسسات الكبيرة والضخمة من الاستثمار أو التعامل مع السودان، بالإضافة لذلك كثير من الدول تتوجس من المواقف الأمريكية غير الثابتة، وممكن لأمريكا أن تغير موقفها في أي وقت كما فعلت مع إيران، وكثير من البنوك والمؤسسات الكبيرة تخشى من إعادة السودان للحصار الاقتصادي الأمريكي، لذلك لا توجد بنوك ومؤسسات مالية ضخمة تتعامل مع السودان حالياً.

*حتى بعد رفع الحصار؟

صحيح، حالياً هنالك بعض المؤسسات الاقتصادية بدأت التعامل مع السودان، ولكن المؤسسات الاقتصادية الضخمة في أروبا وغيرها لم تتعامل مع السودان حتى اليوم، وكل العوامل التي ذكرتها لك أعلاه وأن نربط ذلك بانفصال الجنوب وفقدان البترول كلها عوامل أدت للوضع الاقتصادي الراهن، عطفاً على وجود الحركات المتمردة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وكلها عوامل تصب في عدم تقدم اقتصاد السودان، أيضاً هنالك عامل دعائي خارجي كبير جداً يروج لعدم استقرار السودان.

*هل يمكن حل مشكلة الاقتصاد السوداني بصورة جذرية؟

– يمكن أن تحل من خلال برنامج تركيزي يستهدف الإشكالات الحاصلة مثل العجز في العرض الكلي في الاقتصاد، يجب تصميم برنامج لإزالة هذا العجز بمعنى هنالك سلع تسبب إشكالاً بسبب استيراده مثل المواد البترولية والسكر والقمح والأدوية ومدخرات الإنتاج الزراعي والحيواني ويجب أن نصمم برنامجاً يستهدف إنتاج هذه السلع وإزالة المعوقات التي تعترض عمل البرنامج، وهذا يحتاج لبرنامج تركيزي دقيق جداً من خلال إنتاج محدد لأغراض محددة، مثلاً الذرة علينا أن لا ننتج في حدود الاستهلاك، يجب زيادة إنتاجها حتى يزيد الصادر، وكذا الحال في المعادن والحبوب الزيتية وما لم يتم خلق زيادة في الإنتاج والصادرات وزيادة في النقد الأجنبي لتغطية الاحتياجات الخارجية، وأن تنتج بدائل لبعض السلع، لا يوجد سبب يجعل السودان يستورد زيوت طعام والذرة، وفي سنة من السنوات كنا نستورد الذرة، ونحن أرض الذرة، ويجب أن يكون هنالك برنامج تقشفي، ولا يوجد سبب يجعل السودان يستورد المياه (موية الصحة) من أجل إزالة العجز في الاقتصاد الكلي، يجب إيقاف استيراد بعض السلع.

الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى