إن كنت تريد إحكام أمر، فعليك باللوائح. وإن أردت سد الثغرات التي تظهر في التطبيق فعليك بمراجعة اللوائح. أما إن كنت تريد خرق اللوائح، فعليك بمزيد من اللوائح. هكذا تقول قواعد صياغة وكتابة اللوائح والدساتير وكتبتها وحفظتها.
وفي ذات مجرى اللوائح والنظم، يعتزم حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إجراء تعديلات أساسية على نظامه الأساسي يقول إنها لأغراض المراجعة والتجويد.
وبحسب نائب رئيس الحزب، وأمين تنظيمه السابق، د. فيصل حسن إبراهيم، في حديثه للزميلة “التيار” فإن الوطني ذاهب إلى مراجعة نظامه الأساسي واللوائح المنظمة لأعمال الحزب كافة.
وهو قول يعني إن الوطني بصدد ابتناء قواعد تنظيمية جديدة، ليقوم الحزب وينهض لمقابلة المرحلة المقبلة التي تشهد انتخابات العام 2020م.
حكاية الأمانة
منذ تخلقه كحزبٍ بمسمى المؤتمر الوطني عقب مفاصلة الإسلاميين الشهيرة في العام 1999م ، والوطني في حالة مراجعة دائمة لنظمه، خاصة وأن التطبيق قد أفرز مشكلات “عويصة”.
كانت أشهر هذه المشكلات وأعلاها درجة علاقة الأمانة العامة برئيس الحزب الذي هو رئيس الجمهورية.
وقبيل المفاصلة كان يحق للأمين العام مراجعة ومحاسبة الرئيس، وهو أمر صار بمقتضى الواقع، والظرف الموضوعي غير ممكن، فتحول الرئيس إلى أعلى سلطة في الحزب.
وحول إمكانية العودة إلى نظام الأمانة العامة، قال مصدر من داخل الحزب –طالب بحجب اسمه- بوجود أطروحات فعلية تنادي بالعودة إلى نظام الأمانة العامة المتبع قبيل تاريخ العام 2005م، ولكن مع تحسينات قد تجمع المنصب للرئيس الذي لا يجوز مع رئاسته لكامل البلاد أن تتم محاسبته بواسطة قيادي في حزبه.
بيد أن المصدر استبعد هذا التعديل، لما فيه من تكريس للسلطات في يد الرئيس، وهو أمر يقول إن البشير نفسه لا يرتضيه، حيث يأمل في أن يكون الوطني حزب شوري ويتخذ قراراته بمسؤولية وشجاعة.
المكتب القيادي
نقطة مهمة قد تثار في مسار التعديلات التي يعتزمها الوطني على نظامه الأساسي وتتعلق بإلغاء المكتب القيادي والاستعاضة عنه بتشكيل يضم أمناء الأمانات الحاليين.
ويؤكد مصدر (الصيحة) أن أبرز التعديلات المرتقبة على النظام الأساسي تتعلق بتشكيل جسم يضم أمناء الأمانات لا سيما وأن معظمهم من الجيل الشاب.
ودعم المصدر حديثه في هذا الاتجاه بالإشارة إلى أن بعضاً من أمناء الأمانات الشباب الذي يحظون بدعم من قبل المنادين بتجديد دماء الحزب، ليسوا أعضاءً في المكتب القيادي مع كونهم يتسنمون أمانات مهمة.
ترشيح البشير
كيف ينظر المراقبون إلى اتجاه الوطني إلى إجراء تعديلات على نظامه الأساسي؟ سؤال توجهنا به إلى المحلل السياسي عبد الماجد عبد الحميد، فأكد على مبدأ وحيد هو أن القضية الأساسية في موضوع التعديل ترتبط بالتمديد للرئيس البشير لولاية جديدة في انتخابات العام 2020م.
وقال عبد الحميد لـ (الصيحة) إن د. فيصل حسن إبراهيم من الداعمين الرئيسيين لإعادة ترشيح البشير، وبالتالي سيمهد لذلك في دساتير الحزب بإلغاء المادة التي تمنع ترشحه، وحشد الداعمين لها ليكونوا من وراء رئيس الحزب قبيل الانتخابات وأثنائها وعقبها.
محاسبية
تذهب آراء إلى أن تعديلات النظام الأساسي فيها حظ كبير للوائح المحاسبة والمعاقبة، وهو قول قال به فيصل في حديثه لـ (التيار).
وبتفكيك الحديث إلى معطيات واقعية يقول عبد الماجد عبد الحميد، إنه يتوقع تغليظًا وتشديدًا في العقوبات بأكثر من سن تشريعات عقابية جديدة.
بيد أنه يشير إلى مسألة أن اللوائح غير ذات جدوى في حالة عدم التطبيق، وأن المحك الأساسي يكمن في مدى إنزالها على أرض الواقع. موضحاً أن اللوائح نفسها قد لا تكون الحل الأمثل لكل مشكلات الحزب، فكثير من الأدلة والشواهد تقول إن كثيراً من خلافات الوطني في المركز والولايات حلت بواسطة (الجوديات) وهو نظام يعمل بفعالية على الرغم من توافر النظم واللوائح.
وشهد حزب المؤتمر الوطني في الولايات حالات انفلات كبيرة، استلزمت تدخلات تنظيمية حاسمة، على إثرها وصل أمين التنظيم إلى منصب الرجل الثاني في الحزب، ليقوم بإعمال اللوائح المحاسبية ويحسم مظاهر الفوضى والتفلتات التي تشكل علامة قلق قبيل مرحلة الانتخابات.
كذلك فإن مسألة وجود أصوات داخلية – ولو كانت خافتة – ضد ترشيح البشير في 2020م، أمر يحتاج إلى احترازات تنظيمية، وشكيمة في إمضاء قرار المؤسسة حال قدمت البشير، حيث لا يراد للنشاز أن يكون حاضراً.
مقداد خالد
الخرطوم(كوش نيوز)