حوارات

بله الغائب: البشير ما كعب وفيه خير للأمة (1-2)

 

أنا إبن رجل لو أقسم على الله لأبره

قطعاً ليست هذه المرة الأولى التي يطل فيها بله الغائب عبر منبر إعلامي مقروء فالرجل ظل هدفاً لأجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة منذ ظهوره في منتصف سبعينات القرن الماضي بتوقعاته المثيرة للجدل .

لكن المثير حقاً أن الغائب منذ عرفه الناس ، أطلقت عليه ألقاب مختلفة بعضها محبب صادر عن محببين ومقربين له ، وبعضها الآخر أطلق  تهكماً وتقليلاً من شأنه فقيل عنه الشيخ ومولانا والمنجم ، إلا أنه كحالة نادرة لم يسجل له موقف واحد ضد المسيئين له ، فلا يذكر أنه دون بلاغاً ضد أحد ، ولم يعتد بيده ، فقد ظل يطبق مقولته المحببه له (المسامح كريم).

 

إلا أن الجديد في هذا الحوار الذي ينشر على حلقتين (اليوم الأحد والثلاثاء) أنه دافع عن قناعاته بإستماتة وأستدل بمواقف شهيرة بعضها تاريخي وبعضها حاضر بين أيدينا ، وكشف عن ما إعتبره سراً خطيراً ، وإليكم مضابط الحوار :

 

* بعد كل هذه السنوات نسألك ، من أين أنت يا بله الغائب ؟ بمعنى أدق ، هل أنت رجل سياسي تبحث عن كرسي طال إنتظارك له ، أم أنت منجم بين قوم يؤمنون بالغيبيات ، أم صوفي وهبه الله بصيرة ثاقبة ؟

– (ضحك) ، وردد جمله إشتهر بها وهي (جزاك الله خيراً) ثم أجاب ، أنا زول شارب من بحر غريق ، وهبني الله من علمه وبصرني ، فقط أريد مصلحة بلدي ، وكل همي هو أن أدعو الله أن يوفق رئيسه عمر حسن البشير فهذا رجل مبروك وعلى يديه سوف يأتي الخير .

 

* أنت دائماً تحاول إلقاء الحجارة في البرك الساكنة بتكهنات غيبية يرى البعض أنها مستحيلة الحدوث ولكنك تجزم بوقوعها ، هل يأتي لك ذلك من قدرة خاصة على التوقعات ، أم لديك خدام تتحدث بلسانهم ؟

– إبتدر الإجابة : أشكرك على هذا السؤال (طريف شديد) ثم أجاب ،

أولاً : التنبؤ بالأشياء لم يحدث في زمني أنا بل كان يحدث من زمن الأنبياء والرسل من قديم الزمان ، ودعني أضرب لك مثلاً بعينه وهو دليل كاف على أنني لا أتحدث بلسان أحد مطلقاً ، فسيدنا عمر بن الخطاب حين قال : يا سارية الجبل ؟ لم يكن يتحدث بلسان أحد .

 

ثانيا: قصة سيدنا سليمان معروفة وهي أنه دعا الله أن يعطيه ملكاً مطلقاً لم يسبقه عليه أحد ، وقد أعطاه الله ذلك ، فكان حين يسير تنقله الريح من مكان لمكان ، وكان الطير يظلله من الشمس بجناحيه ، وذات يوم غاب الهدهد عن الموكب فوصلت الشمس لسيدنا سليمان ، وحين سأل ما هذا ؟ قيل له إن الهدهد غير موجود اليوم .

هنا توعده سليمان بقوله كما جاء في الكتاب : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) وحين جلس جاء الهدهد ، فسأله سليمان ، أين ذهبت يا هدهد ؟ أجاب في معناه (اليوم جئتك بخبر يقين وجدت قوماً تحكمهم إمراة في اليمن في سبأ) ، هنا سأل سليمان بعد دهشة: من يأتيني بهذه المرأة؟ فقام عفريت من الجن ، وقال له أنا سوف آتيك بها قبل أن تقوم من مقامك هذا ، لكن سليمان الذي كان مجلسه يمتد لساعات طويلة رأى أنه لا يستطيع إنتظاره حتى نهاية مجلسه ، فسأل مجدداً من منكم لديه العلم من الكتاب؟ وهنا قام سيدنا آصف وقال لسليمان أنا سوف آتيك بها قبل أن يرتد لك طرفك وقد حصل ذلك .

 

وبعودة للإجابة على سؤالك ، نحن لدينا سلف صالح ولهذا أقول لك أن السر لم يدفن مع الأنبياء والأولياء ، بل ظل باقياً يتوارثه الصالحون من عباد الله ، وهذه الاشياء أسرار ، والأسرار ذاتها جنود مجندة ومن كان مع الله كان الله معه .

 

*على ذكر الجنود ، سأعيد عليك جانباً من السؤال لم تجب عليه ، هل أنت صوفي لديك كرامات كما يقال عن الصوفية ؟

– أنا صوفي وإبن صوفي ومتمكن وشارب من الضرع الصوفي .

 

* لكن بعض الصوفية يقولون إنك تستعين بخدام ، وهذا أيضاً جانب من السؤال السابق لم تجب عليه ؟

– أشكرك على هذا السؤال ولا أنتقدك ولا أنكر هذا الكلام ، وهو صحيح تماماً ، لكن لا بد من التفريق بين السر والخدام لأنهما الإثنان موجودان ، والله قال في ما معناه لا فضل لعبد على عبد إلا بالتقوى ، ولهذا من يساهر الليالي ويقيم الليل ولا ينقطع عن الله ، فالله دون شك سوف يفضله على العبد الثاني ، وسوف يعطيه البصيرة ، ويكشف له من عالم الأسرار المخفي وهذه الأسرار يمكن أن تحدثك بإستمرار ولكن الذين لا يعرفون عن السر شيئاً يخلطون بينه الخدام .

وطبعاً السر والخدام موجودان ، والأسرار ذاتها كثيرة فهناك سر الأسم الأعظم وهذا السر لا يعطيه الله إلا لبعض العباد ، وهو سر كن فيكون وهذا السر له خادم يخدم صاحبه وينبئه بأشياء كثيرة قبل وقوعها فهو ينقل له خبر الشيء قبل وقوعه بـ(48)ساعة (ضحك) .

 

* هذا عينه ما يجعل البعض يصفونك بالمكر ، فهناك من يهمس بقوله (بله الغائب رجل ماكر)؟

– لا، (جرها طويلاً) أنا لست ماكراً ، أعوذ بالله من المكر ، والمكر يا إبني هو من أدخلنا في هذه (الحته) الضيقة التي نحن فيها الآن ، حيث صار أحدنا يبحث عن جالون بنزين ولا يجده ، هذا هو المكر ، أما أنا حريص وحرصي الشديد لأنني أملك أشياء قيمة ملكني لها ربي ولا يمكن أن أفرط فيها بيسر لكن أخاف أن أملكه لحيراني وأصدقائي ، لأن فيه جوانب يمكن أن تضر الإنسان خلال ساعات وهناك جوانب أخرى فيها الخير للجميع .

 

* إذن لديك (نوويك) الخاص ؟

– والله العظيم (كررها ثلاث) ما أملكه لا يمكن أن يأتي النووي في ربعه ، فأنا متمسك بكتاب الله وبالأسرار التي وضعها للعباد مقرونة بالأسرار الخفية .

 

* كل أسرارك على مقاس الحكام ، أنت زول سلطة ليس إلا ؟

– ياخ أنا ابن رجل أغبش ، أشعث ، لو أقسم على الله لأبره ، فوالدي رباني من عرق جبينه بالحلال وهو كان يهرب من الحكام ولعلمك هو من بنى الجامع العتيق في أبو زبد ، ولذلك أنا أحب الناس الغبش وأحب الناس البسطاء والرسول كان يجالس الضعفاء والبسطاء وهو كان يتفقد أصحابه في الليل الأخير وأنا هكذا .

 

* لكن هل تنكر أن لك علاقة جيدة بالرؤساء ، خاصة العسكر منهم ، وكل تنبؤاتك لصالحهم ؟

لا ليس لكل الرؤساء ، أنا الرئيس الصالح بقيف معاه ، ومن كان غير ذلك تجدني ضده بالواضح ، واليوم هناك من يقول إن الشيخ بله الغائب هو صديق الرئيس البشير ولكن يجب أن ينظر الناس إلى أنني والبشير لسنا من قبيلة واحدة ولا من منطقة واحدة ولكن أحببته في الله وأدعو له وأدعو حيراني وأصدقائي أن يشدو من أزره لأن هذا الرجل قدم للوطن ما لم يقدمه غيره .

نعم قد يرى البعض أنه حكم طويلاً ولهذا صار البعض يأتي إلي ويخاطبوني بقولهم (يا شيخ بله الراجل ده ما تخليهو يستقيل ياخ المدة دي طولت) أقول لهم عمر البشير ما كعب وهو رجل نقي وفيه خير للأمة ونحن الآن نسير نحو هذا الخير .

 

* البعض يصفك بالدكتاتور ، لأنك تؤيد الرؤساء العساكر ؟

– أشكرك على سؤالك أنا لا أعرف الدكتاتورية ، وأتمنى أن تزورني في بيتي وتسأل أولادي ، ويا ريت لو سألت عني وسط أصدقائي ومنهم عصام الشيخ أو شيخ السائح ، ولعلمك هذا الأخير رجل مفضال وصالح والله لو عرف الرئيس مكان هذا الرجل لتمسك به بأصابعه العشرة لصالح البلد ، وأكرر أنا ما دكتاتور ، لكن أنا بحب الرجل الذي يخدم الوطن وأنا لعلمك ليس لدي طموح لأن أكون وزيراً ولا مسؤولاً ، فقط أسعى لمصلحة الوطن ومن يقف ضد الوطن أنا مستعد أن اقف ضده .

 

* معروف أنك تكره الأحزاب ، لماذا ؟

– اصدقت القول ، أنا أكره الأحزاب كراهية أصلي بدون وضوء ، ولو سألتني ليه ، أقول لك نحن ما إستقلينا لنا (62) عاماً ، ولو سألت ماذا قدمت تجدها لم تقدم ولا مشروعاً واحداً للشعب السوداني وأنا أوكد وأقول بصريح العبارة هؤلاء لم يقدموا لهذا الشعب شيئاً وكل الخير الموجود الآن قدمه عساكر ولهذا أحب العساكر وأكره الأحزاب بالمرة ، فالأحزاب قائمة على المحسوبية ولو هناك عدالة يجب أن تسأل الأحزاب ، ماذا قدمت للسودان ويجب كذلك على الشعب السوداني أن تكون عينه مفتحة ويقف ضد هذه الأحزاب لأنها ليست لديها غيرة عليه ، ولو نظرنا للعالم من حولنا نجد الصين حكومتها مكونة من (8) وزراء فقط ولكن عندنا هنا يوجد (98) وزيراً كل واحد منهم توجد تحت خدمته ثلاث عربات لاندكروزر قيمة الواحدة (5) مليارات ، والمؤسف أن هؤلاء الوزراء قادمون من أحزاب ما عندها شعبية ، فقط إسم حزب وخلاص ، فالشعب السوداني كله إلتف حول الرئيس عمر البشير .

ولعلمك هؤلاء الأحزاب هم السبب الحقيقي في الأزمة الحالية لأنها عملت على إفتعال أزمة الجازولين والبنزين الأخيرة لأنها تريد إسقاط عمر البشير وهم لا يعلمون أننا كشعب وكصوفية (حبيناه) ومتمسكون به ولن نسمح لأحد بإسقاطه .

 

* إشتهرت بأنك تحب المارشات العسكرية ، ما هو منبع هذا الحب ، هل لأنها غالباً ما يتم بها الإعلان عن إنقلاب عسكري وأنت تكره الأحزاب السياسية طبعا؟

– والله بحبها حب شديد في الله وبرضو بحب النوبة ، ولعلمك مارشات العساكر مأخوذة من النوبة من الجلالة بالتحديد .

 

* ومن هنا صرت متعلقاً بالحكومات العسكرية ؟

– أيوة خاصة ، عمر البشير ، لأنو ما عنده حزب ، الراجل عسكري دغري ، وعشان كدا أنا أحبه ولا يمكن أن أفرط فيه مهما كان ، لأنو لو مشى حيجوا ناس الأحزاب ، وما تنسى أن عمر البشير لما إستلم السلطة أقسم أنه خلال سنه واحدة إذا ما مزق كروت البنزين والسكر وأنهى صفوف العيش فسوف يستقيل وقد أوفى بوعده خلال عام واحد ، والحمد لله .

 

* لكين برضو…؟

(قاطع السؤال وأجاب) ياخ ناس الأحزاب حكموا البلد (40) عاماً ماذا عملوا غير دمروها ونهبوا خيراتها …؟ ياخ البلد في ظل حكمهم كانت خيمة مشلعة تفتقر للمهنية في كل شيء .

حوار: محمد عبد الباقي

الخرطوم (اليوم التالي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى