تحقيقات وتقارير

هل أكشفُ لكم السر الخطير؟

قال الكاتب عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار اليوم الثلاثاء عبر عموده حديث المدينة .

الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي يزورُ جمهورية مصر العربية ويستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي في المطار تجاوزاً لقواعد البروتوكول.. ليس هذا الخبر، فالزيارات على المستوى الملكي والرئاسي الرفيع متبادلة بين البلدين باستمرار، وسبق أن زار الملك سلمان نفسه القاهرة لمدة خمسة أيام كاملة، لكن الخبر في مكان آخر..

اتفق البلدان على تأسيس صندوق استثماري مشترك بقيمة 10 مليارات دولار لتشييد المشروع الذي أعلنه الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر الماضي وأسماه (نيوم) وهو الأكبر من نوعه في العالم.

المشروع الضخم يقع في أراضي ثلاث دول هي السعودية والأردن ومصر، ويطل على البحر الأحمر وتنتهي المرحلة الأولى منه في العام 2025.. مصر تشارك بمساحة ألف كيلومتراً من أراضيها في جنوب سيناء.

هذا الخبر يُقرأ هنا في السودان من خلف نظارة مُعتمة بالأسئلة من شاكلة، كم دفعنا من أرواح شبابنا في اليمن من أجل السعودية؟ وكم كسبنا؟ ليس من الأموال فحسب بل حتى من الاحترام الموجب لمجرد زيارة مجاملة من سمو الأمير ولي العهد أو أي أمير آخر من أدنى السلم، زيارة ولو بلا توقيع عقودات ولا حتى بيان ختامي، بل ولو لم يخرج الأمير من قاعة كبار الزوار بمطار الخرطوم فيعودُ إلى وطنه بعد ربع ساعة من وصوله.

قبل حوالي عامين سألتُ سفير دولة محترمة –جداً- لماذا لا يزور رئيسكم السودان؟ رد علي السفير بسؤال مضاد (يزوركم ليفعل ماذا؟) ثم أكمل الصورة (زيارات الرؤساء ليست مجرد مجاملات اجتماعية أو دبلوماسية، ما هي المشروعات الموجبة لمثل هذه الزيارات).

ولأنَّ مصر دولة مؤسسات تعرف كيف تخطط لمستقبلها فهي تدرك أن لمثل زيارة الأمير محمد بن سلمان لا يُكسر البروتوكول فحسب، بل تُقطع رقبته.. ليس لأي سبب سوى أنَّ مصالح شعب مصر – وليس حكومتها فحسب- تستحقُ ذلك، فالزيارة وحصيلتها كاملة في ميزان حسنات مستقبل شعب مصر..

أما نحن؛ فلو زارنا الأمير محمد بن سلمان فأقصى المراد والطموح أن تخرج (مانشيتات) صحف الخرطوم بالزغاريد من شاكلة (لأول مرة في التاريخ.. ولي العهد السعودي بالخرطوم).. ثم يعقد الجانبان اجتماعاً في قاعة جميلة تحفها كاميرات الإعلام ويخرج البيان الختامي ليؤكد (عمق العلاقات)، ويذكرُ الناس أنَّ السودان كان يكسو الكعبة المشرفة قبل مائة عام.. ثم.. يعودُ الضيف الكبير شاكراً حرارة الاستقبال والوداع.. ليس لدينا مشروعات لنعرضها، ولا مستقبل (مشترك) لنرسم خطوطه معاً.. ولا يحزنون..

السائح الأمريكي الذي زار السودان قبل عدة أشهر وترجمنا هنا ما كتبه، قال إنه عندما زار أهرامات مصر، كان المصريون يتزاحمون حوله كل يريد أن يبيع له شيئاً.. ولما زار أهرامات السودان، أقصى ما كان يفعله السودانيون في المواقع الأثرية، أن يمدوا أيديهم ليصافحوه.. مجاناً!!.

الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى