تحقيقات وتقارير

النائب العام يُطالب بإعدام المتهم ووالد الضحايا ينخرط في البكاء

طَالَبَ النائب العام لجمهورية السودان عمر أحمد بتوقيع عُقوبة الإعدام على المُتّهم باغتصاب أربعة أطفال بينهم ثلاثة أشقاء بأمدرمان نهاية العَام المَاضي، وسَرَد النائب العام تفاصيل مأساوية لحادثة الاغتصاب أمام محكمة الأسرة والطفل بأمدرمان وسط -حسب صحيفة التيار يوم الإثنين، وسط حُضُورٍ حاشدٍ وإجراءات أمنية بالغة الصرامة، واستخدم النائب العام عبارات قوية في خطبة الاتهام الافتتاحية لتوضيح حجم الجريمة التي هزّت المُجتمع.. وانخرط والد الأطفال الضحايا بالبكاء أثناء تلاوة التفاصيل المُحزنة بصوتٍ مُرتفعٍ ما حدا بالقاضي الطرق على المنضدة ليلتزم الحُضُور الصّمت.

وقال النائب العام في أول ظهور أمام المحاكم بعد فصل ديوان العام عن وزارة العدل العام الماضي، إنّ المتهم استغل ثقة الأسرة وبراءة الأطفال وظل يُمارس اغتصاب الأطفال الأربعة بينهن طفلة عمرها عامان لفترة طويلة قاربت الشهرين، وأضاف أنّ أحد الأطفال كان يناديه بـ “عمو”، ومضى ليقول: “لكن لم تحرِّك هذه الكلمة أيِّ مشاعر نبيلة في ضمير هذا المتهم”!! وأنهى النائب العام خطبة الاتهام التي امتدت لأكثر من نصف الساعة: “باسمي ونيابةً عن المُجمتع السوداني، فإنّني وبكل احترام أطالب محكمتكم الموقرة بتوقيع أقصى العقوبات على المتهم حتى تكون عظةً وعبرةً لغيره، كما أن تطبيق عقوبة الإعدام يُحقِّق مَنفعة عامّة”، وتابع:” وهنا نقول إنّ الرحمة على هذا المتهم تمثل عين القسوة على المُجتمع”!!

تقرير: إنعام آدم

أجهزة الإعلام والقنوات الفضائية الداخلية والخارجية والصحافة حرصت على الحضور مبكراً قبل ساعة من موعد انعقاد الجلسة الأولى في محاكمة شاب مُتّهم باغتصاب ثلاثة أطفال بمنطقة أمدرمان.. في المُقابل ضربت الشرطة طوقاً أمنياً في مُحيط المحكمة وأمام القاعة الكُبرى بمحكمة جنايات أمدرمان وَسط التي انتقلت إليها المحكمة خِصيصاً أمس الأحد لاتساع القاعة.

المحكمة تُشدِّد!!

عددٌ كبيرٌ من المُحامين في الجلسة، يتقدّمهم رئيس النيابة العامة بابكر عبد اللطيف حضروا باكراً إلى قاعة المحكمة التي ظلّوا فيها برهةً، ثُمّ خرجوا بعدها لحين حُضور النائب العام عمر أحمد، وسمحت الشرطة بدخول أجهزة الإعلام الى داخل القاعة ريثما يتم توصيلات الأجهزة استعداداً لبدء الجلسة التي سمحت المحكمة بنقل الجلسة بالصوت والصورة، عدا نشر صور لأطراف الدعوى (المتهم، الشاكين، المجني عليهم)، الأمر الذي شدّدت فيه المحكمة وكرّرت تنويهها للصحف بعدم النشر حتى إن كانت صوراً أُخفي ملامحها بغطاء العينين بالإضافة الى منع نشر معلومات تؤثر على سير الدعوى لحساسية البلاغ، ولفتت المحكمة إلى أنّ هناك مُساءلة قانونية في حالة النشر وعدم الالتزام بتوجيهات المحكمة.

حراسة مُشدّدة!!

بعد أن انتظم جميع الحضور داخل القاعة، جلس الكل حسب المكان الذي خُصِّص له وامتلأت على جنباتها حتى ضاقت مساحتها بالحُضُور، بالرغم من أنّ الشرطة جلبت المزيد من المقاعد، إلاّ أنّ البعض حُظي بالجلوس والبعض الآخر ظل وقوفاً حتى نهاية الجلسة التي استغرقت ما يقارب الساعة.. وحينما أشارت عقارب الساعة الى التاسعة وعشرين دقيقة صباحاً، حضر النائب العام مولانا عمر أحمد محمد ويرافقه رئيس النيابة العامة ورئيس هيئة الاتهام بابكر عبد اللطيف علي، وعدد من وكلاء النيابة، وبعد مضي عشر دقائق أُحضر المتهم من الحراسة مُحاطاً بقوة من الشرطة وسط حراسة مُشدّدة وزُجّ به الى داخل قفص الاتهام وكان يرتدي قميصاً باللون السماوي وبنطال جينز ويدلاه مُكبلتان بالأصفاد.. وأسرع أحد أفراد الشرطة إلى فكها بعد أن اطمأنت بإدخاله في القفص وبعدها جلس المتهم وجلس خلفه أفراد من الشرطة وآخرون بالزي المدني.

بدء الجلسة!!

دخل القاضي المُختص بمحكمة الأسرة والطفل بأمدرمان وسط، إبراهيم الطاهر علي في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحاً الموعد المحدد لانعقاد الجلسة إلى القاعة، وعلا صوت الحاجب قوياً قائلاً: “محكمة”، وهَبّ الجميع وقوفاً احتراماً لهيبة المحكمة، وبعدها رحّب القاضي بالنائب العام عمر أحمد محمد، مُشيراً الى أنّ النائب أبت نفسه إلاّ وأن يحضر بنفسه مُطبِّقاً بذلك لنص المادة (139) من قانون الإجراءات الجنائية.

عبارات قوية!!

بدأت إجراءات الجلسة بتسجيل الأطراف، حيث مثل الاتهام رئيس النيابة العامة، الذي أشار إلى أنّ النائب العام حضر بشخصه أصيلاً في الدعوى الجنائية وإنابةً عن المُجتمع، واعتلى النائب العام منصة الاتهام وبعبارات قوية التمس من المحكمة توقيع أقصى العقوبات على المتهم.

بكاءٌ بصوت مرتفع!!

وقبل أن يكمل النائب العام الخطبة شَقّ الصمت القاعة، صوت بكاء ونحيب “علمنا لاحقاً أنه والد الضحايا”، ما اضطر القاضي إلى طرق المنضدة مُوجِّهاً الحضور الالتزام بالصمت، وذلك عقب تسجيل هيئة الاتهام على التوالي رئيس النيابة العامة بابكر عبد اللطيف، رئيس النيابة العامة ياسر أحمد محمد، وكيل النيابة الأعلى بتول الشريف محمد، وكيل النيابة نشوى فضل الله، إضافةً إلى أسماء مُحامين للمشاركة في الدعوى وذلك وفقاً لقرار النائب العام بمنح محامين المشاركة بموجب أحكام المادة (139) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 وهما مهند عبد الله محمد وشذى الأمين أحمد، وتكتمل هيئة الاتهام بحضور المتحري ملازم أول شرطة وضاح عبد الرحمن.

فيما مثل الاتهام عن الحق الخاص عبد العظيم اليسع ومجاهد عثمان عمر بالتضامن مع عثمان العاقب، وهيئة الدفاع ممثلةً في المغيرة سيد أحمد بالتضامن مع آدم التوم محمد. والتمس رئيس هيئة الاتهام من المحكمة تقديم خطبة الاتهام كما جرت عليها العادة في ترتيب الإجراءات.

تفاصيل الخطبة!!

وبدأت خطبة الاتهام بآياتٍ من الذكر الحكيم التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر، كَمَا أكّدت الخطبة أنّ هَــــــمّ النيابة العَامّة ممثلةً في نيابة الأسرة والطفل هو تَطبيق العدالة بكل عنايةٍ واستصحاب لكل المبادئ التي يجب أن تُراعى عند تطبيق قانون الإجراءات الجنائية الذي جاء متفقاً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خَاصّةً بعد أن أصبحت النيابة العامة سُلطة مُستقلة وبمُوجبه التحول الذي حدث في البلاد أصبح هَـــمّ النيابة وضع سياسات جنائية وتدابير مُتفرِّدة ذات أثر في تفعيل سياسة عدم الإفلات من العقاب.

ثقة الأُسر!!

وأشارت الخطبة الى أن وقائع الدعوى تُشير الى أنّ ثقة الأسر هيّأت للجاني ارتكاب الجريمة البشعة في حق الطفولة وذلك من خلال إرسال الأُسر لأطفالها الى أمثال المتهم دون توقع منها لما يحدث لأطفالهم من مخاطر وأضرار جسيمة، حيث ينشط ضعفاء النفوس والشواذ في تحريك غرائزهم الشيطانية وتفريغ شهواتهم في الأطفال الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة، ولا يملكون نضجاً عقلياً ولا جسدياً لأجل الدفاع عن أنفسهم أو المُمانعة أو إبلاغ أُسرهم.

وأكدت الخطبة انّ الفعل الذي قام به المتهم تجاه الأطفال وفقاً لما ورد في الوقائع يُعد سلوكاً شاذاً لا يمت للإنسانية بصلة، كما أنّ الشيطان كان حاضراً فأعماه وغيّب ضميره، بل تناسى المتهم أن كل طفل يحضر إليه تحفه الملائكة ويأتي حاملاً براءة طُفُولته على كفيه، بل ينطق بعبارات مُحبّبة للجميع، كأنّما يقول له أنا أمانة بين يديك حتى أعود لأسرتي، وقد كان الطفل الضحية ينادي المتهم بـ “عمو” ولكن لم تُحرِّك هذه الكلمة أيِّ مشاعر نبيلة في ضمير المتهم!! ولم يتدارك المتهم أنّ أفعاله المُخالفة للقانون تترتّب عليها آثارٌ نفسيّةٌ واجتماعيّةٌ على المديين القريب والبعيد، بل المتهم واصل في الفعل وجعلها عادةً يستلذ بها حسب ما ورد في وقائع الدعوى، حيث مارس المتهم الجنس بشكلٍ مُتكاملٍ مع الطفل الضحية لعددٍ من المرات قاربت الشهرين.

(4) دعاوى!!

ونوّهت الخطبة الى أن هذه الدعوى واحدة من (4) دعاوى جنائية جميعها قُيِّدت في مُواجهة المتهم وجميعها تمثل وقائع مشابهة لأطفال ضحايا آخرين من ذات الأسرة، تنوّعوا الضحايا من حيث الجنس والعُمر بينهم طفلة لا يتعدى عمرها العامين واجهت نفس مصير شقيقها الأكبر، ولفتت الخطبة الى أن المتهم لم يمنعه التنوع والاختلاف في الضحايا سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً في إشباع غريزته الجنسية، ولذلك فإنه قد عظمت جرائمه وتلوّن مكره!! وما قام به يمثل انتصاراً للرذيلة وانتهاكاً سافراً للحُرُمات، تجاهلاً لأشد العقاب الذي توعّد به المولى عز وجل في الدنيا والآخرة.

المُطالبة بالإعدام!!

وطالبت الخطبة بإعدام المتهم، حيث لا تشفع عقوبة بديلة لها وذلك حسب ما أشارت إليه وقائع الدعوى في إصرار المتهم على انتهاك براءة الطفولة، ودعت الخطبة الى عدم عودة المتهم للمجتمع مرةً أخرى، وذلك بعد أن أهان الطفولة ودمّر آمال الأسرة في مُستقبل أطفالها!! ولفتت الخطبة الى نزاهة القضاء السوداني وذلك من خلال أحكامه الرادعة لبتر أمثال هؤلاء المتهم من جسد المجتمع المعافى..!

كما أشارت الخطبة الى أنّ التحريات بيّنت بأن المتهم لا يملك أيِّ قوة للتحكم في تصرفاته الغريزية، كما لا يستوعب ويدرك بأنه خطرٌ على المجتمع..!

وقائع القضية!!

لفتت الخطبة الى أن المتهم هُيأت له الضمانات القانونية كَافّة للدفاع عن نفسه، وأنّ المتهم يُواجه اتهاماً تحت المادة (45 ب) من قانون الطفل لسنة 2010 وذلك من خلال توجيه التهمة تحت المادة (56) من قانون الإجراءات الجنائية، حيث تمّت صياغة قرار توجيه التهمة بإحكام حتى يتسنى للمتهم استيعاب الاتهام المنسوب إليه.

ونوّهت الخطبة الى أنّ الاتهام قد عزّز توجيه التهمة ببيِّنات تمثلت في بيّنة المُستندات، أقوال الشهود، أقوال الطفل الضحية، والتي جاءت مُطابقةً للواقع في كل تفاصيلها، إضافةً الى القرائن المُترابطة.

المواثيق الدولية!!

وأشارت الخطبة الى أنّ حُقُوق الطفل في البلاد فوق كل اعتبار واهتمام الإسلام بالطفل والدستور الذي شمل على آيات محكمات تُوضِّح حُقُوق الطفل في عناية، إضافةً الى التزام الدولة بتطبيق الصكوك الدولية والإقليمية وأبرزها قانون الطفل لسنة 2010م.
الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى