تحقيقات وتقارير

أسماء جمعة تكشف عن أدلَّةُ الفساد

حين يعاني شعب دولة ما تملك كل الموارد المادية والخبرات من كثرة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فهذا يثبتُ أنَّ الدولة قد ابتعدتْ عن سبيل الرشاد تماماً، وحين يصرخ المواطنون -حسب صحيفة التيار عمود صحفي – من هذه المشاكل فهذا يعني أنَّها قد غرقتْ في الفساد، وليس هناك مقياس ولا دليل يؤكد أنَّ الحكومة تقود الدولة في طريق الفساد أكثر من شكوى مواطنيها فهو الإنذار الصادق والدقيق. أما حين تنكر الحكومة وجود الفساد وينبري مسؤولوها للتبرير والدفاع وتكذيبب المواطنين فهذا يعني، أنَّها وصلتْ الحد الأخير الذي سيأتي بعده الطوفان.

كثير من المسؤولين في الحكومة السودانية نكروا أنَّ هناك فساداً وطالبوا المواطنين بتقديم ما يثبتُ رغم كثرة المشاكل والآثار المترتبة منه، ورغم أنَّ جهاتٍ علمية عالمية صنفتْ الحكومة واحدة من أفسد عشر حكومات في العالم وفق مؤشرات علمية واضحة، بل وصنفت السودان بسبب (عمايلها) واحداً من أكثر الدول هشاشة في العالم وشعبه الأكثر تعاسة، رغم كل هذا ينكرون.

قبل أيام قال مدير الإدارة السياسية والتخطيط بوزارة المالية ويدعى مكي محمد عبد الرحيم، إنَّ على المتحدثين عن الفساد أن يبرزوا الأدلة التي تثبت أنَّ هناك فساداً ارتكبته الحكومة، وقال إنَّ الحديث عن الفساد كلام أهالي أي أنه شكوى من المواطنين غير مبررة، ودليله على ذلك أنَّ البنك الدولي يعتبر السودان خارج دائرة الفقر، لأنَّ دخل الفرد فيه يساوي 1600 دولار في العام، أي 56 ألف جنيه، ولا أعتقد أنَّ هذا المبلغ يلبي حاجة أسرة مهما كانت صغيرة لمدة عام، ولكن هذا يصرفه أقل وزير من وزراء الترضيات والمجاملات (قاعد ساكت) في شهر واحد فقط، ولا أشك أنَّ السيد مكي واحد منهم، وهو بحديثه هذا يدين نفسه ويعترف، فالكذب والدفاع عن الحكومة بالباطل وتجميل الحقائق يعتبر فساداً، ورغم ذلك نوجهه بأن يذهب إلى المراجع العام فلديه كمية من المستندات التي تثبت كل عام، أنَّ كل وزارات الدولة بلا استثناء فسدت بما فيها المالية. وحديث المراجع العام هو اتهام رسمي للقائمين على أمر الوزارات بالفساد، فلم يخرج أحد منهم يبرىء نفسه وهذا يعني أنَّهم راضون بالتهمة لأنَّهم واثقون أنَّهم لن يحاسبوا، وعليه لا يهمهم ما يقوله المواطنون. بالأمس فقط نشرت الصحف تقريراً للمراجع العام عن ما سماها تجاوزات في الإمدادات الطبية، وكلمة تجاوزات هي اسم آخر للفساد وقد برع المراجع العام في وصف الفساد بمسميات مختلفة منها تجاوزاً اعتداء على المال العام أو إهدار له وغيرها، وحتى تقاريره هي مجرد واجب سنوي روتيني لا تغير شيئاً. فقد قال وزير المالية السابق إنَّ تقرير المراجع ليس للإدانة، (يعني أفسدوا وأنتم مطمئنون). الحكومات الرشيدة دائماً تعترفُ بوجود الفساد حتى وإن لم يوجد، لأنَّها إن أنكرت لن تكون قادرة على حماية الحق العام ووضع منهج للرشاد والنزاهة، ولن يكون لديها وسائل وقوانين فاعلة تؤدي هذا الغرض. ولم تفشلْ بعض الدول في محاربة الفساد ومنها السودان، إلاَّ لأنَّها ظلت تنكر أو تبرر أو تكذب أو تتحايل بمحاربته، بوسائل لتؤدي لفساد آخر وحكومة السودان خير نموذج.

أعتقد أنَّ الحكومة بكل أطرافها لم تعدْ قادرة على محاربة الفساد وهي بحاجة إلى من ينقذها، وعليها أن تطلب المساعدة وتنصاع للتغيير بروح رياضية، وتدفع الثمن راضية قبل أن يعاقبها الله بما هو أسوأ، فهو يمهل ولا يهمل أبداً، و(السعيد بشوف في أخو والشقي بكابر)
الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى