تحقيقات وتقارير

الكاتب عثمان ميرغني يكشف ..آهة فتاة صغيرة.. و سر قصة حرق الكيزان !!

يقول الكاتب الصحفي عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار في عموده المقروء حديث المدينة الأحد 4 فبراير ،أن فتاةٌ شابة يافعة كانت تجلس في “كاونتر” السيوبر ماركت خلف شاشة آلة النقود، وهي تحاسب الزبائن المنتظرين أمامها.. وتابع قائلاً : كنتُ أحمل في يدي زجاجة بها سلعة غذائية.. الفتاة مررتها على الماسحة الضوئية فظهر السعر –الجديد- على الشاشة.. زيادة مهولة، قفزة كبيرة من السعر الذي اشتريتُ به أمس نفس هذه الزجاجة.. قلتُ لها مندهشاً (معقول.. دا كلو في يوم واحد).. تصوروا ماذا كان رد فعل الفتاة؟.

تركت آلة النقود والشاشة التي أمامها والتفتتْ نحوي بكامل وجهها وهي ترفع يديها الإثنتين إلى أعلى قائلة بصوت مرتفع (قول معاي يا أستاذ.. الله يحرق الكيزان)!!..

قال عثمان مندهشاً ..قبل أن أفيق من دهشتي، وجدتُ بقية الزبائن من حولي وكأنَّهم خلف الإمام في صلاة الجماعة، يرددون معها (الله يحرق الكيزان)!!

هذه الفتاة الصغيرة بكل يقين ليستْ ناشطة سياسية، بل وربما لا تعرف حتى أسماء التيارات الحزبية، وبالطبع ليست (محللة سياسية) تتابع وتقرأ الأخبار لتستنبط التحليل والرأي المدبج بالحجج.. ويتابع الكاتب لكنَّها مع ذلك اختصرتْ مرافعة طويلة متماسكة لتؤكد نفس ما ظللنا نكتبه هنا لسنوات.. أنَّ الأزمة ليست اقتصادية بل سياسية بامتياز.. وأضافتْ إليها البعد الفكري..

ويقيني أنَّ ملايين من السودانيين يشاركونها ذات الرأي والموقف، ويرون أنَّ وراء كل قرش يزيد في سعر سلعة.. فكر معتل يقود لممارسة سياسية فاشلة.. أزمة فكر وسياسة قبل أن تكون أزمة اقتصاد وكياسة..

ويتحدث صاحب عمود حديث المدينة بحرقة شديدة قائلاً : والحال كذلك، السؤال المُر يزداد مرارة، إن كانت فتاة بسيطة أمسكتْ بأصل المشكلة وجوهرها فما بال الساسة وأهل الاقتصاد يضيعون وقتهم في التجريب المرتع بالفشل.. يصرون على أنَّها أزمة ميزان تجاري و”جشع التجار”، وتلك المفردات التي سئم الناس تكرارها.. (طبعاً بعد زوال العذر القديم، حكاية الحصار الاقتصادي الأمريكي)..

أصل المشكلة في “السياسة”، وقبلها في الفكر الذي أنجب مثل هذه الممارسة التي لم تعد في حاجة لبرهان على خطلها، فالنتيجة النهائية معلقة في “البورد” تلفها دائرة حمراء كبيرة..

وإصلاح الحال لا يمكن أن يأتي بعملية (Un do) فالأخطاء والسياسات الفاشلة المتراكمة تتطلب نظرة بصيرة وفكرة أكبر من الحلول التقليدية المجربة مراراً.. خارطة طريق تبدأ بالإقرار بالمشكلة وأصلها، ثم وضع الحلول الصريحة السافرة التي تخاطب المشكلة السياسية وليس ظلالها وأعراضها.. ولحسن الحظ فإنَّ الحل معلوم وسهل لكنه في حاجة لإرادة مؤمنة به..

بكل أسف.. نحن نغرق في شبر ماء..

الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى