ولقد سئمنا الفساد

حكمة مصرية قديمة ومعروفة وملخصها هو أنه عندما يتحول الشعب إلى السخرية من كل أمر في حياته،، بينما الأمر في حد ذاته يتطلب الجدية والحرص في الفهم والتعامل الجاد إلى مجرد إخراج (نكات) وتحويله إلى مسخرة وسخرية ، فهذا دليل كافٍ بأن الشعب قد وصل آخر محطات الجوع والمسكنة ).

. وحاليا انعكست هذه الحكمة على السودان ، فأصبح كل شيء فيه تخرج معه “نكتة” ، تارة بايخة وثقيلة دم ، وتارة تضحكك لدرجة ان تفيض منك الدموع من الحسرة والتأسف على حال هذا الشعب الصابر على ما يفعله فيه البعض. وبالفعل ، فشر البلية ما يضحك ولذلك سئمنا حتى سماع نكات الفساد .

كشفت الايام السابقة عبر حادثة الشركة الصينية التي اختفت ، وعبر اتهام النمل بسرقة 450 شوال سكر ، عن مستوى الفوضى في إدارة الشأن العام ، وان بعض القائمين على حال البلاد في بعض المفاصل هم لا علاقة لهم بالمفهوم الإداري من قريب ولا من بعيد ، خاصة تلك الجهة التي نفت نفيا قاطعا ان يكون لها علم بعقود واتفاقيات تلك الشركة مع البلاد .

وما فتحنا اعيننا على شيء فيه امر إلا وجدناه معوجا ، ونجد من يحاول ان يقنعنا بمقدرته أنيجعل المربع الهندسي دائرة هندسيا بمعنى أن يحور( ال(To rotate the square shape into a circle او كما قالو البروف محمد عبد الله الريح : هنالك من يحاول دوما ان يفهمنا بان امكانية تدوير المربع هندسيا ليكون دائرة مع شرط محافظته على شكل المربع هندسيا مع المحافظة على اربعة زواية في زاوية منه ( 90 درجة ) هي عملية هندسيا ممكنة فهل يوجد في الكون دائرة لها اربع زاويا ،، ( فهل يعقل ذلك ؟ ؟ ) ،، وعني اقول :- والله لو تجيب “اينشتاين” لن يتمكن من ان يفعلها ، لكن بعض الاشخاص في بعض المواقع والذين ابتلانا الله بعقولهم الفاسدة وأكاذيبهم المرجفة لهم اصرار أن يقنعوا الناس بذلك وهيهات ،، هيهات ،، هيهات لهم ذلك .

تحدثت عبر مكالمة طويلة جدا ( ساعة وما يزيد ) جمعتني مع صديقي العالم المتفرد في مجاله العلمي البروف ( محمد عبد الله الريح ) حتى أفهم منه سلوكيات ( نوعية (النمل السارق للسكر) ، فحدثني بأمور كثيرة عن طبيعة حياة النمل ، واثبت لي من ناحية علمية بان نمل السكر لا يخزن السكر في داخل بيوته لان السكر مادة جاذبة للرطوبة وتفسد بيوت النمل إذا دخلت اليه ماء ، بالتالي النمل عموما (لا يخزن السكر) . كما أن السكر هو السكروز وصيغته ( CH24 ) من اصعب المواد هضما على النمل ويحتاج ان يحولها الي مركبات بسيطة مثل الجلكوز ( CH6 ) وهذه العملية الهضمية تاخذ زمنا وكمية كبيرة من المواد والانزيمات والافرازات الاخرى التي يفرزها النمل ليغير من تركيبه السكر ليكن مقبولا ويستهلكه.

اذا لو سرق النمل هذه الكمية من السكر يجب ان تكون في العراء ( مكومة ) ولن تكون في جحور النمل كما يظن البعض والإثبات العلمي مع البروف محمد عبد الله الريح او كما قال ،،وهو اكبر عالم و صاحب خبرة عالمية عن سلوكيات الحشرات في البلاد .

اما من يقول – حسب رأي جلال الدين محمد ابراهيم بصحيفة التيار كاتب عمود الصفر البارد – انه لا علم له عن وجود تلك الشركة الصينية في شرق البلاد ، فهو بالتالي بمجرد ان يقول عبارة ( لا علم لي بها ) فهي دليل بانه غير مؤهل ان يكون إداريا للشأن العام ، فكيف يدير شخص ما لم يحط به خبرا وكيف يكون مسؤولا عن امر هو لا يعلم عنه شيئا ولم يتفحصه عند استلامه المسؤولية ،هذا اعتراف في حد ذاته يعتبر عدم كفاءة وحجة عليه وليست له .

فحديث من يقول مثل الحديث اعلاه يذكرني بالمناظرة بين عالم من اهل السنة والجماعة ومجموعة من علماء ( المذهب الشيعي) حيث اتفقوا ان ياتي عالم السنة للمناظرة في مسجد أهل المذهب الشيعي فحضر، ولكنه خلع نعليه وربطها حول عنقه ،، فضحك منه أهل المذهب الشيعي فقالوا له لماذا تربط النعال على عنقك وانت تدخل الي المسجد ، فقال لهم على عهد رسول الله كان هنالك مسجد للشيعة تسرق منه الاحذية ،فخفت ان تسرق نعالي ، ولذلك ربطتها حول عنقي خوف من السارقين ،، فضحك علماء المذهب الشيعي وقالوا له ، ، يا رجل اتقِ الله ..على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن في الأصل هنالك مذهب للشيعة ،، فقال لهم :- اذا انتهت المناظرة فكيف تريدون مني أن أناظر أو أتبع مذهبا لم يكون له وجود على عهد رسول الله فهو بدعة وضلال ، فخرج من المسجد من قبل أن يجلس وتركهم في دهشة على جهلهم .

الخرطوم(كوش نيوز)