حوارات

القيادي قطبي المهدي ” الرئيس البشير قد يكوِّن حزباً جديداً ويترك الوطني كليًّا”

حتى تكتمل صورة القرارات الأخيرة التي أطلقها رئيس الجمهورية بإعلان الطواري وحل الحكومة واستبدالها بحكومة عسكرية مما وصف بالانقلاب الأبيض ثم أتبعه بأوامر طواريء، كل تلك الأحداث حركت الواقع السياسي الداخلي بل تفاعل معها التعاطي الخارجي الذي ظل يترقب ما تؤول إليه الأحداث بالسودان ،ولأن القرارات كانت على خلفية ثورة الاحتجاجات التي امتدت إلى ثلاثة أشهر إلى جانب استمرار الأزمة الاقتصادية بالإضافة إلى الحراك السياسي المعارض للوضع الذي يريد أن يقفز على ظهر تلك الأحداث. من أجل كل ذلك كان لابد من قراءة متأنية للواقع السياسي من وجهة نظر مستقلة تعبر عن قناعات قريبة للأحداث ولمواقع صناعة القرار وتعبر عن قناعات لدى الكثير من المراقبين والقيادات السياسية. (الصيحة) جلست إلى القيادي، د.قطبي المهدي، الذي ظل مراقباً للأحداث من على البُعد ليقدم شرحاً للمآلات الراهنة وقراءة لما هو كامن طي مستقبل أصبح مشارفاً.. فلنتابع ما قال.

بدءاً كيف تقرأ سيناريوهات الأحداث الأخيرة ؟

التطورات الأخيرة كانت رد فعل لكل الأحداث التي سبقتها فيما يتعلق بالحكومة. و لحظت في خطاب الرئيس أنه تحدث عن حكومة كفاءات وهذا كان مطلباً لابد منه لأن الوضع السياسي والاقتصادي وصل مرحلة لا تحتمل إلا بتغيير الحكومة تغييراً شاملاً حتى تدخل في مرحلة جديدة وتخرج من هذه المرحلة بأي طريقة، من هنا كان حل الحكومة.

ولكن هذا غير واضح في الحكومة المركزية؟

نعم صحيح، هذا فيما يتعلق بالحكومة المركزية، ولكن أعتقد حتى الآن الحديث عن حكومة كفاءات غير واضح للجميع بصورة كافية، لأن كل العناصر التي استبقاها تشكل نصف الحكومة، وفي الحقائب الرئيسية بقيت نفس العناصر التي كانت موجودة وبالتالي لم نتلمس شيئاً جديداً في هذه الكفاءات. ولم نشهد وجود عناصر جديدة مختلفة تماماً من العناصر السياسية التي ظلت منذ الاستقلال تحكم في البلد حتى اليوم. ولكن يجب أن ننتظر بعض الشيء خاصة فيما يتعلق بالوظائف العليا.

ألا تعتقد أن علاقة الرئيس بالوطني بها بعض الضبابية كما يراها البعض؟

الرئيس قال في خطابه إنه سيكون على مسافة واحدة من الأحزاب وهو في هذا أشار إلى بعده عن المؤتمر الوطني، ولكن أستطيع أن أقول لك إن الرئيس لم يعد مقتنعاً بالوطني، وكنت أتوقع منه أن يحدث تغييراً جذرياً في المؤتمر الوطني فيما يتعلق بقياداته وهياكله وحتى في خطابه ولكن يبدو أن الرئيس سوف يذهب إلى أبعد من ذلك ..

مقاطعاً : إلى أين يذهب أبعد من ذلك؟

في تقديري قد يترك المؤتمر الوطني كلياً وليس الرئاسة فقط وينحو نحو تكوين تنظيم شعبي جديد بهياكل وكوادر وخطاب جديد وقد يكون ..

هل معني هذا أن هناك مفاصلة ؟

نعم هو لن يخرج تماماً عن مبادي ثورة الإنقاذ ولكن الخطاب في مفرداته وصياغته مختلف لأنه لابد من أن يدخل المرحلة الجديدة هذه بخطاب جديد وتنظيم جديد.

في رأيك هل هذه الخطوة بدت في ظاهرها بتعيين ابن عوف نائباً أول للرئيس؟

(أيوة) وهو تماماً كما وصفه أمين حسن عمر هو انقلاب ولكن ليس ضد الشرعية؛ انقلاب داخل الشرعية يعني هو لم ينقلب على نفسه .

هل التوصيف الذي ذكرته مستحسن في الأنظمة السياسية؟

(نعم) لأنه أنت أحياناً حتى تطور الوضع تضطر إلى مثل هذا الإجراء أولاً لأنه يحقق ثبات النظام ولا يهتز النظام ويؤكد استمراريته. ولكن في نفس الوقت تعمل تغييرات أساسية جداً، وهذا غير ممكن أن يكون إلا بانقلاب ،لأن تغيير مراكز القوى وتغيير أركان النظام وكثيراً من التوجهات إذا أردت أن تعملها بطريقة أخرى تصطدم بمراكز قوىً كثيرة لا تسمح لك، وهو واحد من أسباب فشل معتز موسي في رئاسة الوزراء لأنه جاء بأفكار جديدة ولكنه اصطدم بمراكز قوى.

هذا بالضرورة يقود الرئيس لاستشارة الوطني فيما يتعلق بتلك التغييرات أو ما يسمى بالانقلاب الأبيض؟

لا أبداً، لأن الرئيس يحمّل المؤتمر الوطني معظم الفشل في الفترة الماضية و الثقة أصبحت شبه منعدمة إلى حد كبير ومع جزء كبير من الناس، وبالتالي ما كان مضطراً لكي يستشيرهم في أي حاجة لأن ما حدث كان انقلاباً عليهم وواضح أنه لم يستشرهم.

هل عدم قناعته كما قلت تمثلت في تعيين نائب أول له ورئيس الوزراء؟

أولاً لجأ إلى المؤسسة العسكرية لتعيين الولاة وعلى مستوى رئاسة الجمهورية من المؤسسة العسكرية ولكن المشكلة في أيلا لأنه أصلاً لديه رؤية تجاه المؤتمر الوطني في الولاية التي كان حاكمها أدت إلى مواجهة استدعت إعلان حالة الطواري وإلغاء المجلس التشريعي بالتالي مجيء أيلا مؤشر للعلاقة بين الرئيس والوطني.

إلى أي مدىً يمكن للمؤتمر الوطني مواجهة الواقع السياسي ؟

(شوف) طبعاً هنالك بعض قيادات المؤتمر الوطني متوقع (تمشي) مع الرئيس وتشكل معه الحزب الجديد، لكن هناك جزء قد يحبط تماماً لأن العلاقة بين المؤتمر الوطني كحزب حاكم والسلطة التنفيذية كانت علاقة أساسية وقوية جداً وبالتالي جزء كبير من القيادات فوجئوا بالوضع الجديد سيكونون في حالة شلل تام …

ليس هناك جناح آخر؛ في رأيك؟

أبداً هناك جزء آخر يمكن تسميتهم بالملتزمين وهؤلاء يمكنهم أن يستمروا ولكن فرصهم قليلة جداً لأن شعبية الرئيس كبيرة والبعض لحد كبير استمدوا شعبيتهم من شعبية الرئيس بالتالي سيكونون في وضع لا يحسدون عليه.

كثير من عضوية الوطني يراهنون على بقاء الرئيس وهو كذلك لم يقل ذلك على نقيض ما قلت؟

صحيح لم يقل ذلك وإن كان صلاح قوش حاول تسريب بعض المعلومات بذلك ،ولكن هذه تقديراتي الخاصة ،وسوف تثبت الأيام ما إذا كانت صحيحة أو غير ذلك ولكن الآن وإلى أن يقوم الحزب الجديد الرئيس ستبقى أمامه مهمة تفكيك المؤتمر الوطني نفسه.

هل الحديث عن مجيء أحمد هرون مقدمة لما قلت؟

مؤكد ذلك لأن أحمد هارون من القيادات التي لا يمكن للرئيس أن يضحي بها ويضعها في حزب كالمؤتمر الوطني ولابد أنه جاء به لمهمة محددة. ولذلك عملية إحلال الحزب الجديد محل الحزب القديم عملية معقدة وصعبة وتحتاج إلى وقت وتحتاج إلى ترتيبات معينة وأتصور أنه في الفترة الحالية لن يعلن تركه للمؤتمر الوطني ..

مقاطعة: هل يمكننا القول بأن المسافة الواحدة مع الأحزاب هي بداية ترك الوطني؟

,نعم مثلما ذكر، سيكون على مسافة واحدة بينه وبقية الأحزاب ففي إصدار أي قرار كما حدث الآن لن يكون مضطراً لاستشارة الحزب.

كيف تقرأ إعلان الطواري؟

أعتقد الطواري يجب أن تقرأ قراءة شاملة لأن الناس سمعت في الفضائيات والقنوات التركيز كله كان على القانون رقم (2) الذي تحدث عن الحريات أو الاحتجاجات والتخريب ولكن هي خمسة أوامر متعلقة بالطواري رقم واحد وأربعة وخمسة منها تتعلق بالفساد المالي والإداري والاجتماعي والنظام العام كلها أشياء إيجابية جداً. ولأنه كان مطلوباً من الرئيس إذا كان حريصاً على الإصلاح أن يتخذ خطوات جريئة جداً في ما يتعلق بالفساد وضبط النظام العام, وهذه بالقطع القوانين الثلاثة كانت استجابة واضحة لها وتصبح موضوع الحياة العامة ، فالمطلوب ضمان الحريات العامة والمحافظة على النظام وهذه إشارة جاءت في الطوارئ ولكنها ضعيفة مثل منع المظاهرات والندوات العامة إلا بترخيص من السلطة.

مقاطعة..هل تعتقد أنه بالإمكان تحقيق سلامة التطبيق؟

دوما مشكلة القوانين والتشريعات تبدأ في ظاهرها جميلة جداً ومقبولة ولكن في التطبيق الأمر يصبح شيئاً آخر. و أنت لو قرأت الدستور الأمريكي تجده جميلاً جداً لأن الأمريكان يريدون أن يعملوا جنة الله في الأرض، ولكن هناك ممارسات قام بها ضباط في ظل القانون مارسوا كل أنواع التضييق والتعذيب والتنكيل وانتهاك الحقوق المدنية والإنسانية بالتالي الطواريء رهينة بالتطبيق. ولكن في ما يتعلق بالحديث في أن منع إغلاق الشوارع والتخريب والفوضى كلام جميل ولكن العبرة في التطبيق.

البعض يرى أن إعلان القرارات الأخيرة تُضاعف من سقوفات المتظاهرين؟

(شوف المتظاهرين عندهم حاجتين) الأولى تعبيرهم عن رفضهم للوضع الآن و الأوضاع المعيشية وهذه الرسالة وصلت باعتبار أن الجميع يعاني ، ومن خرجوا بسبب ذلك لأن ذلك الوضع غير مقبول حتى لو نظرت إلى الطواريء تحس أن كثيراً منها استجابة لهذا مثلاً ما ورد عن مداهمة بعض المخازن وإخراج كميات مهولة من الأموال المخزنة، الأمر الثاني هناك من خرجوا يعتقدون أن النظام مسؤول عن الوضع كله والسياسيون ينادون بذلك ولكن لابد أن يكون لديهم برامج حتى يسعوا إلى السلطة كي ينفذوا برامجهم.

مقاطعاً: كأنما تشير بالقول إلى تجمع المهنيين؟

كلهم من تجمع المهنيين أو الحزب الفلاني أو العلاني أي حزب لديه برامجه يسعى إلى الوصول إلى السلطة ,ولكن كيف ذلك؟ إذا كان بالوسائل الدستورية بالتالي هو عمل مشروع أما إذا كان بوسائل خارجة عن الدستور بالانقلابات أو الفوضى يصبح عملاً يعرضك لأحكام الطواري، وأعتقد أن هذا الأمر يجب أن يكون واضحاً، هل إذا أردت تغيير النظام بالطرق الدستورية هل من حقي أم لا ؟ وأما إذا أردت أن أعمل فوضى وأغلق المرافق العامة وأسقط النظام بالقوة، بالتالي هذا الموضوع يكون واضحاً في ظل وجود قانون للطواريء.

حوار : صلاح مختار

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



تعليق واحد

  1. كلام الامنى قطبي كلهم تناقض وتهافت لكنه يظهر حقيقة ان الرئيس فقد ثقته فى المؤتمر اللاوطنى ٠ هكذا سلوك ارباب الإسلام السياسي ٠٠٠٠

زر الذهاب إلى الأعلى