تحقيقات وتقارير

البحث العلمي.. الميزانية صفر!!

رسم أكاديميون وباحثون صورة قاتمة لأوضاع البحث العلمي ومراكز البحوث في السودان، منبهين إلى أن نهضة البلاد لا تتم إلا بدعم جهود البحث العلمي، وتحدثوا بمرارة عن إهمال الدولة للباحثين ومؤسسات البحث العلمي وأن نسبة الصرف على البحث العلمي في موازنة العام الحالي لا تتعدى 0.4% فقط مقارنة بـ 14.1% للأمن والدفاع.

تقرير: ثناء عابدين

التأم علماء وباحثون في مؤتمر (مراكز البحوث في السودان مقومات التطوير ومعوقات التأثير) والذي نظمه مركز دراسات السلام بجامعة أم درمان الإسلامية، وقدمت خلال المؤتمر العديد من الأوراق التي تناولت القضية ووضعت الحلول لها .
مدير جامعة أم درمان الإسلامية د.حسن عباس حسن أكد أن المعرفة هي التي تحول الموارد الطبيعية إلى ميزة تنافسية بفضل الكوادر المتطورة حتى تفضي إلى واقع مستقر وآمن وليس العكس، مشيراً إلى أن ما تقدمه وزارة التعليم العالي من مبالغ مالية للبحث العلمي ضعيفة، مطالباً بتحسين وضع الأساتذة بالجامعات بعد أن تركوا مهام البحث وتفرغوا للتدريس لتوفير لقمة العيش الكريمة.
في بداية حديثه أشار بروف صلاح الدين الدومة ـ أستاذ الاقتصاد بجامعة أم درمان الإسلامية ـ حسب آخر لحظة يوم السبت -إلى أن المركز البحثي عبارة عن مؤسسة متخصصة للقيام بالأبحاث والدراسات في مجالات معينة أو حول العديد من القضايا المتنوعة، بهدف نشر الثقافة والمعرفة وخدمة الأطراف الرسمية أو غير الرسمية وتقديم مقترحات حلول لمشاكل محددة .
وطرح الدومة تساؤلاً يتمركز حول تأثير مراكز الأبحاث على صناع القرار، وكانت الإجابة أن تكمل المؤسسات القائمة دورها وتملأ الفجوة بين الحكومة والجامعات بتنظيم المؤتمرات والندوات حتى تتاح الفرص لصانعي القرار لتدارس القضايا الأمنية مع خبراء آخرين في بيئة غير رسمية، مما يعزز مدى التفاهم بين الطرفين .
وقال في ورقته التي أتت تحت عنوان (دور بيئة العمل في تقويم عمل مراكز البحوث في السودان)، تهدف إلى تسليط الضوء على الفائدة المرجوة من هذه المراكز، ثورة التقدم العلمي تزيد الوعي والإدراك بدورها، ومن ثم يجب على الدولة الاهتمام بها، وأهمية تصنيف مراكز البحوث إلى صنفين وفق الدراسات التي تقوم بها ووفقاً للتبعية .
وفي ختام الورقة أكد أن المشكلات التي تواجه البحث العلمي، ضعف اهتمام الدولة بها وغياب سياسات موجهة ورشيدة داعمة له لخدمة المجتمع وقضاياه وأهدافه، مشيراً إلى تدني المخصصات المالية المرصودة للبحث العلمي، إضافة إلى غياب الحرية الأكاديمية بمفوهمها البسسيط دون تأثير من الخارج، أيضاً استعداد الباحث للانحياز للحقيقة دون غيرها ودرجة حرصه على إبلاغ رسالته مهما كان الثمن، وركز الدومة على أن اللغة غائبة في البحث العلمي مع عدم الحرية في مصادر التمويل والاستغلالية في تعيين إدارات مباشرة.
وأكد أن ارتباطها بالدولة يضر بها، والتمويل من خارج الدولة لا يخلو من أجندة تتعارض مع المصالح الوطنية .
وكشف أستاذ كمال الدين محمد عثمان مركز دراسات الشرق الأوسط خلال طرحه ورقته بعنوان (مراكز البحوث في السودان الواقع والمعوقات)، أن عدد الباحثين في مراكز البحوث يقل عن بقية العاملين من الإداريين، وهذا يتطلب تأهيل الباحثين في مراكز الدولة ومؤسساتها وجامعاتها بإيفاد بعضهم إلى الخارج لفترة تدريبية مناسبة، مع ضرورة امتلاك ناصية اللغة الإنجليزية وإنشاء جسم يعمل على التنسيق بين رئاسة الجمهورية والوزارات والأجهزة ذات العلاقة لتحديد قضايا مجال الدراسات والبحوث والتقييم الدوري للعمل ومخرجات المراكز بما يعين على توجيد العمل باستمرار.
ولفتت الباحثة ريان خليل ـ باحثة في مركز تحليل النزاعات ودراسات السلام ـ إلى تحديات سياسية تتمثل في عدم الثقة في هيئة البحث الوطنية خاصة بين المراكز الخاصة أو المستقلة، والمؤسسات الرسمية في الدولة وتحديات اقتصادية، وركزت على ضعف مشاركة القطاع الخاص في دعم البحث العلمي بسبب اعتماده على الخارج، سواء كان في استيراد التقنية أو معالجة المشاكل التي تواجهه، وأمنية تتمثل في غياب أنظمة قانونية وتشريعية لتداول المعلومات وحمايتها، مما فرض قيوداً عليها وحد من حرية الوصول إليها، واجتماعية تتمثل في انعدام الثقافة البحثية في المجتمع وغياب معرفتها بأهميتها واعتبارها ترفاً علمياً مع الحذر من الأفكار الجديدة التي تواجه مراكز البحوث، وطالبت بإنشاء دليل للبحث العلمي في السودان لتفريغ الباحثين ورفع قدراتهم وتحفيزهم نفسياً ومادياً حتى يتفرغوا للبحث العلمي بدلاً عن البحث عن مصادر مالية أخرى، مع تهيئة البيئة العامة بمراكز البحوث وتوفير التقنيات الحديثة والمصادر العلمية المختلفة.
وأجملت الورقة التي قدمها د.راشد التجاني ـ مدير مركز تحليل النزاعات ودراسات السلام بالإسلامية ـ والتي أتت بعنوان (تجاوز القدرة في مراكز الأمة بقوة الفكرة والجودة والهندرة دراسة في تجربة المركز)، مكامن مشاكل مراكز البحوث في ضعف القدرة على التمويل وغياب القطاع الخاص عن المساهمة وعدم وجود إستراتيجية للتسويق وندرة الباحثين وضعف القدرة على التواصل والتنسيق والابتكار والتطوير والتنظيم والإدارة، بالإضافة إلى ضعف التخصص والموضوعية والقدرة على الاستقلالية.
وناشدت الورقة بوضع قواعد تشريعية لنشأة المراكز البحثية وإنشاء هيئة داخل الدولة بتشريع خاص ضمن البنية التشريعية للمراكز تتولى الإشراف وتوسيعها، وتقديم بدائل وطنية مناسبة تغني المراكز عن طرق الأبواب الأجنبية أو تدفعهم لصد من يطرق أبوابها منها.
وخلص المؤتمر إلى ضرورة تكوين منظمة وقفية بحثية تتبناها الجامعات وتتبع للمجتمع وليست الحكومة، واستصحاب العلماء في اتخاذ القرارات لتحقيق الاستقرار المنشود وفقاً لحقائق إقليمية وداخلية تتعلق بالسياسة والاقتصاد والأمن والمجتمع، مع توفير المعرفة وتخصيص ميزانية مالية خاصة بالإنفاق على مراكز الأبحاث بغرض تطويرها وتشجيع البحوث الجماعية ونشر ثقافة الجودة الشاملة.
الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى