حوارات

السر قدور: المشكلة شنو لو دعمت المؤتمر الوطني؟!.. لم يجدوا في “البرتقال” عيباً قالوا أحمر الخدين!!

 

**  يحظى السر قدور، بقوة الذاكرة وفن الحكي، كيف لا وهو درامي معتق وشاعر كبير يحول المشاعر إلى كلمات، ويجعل للأفكار سيقانا، لكن ما يجذب الأنظار إليه أكثر هو جرأة وبساطة غير معتادة في علاقة المبدعين مع دهاليز السياسة، فقدور الذي يقدم البرنامج الأشهر (أغاني وأغاني)، لا يخشى تداعيات اعترافه بدعم (لا محدود) لحزب المؤتمر الوطني قبل أن يبرر موقفه ذاك ساخرا: “لم يجدوا في البرتقال عيبا فقالوا أحمر الخدين”

ولا يتوخى (السر) الحذر في إذاعة أسرار لأول مرة عن عودته مع زعيم حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي في عملية (تفلحون) في العام 2000م، ويستعيد تلك الذكرى بفخر قبل أن يقول بثقة فارطة: “أنا أنصاري ابن أنصار” وبدأت حياتي في جريدة حزب الأمة.

ويرسل السر قدور رسائل ناقدة تجاه الممثلين السودانيين ويقول برنة حسرة وكلمات قاطعة: “لا يوجد ممثلون في السودان وفن التمثيل الحقيقي انتهى”.

وبشأن البرنامج الرمضاني الأشهر على شاشات الفضائيات بالسودان “أغاني وأغاني” يلمح إلى أن البرنامج محسود ومستهدف والنقد لا تطلق سهامه لا في اتجاه البرنامج ولكن للأشخاص: “ما عارف ليه”؟

تجولت (اليوم التالي) في بستان النجم المتعدد المواهب الذي بلغت سطوته أن تحولت ضحكته الأسطورية إلى (رنة موبايل) بجانب تعليقاته الشهيرة لساعة أو يزيد وخرجت بهذه الحصيلة.. وإلى التفاصيل:

  • حدثنا عن أغاني وأغاني نسخة رمضان المقبل؟

في هذا العام نواصل المشوار بتركيز على أدائيات الغناء السوداني بمناسبة مرور مائة عام لبداية هذا اللون من الغناء الذي بدأ سنة 1919م مع محمد أحمد سرور وإبراهيم العبادي، ونقدم أدائيات كل الرواد سرور وكرومة والأمين برهان وعبد الله الماحي وعمر البنا وعبد الرحمن الريح وغيرهم، ثم مدرسة الموسيقي ونقدم إبراهيم الكاشف والتاج مصطفى وحسن عطية وعثمان حسين، وأجيال محمد وردي وإبراهيم عوض وعبد الكريم الكابلي كل هؤلاء النجوم نفرد لهم مساحة لتقديم أدائياتهم، ونقدم عددا من المبدعين، جلسة للفنان الكبير عبد الله الماحي وهو أول من سجل أسطوانة في السودان، والفنان محمد الحويج من الذين درسوا الموسيقى في القاهرة وأسس ثلاثي العاصمة، وهناك حلقة عن الفنان رمضان زايد الذي لديه لونية خاصة، وجلستان مع عبد العال السيد بمشاركة الفنانين كمال ترباس وطه سليمان والهادي الجبل، إضافة إلى حلقة مع عبد الوهاب هلاوي والماحي سليمان، وحلقة عن رواد التلحين في السودان.

  • لماذا لم تستطع القفز فوق الموسمية، وهل لأسباب خاصة تتعلق بك أم بالقنوات في السودان؟

منذ ظهوري عبر القنوات الفضائية قبل ستين عاما كنت أشارك في برامج ومسلسلات في رمضان الأمر ليس بالجديد وليست له علاقة بالموسمية وأنا تاريخيا كانت أعمالي كلها تبث في رمضان كبرنامج (حكايات قبل المدفع) و(مقامات الشيخ عجيب) و(شعبان الأكول) وغيرها العديد من البرامج.

  • هل تلقيت عروض من قنوات أخرى؟

في الحقيقة نعم سبق وأن تلقيت عروضا مغرية من بعض القنوات، ولكني رفضت لأنني متمسك بالنيل الأزرق القناة الأعلى مشاهدة وجمهوري مرتبط بها.

  • يقال إنك تحظى بمعاملة الملوك عند تسجيل أغاني وأغاني؟

أنا أعامل معاملة عادية زيي وزي أي زول بقدم برنامج وليس هناك تعامل ملكي ولا يحزنون.

  • أنت وطاقم القناة تأخذون نصيب الأسد من عائدات البرنامج وتعطون للمطربين الفتات؟

ضحك ضحكته المميزة، وقال: إلا كان قاصدين “الأسد” بتاع سوريا.

  • هل العائد المال هو هدفك من البرنامج؟

بالطبع لا.. “عشان أعمل بيه شنو بعد العمر ده”

  • إذا قامت القناة بتخفيض أجرك فكيف ستتعامل؟

أنا لا أخذ أجرا.

  • كيف لا تأخذ أجرا؟

أنال جائزة، والجائزة التي يعطونني لها سأقبلها أي كانت.

  • البرنامج كثير الحكاوي مافيه درجة ضبط عالية من الموثوقية.. ما ردك؟

هذا جزء من الحرب ضد البرنامج، وأنا من أوثق لتلك الأحداث والحكاوي التى عاصرتها.

  • ما حقيقة أن العلاقات الشخصية هي المعيار لاختيار المشاركين من المطربين في برنامجك ذائع الصيت (أغاني وأغاني)؟

القدره على الأداء الجيد هي المعيار إن كان الفنان قادرا على الغناء للفنان ابراهيم الكاشف وشرحبيل أحمد، وفي نفس الوقت يمكنه أن يغني لكرومة ويغني لمحمد وردي أو الانتقال من اداء إلى اداء بنفس القدرة ، وهناك فنانون يجيدون أغنيات إبراهيم عوض ولكن لا يستطيعون الغناء للكاشف، نحتاج إلى مطرب صاحب صوت جميل وله القدرة على أداء جميع ألوان الغناء، وهذا هو المعيار الأساسي للاختيار، وعاصم البنا يمتلك قدره هائلة على الأداء في كل الاتجاهات وأيضا جمال فرفور يستطيع أن يغني غناء الحقيبة والكاشف والجاز.

  • يقول بعض النقاد إن البرنامج يعتمد على المجاملات؟

إدارة القناة وفريق البرنامج لا يجاملان في الشأن العام ونحن في النهاية نقدم للجمهور وهو الحكم، ومن يروجون بأننا نجامل في الاختيارات يهدفون إلى الطعن في موهبة هؤلاء المطربين لا أكثر.

  • هل يتدخل الرعاة في اختيار الفنانين؟

إطلاقا؛ لم يحدث أن تدخلت تلك الشركات بفرض اسم بعينه، والاختيار يتم عبر لجنة القناة ولا أحد يتدخل في ذلك.

  • البعض يقول إن البرنامج يفترض أن يسمى (مع السر قدور)؟

لا أبدا.. الاسم جميل ومناسب ولا داعي لتغييره وبالمناسبة الاسم اختاره الرجل الرائع الشفيع عبد العزيز وأعتقد أنه كان موفقا فيه.. (يضحك ضحكته الشهيرة).

  • المشادات والمشاحنات أو الغيرة بين المشاركين في البرنامج كيف تتعاملون معها؟

ليست هناك مشاكل وكل ما يحدث أشياء عادية وبسيطة تحدث بين الزملاء، وليست بالشيء الضخم كما يصوره البعض.

  • البرنامج ركز على الأغنيات الأمدرمانية وأهمل المكونات السودانية الأخرى؟

أم درمان ليست قبيلة بل حاضنة لكل مكونات المجتمع ومنها بدأت حركة الغناء عبر مجهودات الرواد الذين استفادوا من المديح في الغناء وهي المدينة التي جاء إليها الفنانون الكبار في الساحة من مختلف أنحاء السودان وشكلت الوجدان القومي ونحن في (أغاني وأغاني) نهدف لنشر الأغنية القومية التى يجتمع عليها الناس كافة وغناء القبائل والمكونات محلها في مناطقها هناك.

  • الانتقادات التي ظلت هيئة علماء السودان ورجال الدين توجهها كل عام لبرنامج (أغاني وأغاني)؟

نحن نقدم غناء لا يمس الأخلاق ومشاعر الإنسان إذا كان في رمضان أو غيره، وبالمناسبة سبق أن دعانا الراحل زعيم الإخوان المسلمين صادق عبد الله عبد الماجد إلى منزله وذهبنا أنا والمطرب طه سليمان أشاد بالبرنامج وقدم لنا ملاحظات وطالبنا بتقديم الغناء الرفيع وأكد على أهمية الغناء في حياة الإنسان وهذا الكلام حقيقي ويمكن أن تسألوا ابن أخت الراحل وسيؤكده لكم، وأيضا استضافني دكتور الصافي جعفر في منزل السفير السوداني وأشاد بالبرنامج ودوره في خدمة الثقافة الفنية وكذلك سمعت كلاما طيبا من الدكتور الزبير محمد الحسن (الأمين العام للحركة الإسلامية) في جلسة بنادي الشرطة وأثنى على ما نقدمه من عمل فني جميل.

  • يعتقد أن برنامجك واحد من الأذرع الإعلامية الداعمة للمؤتمر الوطني إلى أي مدى هذا التفسير صحيح؟

ما هي المشكلة إذا كنا ندعم المؤتمر الوطني وهو مالو وهل نحن نقدم غناء خاصا بالحزب أم غناء قوميا؟، لم يجدوا في البرتقال عيبا وقالوا هذا أحمر الخدين.

  • هل واجهتكم ضغوط من الحكومة؟

لا أبدا (نحنا مبسوطين جدا) والدولة تدعم الفن ومقدرة لدور الفن، ومن يقولون ذلك يريدون أن يصوروا بأن الدولة ضد الفن وأنا أؤكد أن الدولة السودانية في كل العصور كانت داعمة للفن.

  • ثمة تهمة موجهه إليك بأنك ديكتاتور وتحب السيطرة والتسلط؟

أنا رجل ديمقراطي وأقبل النقاش ولم أدّع يوما بأن البرنامج ملك لي.

  • في أي موقف بكى قدور؟

أبكي عندما أتذكر من رحلوا عن دنيانا.

  • متى تغضب؟

من تكرار الخطأ.

  • هل لتعثر النشاط المسرحي أسباب اقتصادية أم سياسية؟

لم يعد هناك ممثلون وفن التمثيل الحقيقي انتهى وأصبح الفنان مهتما بالنص الكلامي ولا يوجد تقييم للممثل وأصبح الاهتمام بالمعنى والفكرة أكثر من الممثل لذلك توارى المسرح ولكن هناك بعض الإشرقات كمحمد نعيم سعد وفرقته هؤلاء ممثلون حقيقيون، المسرح يأتي بالقروش، ولكن عموما السودان مليئ بالنصوص المسرحية ولكن تنقصه البنى التحتية والاهتمام بالممثل ذات نفسه.

  • المسرحيون يشكون لطوب الأرض من ضرائب باهظة على دور العرض؟

المسرح ليس حصريا على الخرطوم لأنها لديها ما يلهيها عن ذلك، عندما يكون في الولايات الوالي يمنح المسارح مجانا، لكن كيف يتحرك الممثلون.

  • هل من الضرورة للمسرحي أن يعبر عن السياسة؟

عليه أن يكون قريبا من الإنسان لأن لديه مشاعر وأحاسيس، ودخول المسرح في العمل السياسي خرج به عن معناه، عادي أي إنسان يكون له انتماء سياسي (متعصب كمان) لكن من الأوفق أن لا يغني لحزبه لأن الجمهور انتماءات مختلفة، وإن أراد أحد الغناء لحزبه فليذهب إلى دار الحزب.

  • كثيرون يعتقدون أن الدولة تحارب الفنون.. هل تتفق معي؟

مين قال كدا؟، الدولة تدعم الفنون عبر بوابة وزارة الثقافة والإعلام وأيضا تقوم بهذه الدور مؤسسات (أروقة) و(اتحادي الفنانين والشعراء واتحاد المهن الفنية).

  • أنت كثير الجلوس مع السياسيين أيهم أكثر طربا للغناء؟

كلهم بحبون الفن ويستمعون له، الرئيس الراحل جعفر نميري مشهور بحبه للغناء وخاصة البلابل وعبد العزيز محمد داود واذكر انه قد احتفل بأمير العود حسن عطية عندما كان قائدا لحامية توريت 1960م وقد حضرت ذلك الحفل مع أستاذي عبد الله رجب صاحب جريدة الصراحة، أما الإمام السيد الصادق المهدي فهو عاشق لحقيبة الفن وأكثرها (محاسن حسن الطبيعة) للشاعر إبراهيم العبادي و(قسم بي محيك البدري) للشاعر صالح عبد السيد أبو صلاح، أما السيد الرئيس عمر البشير فهو شديد الاهتمام بالغناء الشعبي والحماسة ويهتم بأهل الفن وأذكر أنه في إحدى مناسبات رمضان جمع أهل الفن في منزله في حفل إفطار وقدمنا نموذجا من (أغاني وأغاني) وتغنى فيها عدد من المطربين من بينهم كمال ترباس. وأنا متأكد أن جميع أهل الفن يدعمون ترشيحه للفترة الرئاسية الجديدة.

  • في أي عهد ازدهرت الفنون ولماذا؟

فترة الستينيات قبل أكتوبر.. كانت فترة هائله جدا.. أيام الرئيس عبود.

  • أنت جلست في مصر لسنوات طويلة ولم تعد، لماذا اخترت الرجوع مع الصادق المهدي في طائرة واحدة في عملية (تفحلون)؟ هل كانت صدفة أم مدبرة؟

لا والله.. أنا ذهبت لوداعه وقال لي إلا تمشي معاي وطوالي وافقت، وأنا كنت مسؤول مكتب الإعلام بحزب الأمة في القاهرة، وبدأت حياتي في جريدة حزب الأمة وأنا أنصاري بن أنصار، ولدي كلام كثير في هذا الموضوع، أبناء الأنصار والختمية لا يحبون الظهور في عالم السياسة كثيرا لكن تظل علاقتهم قائمة.

  • كيف بدأت علاقتك مع الصادق المهدي؟

بعد أكتوبر بعدما تولى رئاسة الحزب، وجمعنا الحزب هو الرئيس ونحن شباب الحزب.

  • بإيجاز صف لنا الصادق المهدي من خلال معرفتك به؟

رجل حبوب وديمقراطي ويستمع إليك اقتنع أم لم يقتنع هذا أمر آخر ولا يزعل من النقد.

  • ما الأشياء التي تفتقدها في مصر وأنت في السودان والعكس؟

أحمل السودان معي في كل مكان وحتى الآن أتحدث بالعامية السودانية، وعندما أكون في السودان أفتقد زوجتي وبناتي.

* رغم إقامتك لسنوات طويلة بمصر ما زال الفن السوداني في ركن قصي؟

في عام 1974م جلست مع فؤاد عمر لإعادة تصنيف الاستماع للأغنيات السودانية عملية خمسة شهور نضع كل أغنية وشاعرها وتاريخها أغنيات لم تكن موجوده في الإذاعة السودانية، أكثر من ثلاثة آلاف أغنية، وفي ركن السودان قدمت عددا من البرامج الغنائية (حكايات الأغاني وأغنيات على النيل) وهذا جعل لي اهتماما أكبر بالغناء السوداني، بجانب أعمال مسرحية منها (أنا والمدام وصور ملونة ومغامرات قمر الزمان). وشاركت في تمثيليات الطيب صالح كعرس الزين ونخلة على الجدول ومريود.

* هل السلم الخماسي واللجهة سبب في عدم وصول الأغنية السودانية للخارج؟

المشكلة في أن اقتصاديات الفن السوداني ضعيفة، الأغنية السودانية عالمية مسموعة عند العرب والأفارقة ومسموعة في أمريكا، الموصلي أقام حفلات ناجحة في أمريكا وأبو عركي وود الأمين أيضا، نحتاج أن ننفق على السينما لإيصال الغناء والفن السوداني كما فعل الهنود.

 

حاورته: سارة المنا

الخرطوم (اليوم التالي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى