تحقيقات وتقارير

لماذا في سواكن.. (أكبر ميناء أفريقي)

قرأتُ مثل غيري خبراً مفرحاً، عن تمويل قطري لإنشاء أكبر ميناء في أفريقيا.. في “سواكن”.. 4 مليارات دولار بشراكة 51% للسودان و49% لدولة قطر..

لكني استسمحكم أن أشرككم معي في أسئلة تحيرني للغاية..

حسناً؛ التمويل الحاتمي من دولة قطر أمر يسرنا للغاية، لأننا في حاجة ماسة لتطوير واجهتنا التجارية على شواطئ البحر الأحمر.. لكن ألا يبدو غريباً أن نفاجأ بالتمويل الفخيم، دون أن نسمع على الإطلاق بالمشروع نفسه.. فحتى لحظة توقيع الاتفاق بين الدولتين وإشهاره رسمياً في الإعلام لم نسمع على الإطلاق بمشروع لإنشاء (أكبر ميناء أفريقي) في “سواكن”.. فكأني بالتمويل جاء أولاً ليبحث عن مشروع لاحقاً.. فيبدو الأمر مربكاً ليس لرجل الشارع العادي بل حتى للمختصين الذين بالضرورة، يجدر أن يكونوا على إلمام بدراسات ولو مبدئية لمشروع (أكبر ميناء أفريقي) في سواكن.. قبل أن يسمعوا بتوقيع اتفاقية الشراكة والتمويل..

ومبدأ حيرتي في الأمر.. أنَّ اختيار منطقة “سواكن” لتكون (أكبر ميناء أفريقي) تفجر أسئلة فنية مهمة.. هل هناك دراسات فنية تؤكد أنَّ المنطقة تحتمل مثل هذا الميناء؟ خاصة أنَّ المستعمر البريطاني الذي وجد “سواكن” ميناء تجارياً مهماً بمقاييس عصره ومطلوبات التجارة وحركة نقل الركاب في زمنه.. أدرك أنه لا يصلح لمواجهة مطلوبات المستقبل فأسس ميناء بورتسودان في مكانه الحالي.. ليستوعب حركة التجارة مهما توسعت في المستقبل.. وعلى أساس ذلك مددت السكك الحديدية وتأسست مدينة كبرى في حجم بورتسودان..

ثم سؤال آخر مهم.. “سواكن” مدينة سياحية وتاريخية، ألا يمسخ (أكبر ميناء أفريقي) هذه الميزة ويحولها إلى منطقة مزدحمة بالواردات والصادرات، تتناقض تماماً مع استثمارها السياحي.. الذي يتطلب نوعاً من الهدوء والجمال المرتبط بسعة فضاءات الطبيعة التي لا يشوهها الازدحام، والحركة العالية للبضائع ووسائط النقل..

ثم السؤال المحوري التلقائي.. لماذا لا تكون بورتسودان (أكبر ميناء أفريقي) وهي الأكثر تأهيلاً لهذا.. تملك شواطئ طويلة قابلة للتطوير.. ومدينة جاهزة بموانئها وسكانها ومطارها وخطوط السكك الحديدية.. لماذا نقتل بورتسودان لصالح “سواكن”؟

ثم.. أنَّ (أكبر ميناء أفريقي) في “سواكن” يكون أشبه بـ فم كبير يفتح على حلق ضيق صغير.. مهما التهم من طعام سيصعب تمريره إلى الداخل.. لأنَّ حجم النقل من وإلى داخل السودان لا يرتقي إلى مقام (أكبر ميناء أفريقي)، فيحتاج هو الآخر -حسب عثمان ميرغني صحيفة التيار –  إلى خطة مليارية دولارية بذات الترف لينسجم الميناء مع شرايين وأوردة باقي الجسم..

أخشى أن تكون بعض المشروعات مجرد إلهام يسقط على رؤوس المسؤولين.. مثلما تسقط القصيدة على خاطر الشاعر!! فتكون مجرد مشروعات من (وادي عبقر)!!
الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى