أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

عودة قوش للمخابرات السودانية.. ملفات بانتظار الحسم

عادل الباز*
أثار القرار الذي اتخذه الرئيس السوداني عمر البشيرحسب موقع الجزيرة نت الثلاثاء 13فبراير -بداية هذا الأسبوع بإعادة الفريق أول صلاح عبد الله قوش مديرا للمخابرات السودانية جدلا واسعا في الأوساط السياسية السودانية، وشكلت تلك الخطوة مفاجأة للمراقبين؛ إذ تمت إقالة قوش من قمة الجهاز عام 2009 في ظروف غامضة، وما لبثت السلطات أن اتهمته بتدبير انقلاب في 2012، واعتقلته ثمانية أشهر.

كان قوش تولى مسؤولية الأمن الداخلي عام 2000، ثم تولى منصب مدير جهاز الأمن عام 2002، وأصبح مديراً لجهاز الأمن والمخابرات بعد دمج الجهازين عام 2004، إلى أن تمت إقالته في أغسطس/آب 2009.

وعلى الرغم مما حاق بقوش عقب اتهامه بتدبير محاولة الانقلاب، فإن ولاءه للرئيس عمر البشير لم يتزعزع، ومنذ خروجه من المعتقل عام 2013 وانخراطه في العمل السياسي بالبرلمان؛ ظل هو وعلي عثمان محمد طه النائب الأول السابق الداعمين الرئيسيين للرئيس البشير في الانتخابات العامة التي جرت عام 2015، وخاضا معركة شرسة داخل أجهزة المؤتمر الوطني انتهت بإعادة ترشيح البشير، ولا يزالا على ذلك الولاء، وهما يتصدران الآن المشهد داعيين لترشح الرئيس لولاية جديدة.

وأظهر قوش موقفا ثابتا في كل تصريحاته، فلم يتنكر لتاريخه، ويقول في آخر حوار صحفي معه بصحيفة الانتباهة في أغسطس/آب الماضي “لست مثل أولئك الذين لا يعودون ليفكروا في ما صنعوا بأيديهم، ويصبغون عبارات ومواقف غير أخلاقية في إعفاء أنفسهم من جميع التبعات وإلقائها على الآخرين، فهكذا يخفون أنفسهم عن أنفسهم، ولا يعودون ليفكروا في ما صنعوا حتى تبدو ذواتهم بريئة ومظلومة، ويكاد يكون هذا هو التوقف عن رؤية الذات.. لست كذلك فأنا مليء باليقين الذي لا يتزعزع بشراكتي الأصيلة للإنقاذ يصيبني ما أصابها إنجازاً أو إخفاقاً”.

وجاء قرار إعادة تعيين قوش في قيادة جهاز المخابرات في خضم تحديات متعاظمة تواجهها حكومة البشير داخليا وخارجيا، تقف على قمتها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يرزح تحتها الاقتصاد السوداني؛ مما دفع الحكومة لاتخاذ خطوات قاسية أدت إلى تصاعد معدلات التضخم إلى أرقام غير مسبوقة (45%)، إضافة إلى الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها لتشديد قبضتها على عائدات الصادرات السودانية واحتكار تجارة الذهب والسيطرة على السيولة.

بدأ البشير يلوح بمزيد من الإجراءات ضد الفساد، مهددا بمطاردة “القطط السمان حتى تدخل جحورها”، وعودة قوش لدفة القيادة تأتي في إطار تشديد قبضة البشير على الانفلات الذي شهده السوق الموازي للدولار، إذ قارب الخمسين جنيها سودانيا، إضافة إلى حدوث حالة هلع وخوف من انهيار اقتصادي وشيك.
علي عثمان النائب الأول السابق للرئيس السوداني (الجزيرة)

تحدّ داخلي آخر هو الصراع المحتدم داخل الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) بين تيارين، عرف بصراع القطبين (نافع علي نافع وعلي عثمان)، تكشف الصراع بين التيارين بوضوح في اجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني الذي التأم نهاية يناير/كانون الثاني الماضي بالخرطوم، والذي رفض مناقشة مقترح ترشيح البشير في الانتخابات المقبلة، مما اعتبر هزيمة للتيار الذي يقوده علي عثمان المؤيد لترشيح البشير.

وكان ذلك الموقف مؤشرا لخروج الأوضاع داخل الحزب عن سيطرة الرئاسة وجهاز المخابرات على السواء، وكان قوش قد نبّه البشير حين دعاه للسيطرة على الحزب قائلا “إنني أرى مظاهر ليست خافية على كل مراقب، منها أن الشريحة النافذة فيه توقفت عن الحضور السياسي والثقافي، فلا هم أموات سيدفنون، ولا هم أحياء سيبدعون؛ فهم بين بين، لا يودون أن يخسروا شيئاً، ولذا فإنهم لن يكسبوا شيئاً. والسيد الرئيس الذي يدعو إلى النهضة عليه أن يبدأ أولاً من تحت قدميه بالحزب الحاكم ومكتبه القيادي ودوره وأذرع مؤسسته وعقله المفكر ليصل إلى مبتغاه”.

وعودة قوش إلى قيادة جهاز المخابرات تشير إلى أن الأوضاع في الحزب الحاكم لن تستمر كما كانت عليه، وقد تشهد صراعا متصاعدا لا يمكن التنبؤ بمستقبله.

ورغم التحسن الذي طرأ على العلاقات الأميركية السودانية، مما أدى إلى رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان نهاية العام الماضي، فإن هناك أشواطا لا تزال تنتظر، منها رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وكان قوش أول من بدأ التعاون مع الجانب الأميركي عبر وكالة المخابرات الأميركية، الذي لخصه مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عام 2005 لصحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية بالقول إن المعلومات التي وفرتها المخابرات السودانية -التي يترأسها قوش آنذاك- لنظيرتها الأميركية كانت “مهمة، وعملية، ومحدثة”.

وينتظر أن يقود قوش مفاوضات شائكة مع الأجهزة الأميركية، التي لا يزال يتمتع بعلاقات ممتازة معها، لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وهو جزء من أهداف البشير في إعادة قوش لقيادة الجهاز، واعتُبرت الخطوة التي قامت بها واشنطن مؤخرا بدعوة الخرطوم لاجتماع الأفريكوم بمدينة شتوتغارت في أبريل/نيسان الماضي مؤشرا على رغبة الجانب الأميركي في رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.

وسيجد قوش منذ أول يوم نفسه أمام ثلاثة ملفات معقدة، وهي كلها بحاجة لقرارات سريعة في أجواء مضطربة بالجوار الأفريقي والعربي، إضافة إلى توترات وصراعات سياسية داخلية وأزمة اقتصادية تكاد تعصف باستقرار البلاد.

الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى